أجمع اقتصاديون على ان الاتفاق حول برنامج ايران النووي سيساهم باستمرار زيادة المتوفر عن الطلب بسوق النفط وبالتالي بقاء الأسعار منخفظة لمدة طويلة ، وذلك وفق ما نقل موقع "الوطن" اليوم الثلثاء (14 يوليو / تموز 2015).
وتوقع اقتصاديون من صندوق النقد الدولي وشركة البترول البريطانية (بي بي) ومركز (هبة كارنيجي للسلام العالمي) للبحوث الذي احتضن ندوة حول تداعيات انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي ان تستمر أسعار النفط بمستواها الحالي لفترة لا تقل عن أربع أو خمس سنين مقبلة بالرغم من اعترافهم بصعوبة التكهن بالسوق للاضطرابات والتطور التكنولوجي الكبير في مجال التنقيب وتكرير النفط.
وقال نائب مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي وعضو المجموعة النفطية بالصندوق عاصم حسين ان الأسواق النفطية التي لديها فائضا من النفط لن تتأثر بشكل كبير بسبب رفع الحظر عن ايران ودخولها الأسواق العالمية النفطية "لأن ذلك كان متوقعا" مشيرا الى انه وبدون شك سيستمر المتوفر من النفط بالارتفاع وبالتالي ستبقى الأسعار منخفظة. وذكر حسين ان أسعار النفط قد ترتفع الى مستوى 70 أو 75 دولارا في المستقبل القريب "ولكنها لن تعود كما كانت بمستوى ال100 دولار فما فوق" مؤكدا الحاجة الى التعامل مع هذه الأرقام "بواقعية وعلى عجلة" بالنسبة الى دول المصدرة للنفط والتي لا تملك القدرة الاقتصادية والاحتياط الكافي للتصدي لصدمة الأسعار التي هوت بأسعار النفط لأكثر من 50 بالمئة خلال عام واحد.
وأفاد ان القطاع النفطي لا يوفر فرص عمل كثيرة بشكل عام ولكن يعطي الحكومات القدرة على التوظيف وبانخفاظ الأسعار ستنخفض تلك القدرة مبينا ان على الحكومات التي تعتمد على عائدات النفط التركيز على الإصلاحات في القطاعات الأخرى وخصوصا القطاع الخاص للتوظيف وخصوصا للشباب.
وأكد انه سيتوجب على دول عديدة مصدرة للنفط الاستعجال بالقيام بتغييرات للتعامل مع أسعار النفط الجديدة عكس دول الخليج مثلا والتي لديها متسعا من الوقت للقيام بتلك التعديلات المهمة. بدوره قال المدير العام لأسواق الطاقة العالمية والاقتصاد الأمريكي بشركة البترول البريطانية (بي بي) مارك فاينلي ان تدفق النفط الإيراني الى الأسواق العالمية احد العوامل الأساسية لتوقع استمرار بقاء أسعار النفط منخفظة في الفترة المتوسطة القادم.
واكد ان من أهم العوامل مؤخرا هي التطورات الهائلة في الولايات المتحدة بالنسبة الى النفط الصخري والذي جعل أمريكا أكبر مصدر للنفط يفوق روسيا والسعودية بدلا من أكبر مستورد سابقا. وأفاد فاينلي ان الولايات المتحدة الآن تستورد حوالي نصف الكمية مقارنة بالعقد الماضي بسبب ذلك التقدم التكنولوجي "الذي لا اعتقد انه يمكن القيام بمثله وبنفس المستوى والحجم في أية دولة أخرى بالعالم". وأشار الى عدد من التغييرات الكبيرة في الأسواق النفطية العالمية ومنها زيادة الإنتاج الى مستويات تاريخية في دول خارج الأوبك ومنها البرازيل وكندا فيما تتوجه الصين في مسارها الحالي لتكون أكبر مستورد ومستخدم للنفط في العالم.
واعتبر فاينلي ان ارتفاع نسبة استهلاك الطاقة بالعالم بحوالي ال2 بالمئة خلال العقد الأخير أحد العوامل الرئيسية التي قد تغير الأسواق النفطية العالمية وطريقة تعامل الحكومات مع رفع الدعم كأحد الحلول. بدوره وافق الباحث الاقتصادي في مركز (كارنيجي للبحوث) يوري دادوش الرأي ان أسعار النفط ستسمر في مستواها المنخفض معتبرا ذلك عاملا إيجابيا كبيرا للعديد من الدول المستوردة للنفط والاقتصاد العالمي بشكل عام.
وذكر دادوش انه من الطرق التي تستطيع الحكومات رفع الدعم عن الوقود التعويض بشاكله خفض نسبة الضرائب أو زيادة التعويضات أو الرواتب المالية شارحا "ان أسعار الوقود أو البنزين التي تعكس سعر النفط الخام العالمي يبعد مشاكل رفعها مستقبلا" بالنسبة الى الدول المستوردة للنفط.
وتوقع انتشار وظهور تقدمات تكنولوجية ضخمة سيكون لها التأثير على أسعار النفط العالمية ومنها في مجال التنقل مثل السيارات بدون سائق والتي قد تخفض الطلب على السيارات وبالتالي الوقود اضافة الى تقدمات تكنولوجية متوقعة في مجال النفط الصخري وسبل انتاج وتكرير النفط بشكل عام.
يذكر ان مركز (هبة كارينجي للسلام العالمي) للبحوث انشأ عام 1910 في الولايات المتحدة وانطلق لانشاء مراكز عالمية في عام 2006 ليتكون الآن من أكثر من 100 متخصص وباحث في خمسة مراكز في واشنطن وبكين وبيروت وبروكسل و موسكو.