العدد 4697 - الجمعة 17 يوليو 2015م الموافق 01 شوال 1436هـ

مسلسل «سيلفي»... مواجهة جريئة في «مجتمع محافظ»

أهم مسلسل سعودي هذا الموسم

ناصر القصبي في مسلسل سيلفي
ناصر القصبي في مسلسل سيلفي

الدمام (السعودية) - راجح العلي 

17 يوليو 2015

لن ينسى السعوديون دراما رمضان لهذا العام. حلقات المسلسل السعودي الكوميدي «سيلفي» خالفت المتوقع مفجرة مفاجأة من العيار الثقيل بسلسلة حلقات ساخرة من إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية «داعش». الأمر الذي دفع أتباع التنظيم لتهديد نجم المسلسل الفنان ناصر القصبي من خلال تغريدات تحريضية على موقع تويتر. الحلقات الداعشية كشفت أيضاً عن جرأة غير مسبوقة في الدراما السعودية لتناول موضوع حساس ومثير في فترة حساسة حيث تمكن «تنظيم الدولة» من القيام بعدد من الأعمال الإرهابية داخل السعودية مستهدفا دور عبادة ورجال أمن.

وهو ما يعني اشتباك المسلسل مباشرة مع الحدث الساخن من خلال جرعات درامية ساخرة تم تصويرها في لبنان من خلال كاميرا المخرج العراقي أوس شرقي الذي اظهر قدرة عالية على فهم الشخصية السعودية وكيفية التعامل معها.

دون أن ننسى أن المخرج نفسه هو الذي أخرج العام الماضي على ذات القناة (MBC) البرنامج الكوميدي (واي فاي). الجرأة في «سيلفي» لم تطل فقط إرهاب «الدواعش» بل تناولت بالنقد الساخر التيار الديني من خلال تصوير شخصيات وصولية، كذلك المطرب الذي خسر في مجاله الفني فتحول للإنشاد في الساحة الدينية، بعد أن حطم عوده أمام جمهور التائبين كما يحدث في المخيمات الدعوية داخل السعودية. هذه الحلقة التي كانت افتتاحية المسلسل فجرت غضب التيار المتشدد لدرجة دفعت الشيخ السعودي سعيد بن فروه لأن يعلن في خطبة الجمعة «تكفير القصبي بل ويقذفه بأبشع الكلمات ولعنه، معتبرًا أنَّ قناة (إم بي سي) تنشر الكفر والإلحاد، عبر برامجها».

الدراما الموازية للحلقة اشتعلت في شبكات التواصل عبر كم السباب واللعن الذي طال الفنان السعودي ناصر القصبي إلا أن تغريدة لحساب يزعم انتماءه لتنظيم الدولة الإسلامية تحت اسم «جليبيب الجزراوي» هدد القصبي معلناً «أقسم بالله لتندم يا زنديق ولن يرتاح بال للمجاهدين في الجزيرة حتى يفصلوا رأسك عن جسدك والأيام بيننا». ليرد القصبي عبر حسابه في تيويتر: «حسابي الآن يطفح بالشتامين والمهددين واللاعنين بكل فنون اللعن والتهديد والشتم، فأقول لهم قليلاً من الهدوء ورمضان كريم وترى حنا بأول يوم». الصحافة العالمية تلقت الجدل الذي أثير حول مسلسل «سيلفي» باحتفاء كبير، حيث أشادت صحيفة الديلي ميل البريطانية، بشجاعة ناصر القصبي من خلال تقرير موسع تناول الحلقات الداعشية التي قدمها المسلسل السعودي.

جرأة مسلسل سيلفي لم يقف عند نقد التيار السلفي بل تناول مسألة لأول مرة تطرح في المسلسلات السعودية وهي مسألة الصراع الطائفي من خلال تصوير حكاية تدور بين سعوديين يلتقيان في مطار ويكتشفان أنهما ذاهبان على ذات الرحلة، وعندما يتعرف كل واحد منهما على اسم وهوية الآخر يتغير تعاملهما مع بعض، ويبدآن خوض مهاتراتٍ مذهبية تنتهي بعراك بالأيدي داخل الطائرة إلى أن يتم ايقافهما من قبل شرطة المطار وفي التحقيق يكتشف المحققون أن الخلاف حول شخصيتين اسلاميتين قبل أكثر من 1400 سنة. وفضلاً عن أن فكرة الحلقة مقتبسة من حديث للمفكر العراقي علي الوردي حول قصة مشابهة حدثت في أميركا، إلا أن منتج المسلسل القصبي وكاتب الحلقة خلف الحربي وفقا في انتهاك الصمت المحيط حول قضية الخلاف المذهبي وخاصة في وقت تعيش المنطقة اقتتالاً وتخلفا طائفيا مقيتا. أصداء الحلقة في شبكات التواصل كانت خلافا للمتوقع.

حيث رحب العقلاء بالحلقة وبسخريتها اللاذعة من الجهل الطائفي المتفشي بين أوساط كثيرة ومنها حتى البعيدين عن التدين!. غير أن الجرأة لم تنتهِ عند هذا الحد، بل ذهبت لما هو اجتماعي من خلال حلقة (مخالب ناعمة) عن قصة ابتزاز فتاة (جسدت شخصيتها شيلاء سبت) لإعلامي بارز (ناصر القصبي) في الحلقة التي لقيت بعض الاعتراض وخصوصا أن الحلقة تبث في وقت تكون أغلب الأسر السعودية أمام التلفزيون. هذه إذًا أبرز الحلقات الجريئة في سلفي ناصر القصبي.. ولكن من أين جاء القصبي بهذا الجرأة ولماذا يستمر في ضرب التابوهات في أعماله التلفزيونية. الحكاية بلاشك بدأت منذ منتصف التسعينيات عندما أطلق الفنان ناصر القصبي بصحبة زميله عبدالله السدحان المسلسل السعودي الشهير (طاش ما طاش) وبدأ من خلال الحلقات بتناول موضوعات شائكة تمس المجتمع وتنتقد التيار الديني في السعودية. الأمر الذي دفع أكبر سلطة دينية رسمية في السعودية بأن تفتي بحرمة مشاهدة المسلسل «لسخريته من أهل الخير والصلاح».

إلا أن ناصر القصبي استمر بوعيه الثقافي معتقدا بأن المسلسل والدراما هي جزء من الحراك الثقافي والاجتماعي العام وهو ما استمر في تكريسه من خلال مسلسل سيلفي هذا العام. إذ إن المتابع لمجمل الأعمال الرمضانية الخليجية سيلاحظ ابتعادها عن المساس بالقضايا الحساسة التي يعيشها المجتمع الخليجي وفي مقدمتها الإرهاب وانتشار التطرف والطائفية وهو مالم يفوته نجم سيلفي، ولكن بشجاعة وذكاء وحكمة. غير أن نجاح حلقات سيلفي جماهيريا عبر مشاركة نجوم الكوميديا لا يعني خلو المسلسل من هنات وضعف فني في بعض جوانبه. وخصوصا من حيث خلو الحلقات من المعالجة الدارمية كما رأى كاتب درامي سعودي. إذ لم تكن الحلقات جميعها بذات السوية. حيث سبب بعض الحلقات خيبة أمل للجمهور كونها وقعت في مشكلة ضعف البناء الدرامي وسوء اختيار الموضوع، إلا أن هذا لم يمنع أبدا من مواظبة الجمهور على متابعة مسلسل سيلفي إلى نهايته.

العدد 4697 - الجمعة 17 يوليو 2015م الموافق 01 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً