عبّر خطيب جامع كرزكان الكبير الشيخ عيسى عيد، في خطبته أمس الجمعة (17 يوليو/ تموز 2015)، عن أمله في أن « تجتمع جميع الأطراف البحرينية من الحكومة وجميع مكونات المعارضة ومكونات الشعب، بعد أن تتخذ السلطة الخطوات المقدمية والمهيأة لمثل هذه الخطوة الكبيرة، وتبدأ في مد جسور الثقة بين الشعب والحكومة، بإزالة جميع المعوقات والمفرقات بين أبناء البلد الواحد والشعب الواحد، وبغير ذلك قد يكون من الصعوبة إنهاء الأزمة والوصول إلى حلول توافقية تكون مراضاة للجميع وتحقق مطالب الجميع» .
وتحت عنوان «الاتفاق النووي»، قال عيد: «نبارك للعالم أجمع ولدول الخمس زائد واحد، وللجمهورية الإسلامية في إيران، ولدول المنطقة الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية في إيران ودول خمسة زائد واحد، ونأمل أن يكون هذا الاتفاق رائداً وقدوة و برنامجاً فاعلاً في التخلص من كل المشاكل العالقة في العالم سواء بين الدول في العالم أو بين الحكومات وشعوبها، نعم الاتفاق الذي أنجى العالم من الحروب والدمار والويلات، هكذا يصنع العقل والحكمة والمنطق ما تعجز عن صنعه الطائرات الحربية والمدافع والرشاشات والقاذفات والدروع الحربية، وهكذا انتصر العقل والمنطق وانتصرت الحكمة على منطق الحرب وانتصرت الحقيقة على منطق التعصب وعدم قبول الحق وانتصرت مراعاة المصلحة العامة ومراعاة مصلحة البلد على منطق القوة المادية، هكذا استطاع العقل والحكمة والمنطق السليم الذي خلق الحوار في تحقيق المعجز أو المستحيل كما يبدو لكثير من الناس والدول، بل كما يبدو حتى للبلدان المتحاورة وفي تحقيق قياسي نوعاً ما، نعم استطاع الحوار أن يحقق ما تعجز عن تحقيقه القوة والحروب ولو لزمن طويل، هكذا تستطيع النوايا الصادقة والإرادات الجادة في صنع المستحيلات وفي تذليل المواقف الصعبة وحل المسائل الكبيرة وتفكيك المشاكل المتشابكة وتقريب القلوب المتباعدة، وهكذا تستطيع النوايا الصادقة والإرادات الجادة ويستطيع منطق العقل والحوار والحكمة ومراعاة مصلحة البلد، أن تقرب بين الشرق والغرب الذين يعيشان العداوة منذ عقود من الزمن، وأن تجد في عدوك اللدود فرصة للتقارب منه وإنهاء عداوته وخصومته».
وأضاف «ليس من السهل صنع هذا الاتفاق وهذا التقارب بين الخصوم، لولا النوايا الصادقة والإرادات الجدية وتحكيم مصلحة بلدان المتحاورين، لهذا لا يمكن تحديد من هو المنتصر الأوحد في هذا الاتفاق، ويصعب أن تقول هناك منتصر ومهزوم في هذه المعركة العقلية والمنطقية والحكمية وإن كان بعض الأطراف حقق مكاسب أكثر واعتبارات أكثر ونقاط فوز أكثر من الأطراف الأخرى إلا أن المنتصر في النهاية هو الجميع. هو العقل هو الحكمة هو المنطق السليم هو الحوار الجاد والنوايا الصادقة والإرادات الجادة، حيث حاول كل طرف أن يحفظ مصالح بلده، و يبقي على اعتباراتها العالمية والدولية، ولو لم تكن الأطراف قد استطاعت أن تهزم الأهواء الشخصية وتتغلب على الأنانيات المقيتة والعزة بالإثم والمصالح الذاتية والشخصية وتُحَكِم المصالح العامة للبلدان لما حصل هذا الاتفاق الذي يعتبر أماناً للعالم ولبلدان المنطقة جميعاً من الوقوع في الأزمات والحروب المدمرة لا سمح الله».
تابع عيد «من هنا ينبغي أن يتخذ من هذا التوافق الدروس والعبر من أن الخلافات والاختلافات السياسية والأمنية سواء كانت بين البلدان أو بين الحكومات وشعوبها سبيل حلها الأسرع والأسلم، هو الحوار القائم على النوايا الصادقة، والنوايا الحقيقية، وتقديم الصالح العام فوق كل شيء، ومن ناحية ثانية أو الدرس الثاني هو أن الحوار الناجح هو الحوار الذي يجمع جميع أطراف المشكلة الرئيسيين والذين يعتبرون أهل الحل والعقد في البلد، والذين يمثلون كل الأطراف المؤثرة في حل المشكلة، وعدم استثناء أي طرف له علاقة قوية بالمشكلة، لأن الحلول بدون ذلك تأتي ناقصة وغير مستوعبة للمشكلة، وهذا ما نؤمله بالنسبة للمشكلة القائمة في بلدنا الحبيب البحرين، حيث نأمل أن تجتمع جميع الأطراف من الحكومة وجميع مكونات المعارضة ومكونات الشعب، بعد أن تتخذ السلطة الخطوات المقدمية والمهيأة لمثل هذه الخطوة الكبيرة، وتبدأ في مد جسور الثقة بين الشعب والحكومة، بإزالة جميع المعوقات والمفرقات بين أبناء البلد الواحد والشعب الواحد، وبغير ذلك قد يكون من الصعوبة إنهاء الأزمة والوصول إلى حلول توافقية تكون مراضاة للجميع وتحقق مطالب الجميع» .
وفي موضوع آخر، بعنوان «ماذا استفدنا من شهر رمضان؟»، قال عيد: «يجب علينا أن نحاسب أنفسنا، لنقول لها ما هي حصيلة هذا الموسم الرمضاني، وما هو مقدار ربحنا أو خسارتنا خلال هذا الموسم؟، والإجابة معروفة إما أن نكون قد ربحنا، أو لم نربح. فاحتمالان لا ثالث لهما».
وتابع قائلاً: «لنبدأ بالأصعب من الاحتمالين: الاحتمال الأول: أننا لم نربح شيئاً «الخسارة»، وحالاتنا على هذا الاحتمال واحدة من أربع حالات: الأولى: أن ندخل شهر رمضان بمستوى معين من الإيمان والأخلاق والوعي والعطاء، ونخرج بنفس المستوى في آخر الشهر، ولا شك أن عدم استفادة شيء خلال هذا الشهر الفضيل يعد خسارة كبيرة، الثانية: أن ندخل الشهر الفضيل ونحن على نسبة بسيطة جداً من الإيمان تكاد تكون معدومة، أو معدومة تماماً، و نخرج من هذا الشهر الفضيل من دون أن يتغير واقعنا الإيماني والأخلاقي والتوعوي، وأي خسارة أكبر من هذه الخسارة، الثالثة: أن ندخل شهر رمضان بمستوى معين من الإيمان والأخلاق والوعي والعطاء والسلوك، ونخرج منه بمستوى منخفض عن ما كنا عليه عند دخولنا الشهر، أي بدل أن نزداد إيماناً وتقوى ووعي وعطاء وسلوك، ينخفض ويتقلص مستوانا وربما كان الانخفاض كثيراً، الرابعة: أن ندخل هذا الشهر الفضيل ونحن على مستوى من الإيمان والوعي والأخلاق والسلوك والعطاء، ونخرج وقد فقدنا كل شيء، ولا شك أن هذه الحالة أسوء الحالات، وعلى هذا تكون نتيجتنا الخاسرة الموبقة والندامة التي لا تنفع الإنسان بشيء ما لم يتعقبها العمل والتدارك والشقاء، فإذا كانت نتيجة حساباتنا هي الخسارة كما في هذا الاحتمال، فلا بد من التدارك فيما بعد، فإن الفرصة مازالت باقية فإن الله تبارك و تعالى يعتق ليلة العيد بقدر ما أعتق في الشهر كله، الاحتمال الثاني: أن نكون نربح ربحاً قليلاً، لا يكون على المستوى المطلوب إلا أن هذا الاحتمال أفضل من الأول، إلاّ أنه ينبغي أن يدفعنا هذا المقدار من الربح، إلى أن لا نقبل ونرضى بهذا المقدار ونقنع به بل لا بد أن يدفعنا إلى تلويم أنفسنا وإعادة حساباتنا وتقوية عزائمنا واستنفار طاقاتنا لمواصلة الطريق في هذا الساعات القليلة المتبقية من شهر رمضان المبارك، متخذين من بعض الآيات القرآنية دافعاً لنا لتعويض من فاتنا من الفوائد الروحية و الأخلاقية والاجتماعية وغيرها».
العدد 4697 - الجمعة 17 يوليو 2015م الموافق 01 شوال 1436هـ
طالما بريطانيا وأمريكا تقلق فلا حل للأزمة البحرينية
وإذا توقفت عن القلق ورفعت نظارتها بتنحل الأزمة السياسية