أنهيت مقال يوم الاثنين الماضي بالقول، لا عيد حقيقياً لأيٍّ منا ما لم يشارك كلٌّ منا عيده، أولئك الذين سيكون عيدهم ناقصاً ما لم يتم الالتفات إليهم من قبل القادرين على القيام بمسئوليتهم. وبيننا وبين العيد يوم أو أقل من يوم. في العيد يتجاوز الإنسان ما ينغص عليه، أو يحاول ذلك. يريد كلٌّ منا للعيد أن يكون كاملاً؛ كاملاً بمعنى أن يعيش كل لحظاته، وأن لا يترك ما يحول بينه وبين الاستمتاع بتلك المناسبة. سيكون ناقصاً، إن حدث ذلك. وسيكون ناقصاً أكثر حين لا يشعر بمن حوله. وسيكون ناقصاً حين يظل متمسكاً بخلافاته، ومشكلاته مع الآخرين. وسيكون ناقصاً إن لم يمتلك الشجاعة للاعتذار عمن أساء إليهم.
لا أحد يريد لأعياده أن تكون ناقصة، لأن ذلك سيمس داخله، وسيكون في الحشر أكثر من كونه في العيد. وستكون الأعياد كذلك حين لا يرى أحدنا من حوله، ممن هم أقل قدرةً ومستوى في تدبير شئون حياتهم، وما يدخل فيها من تفاصيل.
نعم، ليس شرطاً أن ننتظر أعياداً تمنحنا فرصة إعادة النظر في مواقفنا وعلاقاتنا وأخطائنا واندفاعنا المجنون في كثير من الأحيان. يمكن لنا أن نقيم أعياداً بتلك المواقف، وبتلك الخيارات. نقيم أعياداً تمنحنا فرصة التصالح مع أنفسنا كي نستطيع التصالح مع من حولنا.
وتلك هي الأعياد التي تعمر في النفوس والقلوب. ولا نحتاج إلى أن نختم عاماً كي نبدأ عاماً من المصالحة مع من حولنا. وكل يوم يمكن له أن يكون عيد مصالحة.
وفوق ضرورة وأهمية التكافل الاجتماعي الذي تحث عليه أخلاقنا وقيمنا وتربيتنا، تظل المصالحة مع النفس هي في الأولويات. حتى التكافل الاجتماعي لا يمكن له أن يتحقق ما لم تتحقق المصالحة مع النفس. هذا الاضطراب والتوتر والانهيار في العلاقات في المحيط الواحد، وفي الأسرة الواحدة، وفي المجمع السكني، وفي بيئة العمل، كل ذلك لا يترك مساحة من الارتياح في النفس، ولا يمنحها ذلك الأفق كي تحب وتتآلف وتنسجم وتتوحد مع من وما حولها إلا بالمصالحة تلك. ودون ذلك لا يمكن لنا أن نتحدث عن أعياد حقيقية.
ولا تكون الأعياد كاملة إلا بقدرة كل منا على الالتفات للذين لا أعياد لهم، ويمكن لنا أن نتقاسم معهم حصة من ذلك العيد ليس على مستوى المظهر وحسب، وهو أمر مهم، بل على مستوى أن نشعرهم أنهم جزء منا، وجزء مهم من لحظات فرحنا الغامر، بل وأبعد من ذلك بكثير من خلال التفاصيل التي يمكن التعبير عنها، وتلك التي تكون عصية على التعبير.
علمتنا الأعياد أن نصفح وننسى لأننا مشغولون بالفرح النادر. على كل منا أن يحرص على النادر لديه. أن يستثمر فيه، ولا استثمار أفضل من جعل الحياة طيبة ومرنة وسلسة في طبيعة العلاقات التي تجعلها جميلة وذات سحر وانشداد، وغامرة بالمحبة.
ويمكن لأيٍّ واحد منا أن يجعل من العيد مقيماً وليس عابراً. أن يجعله جزءًا من تفاصيل الحياة من حوله، بقدرته على المبادرة، وقدرته على جعل الأولوية في إسعاد الناس، ومن حوله، وخصوصاً القريبين منه، ليس فقط على مستوى صلة الأرحام، ولكن على مستوى صلة الجيرة والعلاقات الإنسانية التي من المفترض أن لا يحدها مدى، وأن لا تكون محكومةً بمعايير طارئة، بل بمعايير تحفظ لتلك العلاقات قدرتها على الصمود أمام أي طارئ أو دخيل.
في الأعياد الناقصة لا أعياد يمكن الإحساس بها. الأعياد الكاملة لا يمكن أن تتحقق إلا بالإحساس بمن حولنا، مراعاةً لهم، وتفقداً لاحتياجاتهم، ليس الاحتياجات المادية وحسب، بل احتياجات الرفقة والرفق والإحساس، وتلك هي الأعياد التي لن ينال منها الزمن شيئاً.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4695 - الأربعاء 15 يوليو 2015م الموافق 28 رمضان 1436هـ
احم احم
احنا ما انريد عيد انريد ايخفضون رمضان ؟ كانت الناس اتصوم ثلاث اشهر حتى نزلت الاية بايام معدودات فمن شهد منكم الشهر فاليصمه ففرضيت المقصود بصيام الشهر دون التبعيض في موضوع الايام ايكون واجب على الشاهد بحضوره شخصيا ؟ لكن النواب ما رضوا قالوا لازم اتصومون شهر كامل ؟ طلع نائب ايقول ما انريد العجز يوصل 9 مليار دينار وما انريد المساس بمكتسبات المواطن وكان المواطن حاصل شي ؟ في الختام اقر مجلس النواب صيام عامين متتاليين وصادقت الحكومة على القرار ؟
يا ايها المواطنون كل عامين وانتم بخير