العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ

الكوميدي مارك توماس يُنجز كتاباً يسجِّل فيه 100 احتجاج في عام

أثنى على الشرطة لرصدها ما يستهلك من الرَشَاد!

مارك توماس
مارك توماس

مارك توماس؛ بالكوميديا/ السخرية يجد نفسه قادراً على مواجهة الأخطاء والتجاوزات في العالم. على الأقل في العالم الذي يتحرك ضمنه. المنتمي إلى حزب العمّال البريطاني، والهجَّاء السياسي؛ ليس فقط من خلال البرامج والفعاليات التي يقدِّمها؛ أو تلك التي يكون ضيفاً عليها. إنه هجَّاء سياسي لحركة الحياة؛ وخصوصاً تلك التي لا تستقيم مع قيمة الإنسان.

كتابه الجديد الذي يرصد فيه 100 احتجاج في سنة، ليس بمنأى عن مواقفه، وبروح ونفَس كوميدي. مواقفه السياسية ليست مريحة بالنسبة إلى كثيرين؛ وخصوصاً الصهاينة والذين يتعاطفون معهم. للرجل مواقف من جدار الفصل العنصري. مواقف من الدولة العبرية وممارساتها تجاه الفلسطينيين. قبل أربعة أشهر (فبراير/ شباط 2015) كان هناك، في القدس، رام الله، بيت لحم، ومدينة نابلس. جولته الفنية التي تضمَّنت عروضاً كوميدية، تؤكد أن الكوميديا قادرة على أن تتحول إلى سلاح فعَّال أمام كل هذه المأساة على الأرض العربية، وغيرها من الأراضي، أمام آلة القمع والمصادرات والصمت المتآمر.

لم يكن لقاء بمعنى اللقاء، ذلك الذي أجراه آدم لوشر، من صحيفة «الإندبندنت»، يوم الأربعاء (17 يونيو/ حزيران 2015). هو يكاد يقترب من الدردشة، وضمن موضوعات بدت غير مترابطة، ولكنها لم تبرح موضوع المواقف التي يتبناها الرجل، وصدور كتابه الأخير، الذي يتناول فيه 100 احتجاج في سنة، حصيلة حراك لم ينقطع، ولا يريد له أن ينقطع. هنا جانب من الدردشة/ اللقاء، وجانب من تعليق لوشر.

مراقبة ما تستهلك!

يبدأ لوشر اللقاء بانطباعات متفرقة عن توماس بالقول، إنه يحاول أن يبذل كل جهده. هل يفعل ذلك الناشط الكوميدي مارك توماس؟ ذلك حقاً ما يفعله.

«أحاول أن أكون مهذباً» يصر على ذلك مراراً وتكراراً. حتى أنه بدأ الحوار بالثناء الوافر على شرطة العاصمة؛ لتفانيهم في رصد استهلاكه من حبوب الرَشَاد. (ثبت علمياً أنه يحتوي على عناصر مهمة من الحديد والفسفور والمنغنيز واليود والكالسيوم بدرجة عالية وعدد من الفيتامينات الرئيسة).

هل هي هناك في ملفات الشرطة، تهمة مشاركته في تظاهرة ساحة البرلمان: «يتوقف مارك توماس. فلديه كمية من الرشاد في الجزء الخلفي من دراجته الهوائية» «صلاحيات الشرطة في المراقبة يجب أن تكون محط إعجاب»، كما يقول توماس. بعد ذلك عليه أن يُفسد كل شيء. ويسأل: «هل من المناسب حقاً أن تُنفقَ أموال دافعي الضرائب على مراقبة حركة الرَشَاد؟».

يقول ذلك مازحاً لكونه في طريقه إلى تحقيق ثلاثية (هاتريك) بعد انتصارين قانونيين سابقين. أحد الملفات احتوى تهمة أشارت إلى توماس بـ «المحرِّض العام للرعاع، والممثل الكوميدي المزعوم مارك توماس».

هذا الوصف، على رغم ما يبدو فيه من إساءة وتحقير؛ إلا أنه من غير المرجَّح أن يسبِّب أي إزعاج وعناء لتوماس، نظراً إلى طبيعة كتابه الأخير، الذي يسجِّل فيه 100 احتجاج في سنة. أن تضع كتاباً يرصد احتجاجاتك فذلك أمر مثير. ما هو مثير أكثر أن تصل الاحتجاجات تلك إلى مئة خلال سنة!

استكشاف مغامراته خلال سنة من الاحتجاج، يتيح طرقاً تمكّنك/ تمكِّن أياً منا أيضاً من المعارضة، بشكل أكثر تهذيباً وبشكل قانوني.

لا تهتم بالسياسة

وستحبك الطبقة الحاكمة

وكما يقول توماس «كبلد، نحن في كثير من الأحيان نراعي رغبات الآخرين باحترامنا لهم»، ساخراً من منافسه على زعامة حزب العمَّال آندي بورنهام، لوصف نفسه في رسالة موجهة إلى الأمير تشارلز بالقول: «عبدك الأكثر تواضعاً وطاعة».

«لقد حصلنا على موقف كهذا. لقد قيل لنا إننا لا نستطيع أن نفعل ذلك. حسناً أتاح لنا بورنهام تلك الفرصة؛ وصار بإمكاننا ذلك. إنه ليس قولاً حسناً... إنه مروِّع». إذا كنت تكتفي فقط بالجلوس قائلاً: «أنا لست مهتماً بالسياسة، فإنك تستحق كل ما تحصل عليه. وستحبك الطبقة الحاكمة، ستحبك بشكل مطلق».

وبالتالي، كتابه عبارة عن مقترحات تعطيك كيفية أن تحتج على تدني أجور عمَّال النظافة، أو فرصة التسجيل كسائقين متطوعين لحملة «سنقود بهم إلى المطار» ومخطط مساعدة المصرفيين الذين يهددون بمغادرة البلاد إذا لم يحصلوا على مكافآتهم.

لا يمكن لأي شخص أن يكون منشقاً ومن ثم يسجن بسبب معتقداته، مضيفاً، لكن «هناك دائماً شيء يمكنك القيام به. يمكن للجميع مكاتبة منظمة العفو الدولية للعمل على إخراجهم» من السجن بسبب احتجاجهم وانشقاقهم عن دورة النظام السائد. وعليك ألاَّ تفترض بأن الاحتجاج لا طائل من ورائه.

في الكتاب التقاطات من وحي ما مر به من تجارب تزامنت مع الشروع في تأليف الكتاب، كان الموقف المفضَّل لديه مساعدة عمَّال سينما كرزون للحصول على أجورهم؛ بعد أن كتب مديرون رسائل بالبريد الإلكتروني يعربون فيها عن القلق بشأن الدعاية السيئة والمُغْرضة.

الآن وهو في الثانية والخمسين، يصف نفسه بأنه «تحرري فوضوي؛ أو أناركي (تعني الانحياز إلى اللاسلطوية، وتعود التسمية إلى اليونانية، وهي فلسفه سياسية تميل إلى أن الدولة غير مرغوب بها؛ وليست ذات أهميه وأنها مضرّه للمجتمع، وبدلاً من ذلك، تروّج الأناركية لمجتمع بلا دولة، وتحاول تصغير دور أو إلغاء تدخل السلطة في سلوك العلاقات الإنسانية)، مع ومضات عرضية من (ماركسية فيكتور ميلدرو)».

من بين المفارقات، أن مارك توماس في بعض الأحيان يقوم بالتسوُّق في محلات ويتروز، على رغم أنه يعرب عن احتجاجه على سلسلة السوبرماركت، في كتابه.

يختم الدردشة/ اللقاء بالقول: «ربما سأتمكَّن من التلويح براية بلدي وأنا في الخامسة والسبعين من عمري، واعترف بمرح قائلاً: «وقد أتمكَّن من كتابة أوبرا. من يدري؟».

ولكن في الوقت الحالي، ربما ترغب الشرطة في مواصلة رصد استهلاكه للرشَاد!

ضوء على السيرة

يذكر، أن مارك كليفورد توماس، ممثل كوميدي إنجليزي، ومقدِّم برامج، هجّاء سياسي من جنوب لندن. من مواليد 11 أبريل/ نيسان 1963. عُرِف بأول عمل كوميدي باعتباره ضيفاً على راديو بي بي سي 1، في «تجربة ماري وايتهاوس»، والذي عرض في أواخر ثمانينات القرن الماضي. كما عُرِف بعد ذلك بمواقفه السياسية المثيرة في برنامجه «كوميديا مارك توماس»، على القناة الرابعة، والذي يتناول موضوعاً محدَّداً، يتم إشراك جمهور الاستوديو في المناقشات التفاعلية التي تنتج عنه.

تلقى تعليمه في كنيسة توماس ماكولي التابعة إلى مدرسة انجلترا الابتدائية، وفي «فيكتوريا رايس»، و «كلافام» حتى العام 1974.

واصل دراسته بالحصول على شهادة البكالوريوس في الفنون المسرحية من كلية بريتون هال. شرع في وقت لاحق نحو ممارسة العمل الكوميدي، كما عمل على دعم نفسه في البداية من خلال العمل في مواقع البناء مع والده الذي يعمل لحسابه كمتعهّد. كما كتب عدداً من الأعمال لديف ألين.

ما تجدر الإشارة إليه، هو أن لمارك توماس مواقف مشرفة ومتعاطفة مع القضايا العربية؛ وخصوصاً القضية الفلسطينية؛ إذ سبق له أن زار الأراضي الفلسطينية في شهر فبراير 2015، بدعوة من المكتبة العلمية ومنظمة حزب العمل من أجل فلسطين، والتي يقع مقرها في العاصمة البريطانية (لندن).

جولة توماس الفنية تضمَّنت عروضاً كوميدية في عدد من المدن الفلسطينية من بينها القدس، رام الله وبيت لحم، وعدد من المناطق الفلسطينية، من بينها مدينة نابلس، وفي ما يتعلق بالمسارح، كانت له زيارة لمسرح الحرية في جنين، إضافة إلى زيارات سابقة إلى سور الفصل العنصري الذي أقامته «إسرائيل»، عازلاً المدن والقرى الفلسطينية، في أبشع وأفظع الصور التي تشهدها الإنسانية في العصر الراهن.

العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً