العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ

الحُوَّيت وأنواعه: حُوَّيت الغوص و«اعمامة إبليس»

الأسماء المحلية للنباتات والحيوانات، بصورة عامة، يمكن تقسيمها لقسمين، على أساس شياعها، فمنها أسماء عامة شائعة، ثابتة من منطقة لأخرى، لا تجد عليها خلاف، وهناك أسماء ذات خصوصية تظهر في مناطق دون أخرى، أو ربما اختلف في تحديد النوع الذي ترتبط به. وهكذا، فالأصداف البحرية لها أسماء عامة مثل الحُوَّيت والكوز والحصم وغيرها، وكل اسم من هذه الأسماء يطلق على مجموعة من أنواع الأصداف، وبعض هذه المجموعات يتم تقسيمها لمجموعات أصغر ويتم تخصيص أسماء فرعية لها. فالحُوَّيت، على سبيل المثال، اسم خليجي معروف، وهو يطلق على مجموعة كبيرة من الحلزونات البحرية التي تؤكل، منها ما يوجد على شاطئ البحر ومنها ما يوجد في أعماق البحر. وسنحاول في هذا الموضوع تحديد الأنواع المختلفة من الحُوَّيت.

الحُوَّيت، ربما هي، تصغير الحوت، ويقصد به، لغةً، السمك، صغيرةً كانت أم كبيرة. وقد استخدمت العامة في الخليج لفظتي الحُوَّيت والحوتة لتشير بها لكائنات بحرية صغيرة غير السمك؛ حيث وردتا في أحد الألغاز الشعبية التي تشير للروبيان (الأربيان)، وذلك في كتاب «أشهر الغطاوي في الكويت والخليج»، فقد جاء في أحد الألغاز (النجار 1995، ص 100):

حُوَّيته يا خوي بالبحر حوتية

حلوة على الفكر مطبوخة ومشوية

ما شاقني يا عشيري من بخنقها

إلا العيون السود والقرون الملوية

وقد ورد اللغز ذاته بصيغة أخرى (النجار 1995، ص 92):

حوته من بنات البحر حوتية

غاية المطلوب، مشوية ومقلية

أنواع الحُوَّيت

ارتبط اسم الحُوَّيت، بصورة أساسية، بأنواع من القواقع البحرية التي تنتمي لعائلة النُهَيد Trochidae. وقد سُمي بالنُهَيد تشبيهاً له بالنهد، وهي تسمية موضوعة (معلوف 1985)، وهذا يشبه اسمه الإنجليزي (Top shells) والذي ترجمته الأصداف القُمية. كذلك، يطلق مسمى الحُوَّيت على أنواع من القواقع التي تنتمي لعائلات أخرى مثل عائلة الأصداف العُمامية Turbinidae، وعائلة الأبواق الكلبية Thaididae. وتخص بعض الأنواع من الحُوَّيت باسم حُوَّيت غوص والشويل، واعمامة الشيخ.

حُوَّيت غوص

يطلق مسمى حُوَّيت غوص على أنواع من عائلة النُهَيد مثل (Monodonta australis)، وكذلك أنواع من عائلة الأبواق الكلبية (Dog Welks). وغالبية أفراد هذه العائلة الأخيرة تعرف عند العامة باسم الحصم، وسنتناولها بالتفصيل في حلقات قادمة، إلا أن منها أنواع كبيرة (مثل النوع Rapana bezoar) يختلف شكلها عن الحصم وتسميها بعض العامة باسم الكوز، إلا أنها اشتهرت باسم حويت غوص، لأنها توجد في المياه العميقة. وأحياناً كانت تقدم هذه القواقع، أي ما تسمى حُوَّيت غوص، للغاصة على سفينة الغوص، ومنها عرفت باسم حُوَّيت غوص، وقد كانت من الأكلات المذمومة عند الغاصة (الحجي 2009، ص 166). وقد ورد ذمها في قصيدة للشاعر فهد بن راشد بورسلي (توفي العام 1960م) يصف فيها حال الغواص والغواصين والمشاق التي يتحملونها:

قالوا علامك «يا فهد» ما تعشيت

قلت القهر راعية عاف الحياتي

جفيت أهتي بالقوت والقوت حوِّيت

وكوز يصيح بصوت ذيب الفلاتي

عائلة الأصداف العُمامية

الاسم العربي «الأصداف العُمامية» هو ترجمة حرفية لاسمها الإنجليزي (Turban shells) وقد سُميت بذلك لأنها ملتفة حول نفسها وتشبه العُمامة. وقد ذكر معلوف في معجمه نوع من هذه العائلة (Turbo chrysostomus) باسم فَص موسى. والنوع الذي يوجد على سواحل البحرين هو Turbo coronatus وتسميه العامة حُوَّيت. والمرجح، أن هذه الأنواع تُشبَّه بالعمامة في مناطق أخرى في الخليج العربي؛ ففي الكويت تسمى أنواع من القواقع باسم «إعمامة الشيخ»، وقد ذكر هذه التسمية سيف الشملان في كتابه «الألعاب الشعبية الكويتية»، حيث كانوا يلعبون بهذه القواقع. قال الشملان:

«إعمامة الشيخ دويبة بحرية صغيرة معروفة، وتكون داخل قوقعة ويجدها الأولاد في أرض البحر بعد الجزر، ويجمعونها للعب بها. يمسك الأولاد بالقوقعة وبداخلها الدودة وهم يقولون (اعمامة الشيخ تطيولي تقيصري). أي كوني طويلة وكوني قصيرة. ويرددون هذا الكلام، وطبعاً تخرج الدودة من القوقعة بشكل انسيابي، تكون طويلة وقصيرة في خروجها. إذا كان الرجل طويلاً ونحيفاً فإنهم - غالباً - ما يسمونه اعمامة الشيخ لأنها طويلة ورفيعة» (الشملان 1978، ص 91).

وقد ذكر سيد شبر القصاب في دراسته حول اللهجات في القطيف، أن هذه الأنواع من القواقع تسمى في الواحة «عمامة ابليس»، ويغنون عندها: (عمامة بليس طَوِّلي طَوِّلي)، وهي التي في (سيهات) يسمونها (أبو سريو) وينشدون عندها قولهم: (طَوِّل طوِّل يا بو سريو)، و(سريو) تصغير (سرو) وهي الدودة (القصاب 2003، مجلة الواحة العدد 29).

والأرجح، أن أبو سريو تختلف عن عمامة إبليس، فهي نوع من الديدان البحرية، وقد جاء في وصف لعبة ابو سريو في منتدى الساحل الشرقي - واحة سيهات (saihat.net):

«لعبة ابو اسريو وهو اسم محلي يطلق على أحد الديدان البحرية التي تتكاثر في رمال الشواطئ الطينية القريبة من الساحل، وهي تعتبر غذاء للطيور المهاجرة، وهذه الديدان طويلة شفافة ليس لها أرجل يتراوح طولها بين متر إلى متر ونصف وأكثر أحياناً، وبمجرد ملاحظة أي مخلوق يقترب منها تدخل في بيوتها في قاع رمال البحر فيتجه الأطفال إلى هذه الديدان قبل اختبائها في بيوتها ويشدونها للخارج بطريقة هادئة لكيلا تنقطع ومن يستطيع الإمساك بأطول دودة بحرية (ابو اسريو) يعتبر الفائز، وينشد الأطفال كلمات (طول طول يا بو سريو) خلال سحبه وتعتمد هذه اللعبة على الصبر وعدم الاستعجال ليتمكن من إخراج الدودة دون أن تنقطع ليتمكن من الفوز»

الشول والشوّيل

تُسمي بعض العامة أنواعاً من الحُوَّيت باسم الشوّيل. والشوّيل تصغير للاسم شوَّل، وهو اسم محلي عام للقواقع البحرية، وعليه، فربما اسم الشوّيل يدل على القواقع الصغيرة. يذكر أن اسم الشويل ارتبط بأسماء مناطق وأسماء عيون عذبة، ليس في البحرين فقط بل في مناطق أخرى في الخليج العربي، مثل «أم الشويل» في قطر. فهل مسمى الشوّيل الذي يرتبط بالعيون الطبيعية له علاقة بالقواقع؟ وهل توجد قواقع تعيش في العيون الطبيعية؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الحلقة القادمة.

العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً