ما هي إلاَّ أيام وينقضي شهر رمضان الكريم. كالعادة، انشغل كثيرون بطعمه المختلف عن بقية الشهور. ولأننا في لحظة سياسية وأمنية واجتماعية عصيبة، فقد انشغل العالم العربي والإسلامي دون غيره بتلك اللحظات، تارة لما يجري في العراق وأخرى في سورية، وثالثة في اليمن ورابعة في مصر، وخامسة في ليبيا وسابعة وثامنة وتاسعة في غير مكان مع كامل المشهد الذي يرسمه الإرهاب.
لكن، هناك لحظة قد تكون مرَّت وسط الزحام دون أن يتمعّن فيها أحد. إنها اللحظة الفكرية التي هي بمثابة «الفضيحة» التي تمر على عالمنا العربي والإسلامي، والمتمثلة بالتحديد في التفسيرات الغريبة للدّين الإسلامي وتعاليمه والتي تقوم بها التنظيمات المتطرفة والتي لم يلجأ إليها أحد.
في كل عام يمر شهر رمضان مصحوباً بأشكال مختلفة من العادات والتقاليد الكلاسيكية التي تتطبّع بها شعوب مختلفة في العالم. لكن، الشكل الأكثر اختلافاً هذا العام هو في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، في العراق وسورية، والتي تزيد مساحتها عن مساحة بريطانيا.
فالأحكام الشرعية التي يُطبقها التنظيم بدت في أقصى درجات التزمّت عبر تفسيرات غريبة عن الدين والتدوينات الفقهية، مع سياسة رقابية قروسطية للسلوكيات الاجتماعية غاية في التشدّد. ففي مدينة الرقة السورية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان المعارض في بداية شهر رمضان أن التنظيم قام بـ «صلب طفلين دون الـ 18 سنة، على سور مقر الحسبة في شارع البوكمال في مدينة الميادين، وعلّق عناصر التنظيم في رقبتيهما لافتة كُتِبَ عليها مفطر في رمضان» في واحدة من أغرب التطبيقات العقابية التي لم يُسجِّلها تاريخ الأحكام الشرعية في الدين الإسلامي، لا عند المتسامحين مع الروايات ولا عند المتشددين تجاهها.
أما في العراق فلم يختلف الحال كثيراً، فقد قام التنظيم بإجبار «الأسرى الإيزيديين المعتقلين لديه على صوم رمضان»، وأن «السجَّانين يقومون بجلد كل من يتخلف عن أداء الصلوات الخمس»، وهو ما يعني إجراءات لتغيير الديانة بالإكراه، ويتعارض ذلك مع حرية المعتقد.
ولا يتوقف التنظيم عن اجتراح أكثر الأساليب غرابة وتطرفاً في إلزامات حكمه الديني والاجتماعي دون اكتراث لطبيعة المجتمعات التي يحكمها، والتي عادةً ما تكون متنوعة دينياً وطائفياً، فضلاً عن فروض امتداداتها خارج القِطر الذي هي فيه. فقد أعلن التنظيم في منشورٍ موجّهٍ إلى «جنود الدولة الإسلامية في جميع الدواوين والمفاصل في ولاية البركة» (بالحسكة)، بأنه يهنئهم بحلول شهر رمضان، ويعلن «عن بدء مسابقة حفظ سور من كتاب الله» كما جاء. الغريب في ذلك الإعلان أن التنظيم قد خصَّص ثلاثاً من السبايا (نساء أسيرات لديه) للفائزين بالمراكز الأولى الثلاثة، في حين سيُمنح الفائز بالمركز الرابع حتى العاشر «جوائز مالية تتراوح بين 50 ألفاً و100 ألف ليرة سورية». إنها مشاهد أقرب إلى الخيال السَّادي، ونحن نعيش في هذا العصر الحديث، الذي زاويته المفترضة كرامة الإنسان وحفظ حقه في الحياة.
ومنذ أن قام التنظيم بتنصيب نفسه حاكماً شرعياً مفتَرَض الطاعة في المناطق التي يُسيطر عليها، أعاد تفسير العديد من الشعائر الدينية المعروفة عند غالبية المسلمين، وقام بإجراءات متطرفة لتطبيق تلك التفسيرات كصلاة التراويح على سبيل المثال.
ومن ضمن الممارسات التي قام أو أمر بها تنظيم «داعش» خلال شهر رمضان هو أنه «منع خروج المرأة خلال ساعات الصيام»، معلناً بأن مَنْ تريد الخروج بعد صلاة المغرب يتوجب أن يصحبها أحد محارمها.
وقد أفاد سكان في مدينتي الفلوجة والرمادي العراقيتين لوكالة الأنباء الألمانية، أن التنظيم حذر السكان من «مشاهدة البرامج الرمضانية التي تُعرَض عبر المحطات الفضائية وإلاّ تعرضوا لعقوبات قاسية»، يصل بعضها للإعدام كونها تبث مواد إعلامية مسيئة للدِّين وتشجّع على الرذيلة وتشوّه سمعة التنظيم. وهي عقوبة لا تتناسب مطلقاً مع أصل الفعل.
وفي سابقةٍ لم يلجأ إليها أحد في إنشاء سياج من الولاءات الصلبة، أعلن التنظيم بطلان صوم مَنْ لا يواليه بالقلب، حيث صدر له في مدينة الباب السورية فتوى تفيد ببطلان صيام مَنْ لا يُحب التنظيم، وبالتالي «فلا يكلفن نفسه عناء الصيام، فليس له من الصيام إلا الجوع والعطش» كما جاء. وهو في جانب منه، يعكس حالةً من الانفصام الشديد لدى التنظيم الذي يُخيِّر الناس ضمنياً (ولكن بشكل إيهامي) في أمر موالاته، لكنه يتوعدهم بالويل والثبور عندما يمارسون ما ينسجم مع قناعاتهم المخالفة لتلك الموالاة في الممارسة السلوكية.
باعتقادي أنه وعلى رغم هذه اللحظة الفكرية الخانقة الناتجة عن تلك الإجراءات المتطرفة، إلاّ أن تنظيم «داعش» يرسم إجراءاته على الماء، لسببين الأول أن التكوين الاجتماعي في المناطق التي يسيطر عليها غير قادر على الانسجام مع هذه الثقافة، فضلاً عن حالة النزوح الكبيرة التي تشهدها المناطق التي يدخلها، وبالتالي فهو لا يتسيّد إلاَّ على نصف أو ربع تلك المناطق عملياً بل ربما على قاعٍ خالٍ من البشر؛ والثاني كون مناطقه مُهدّدةً فعلاً سواءً في سورية بعد معارك تل أبيض وعين عيسى مع الأكراد وبقية الفصائل السورية المسلحة، أو في العراق حيث تتأهب حكومة بغداد لاجتياح المناطق التي يسيطر عليها التنظيم في المناطق الشمالية والغربية.
إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ
معطيها
الظاهر ان ابوبكر البغدادي معطيها
الاصلاح يمر من هنا
عندنا يبوعبدالله تراث عظيم مثل الوثيقه التاريخيه الكبري(خطبة الرسول صلى الله عليه وإله في آخر جمعه من شعبان) ليش ماتنشر على جوامع المسلمين وصنادقهم المنتشرة في البلد وبكثره حتى يعرفوا قدر الاسلام المحمدي الاصيل
حالنا يختصره هذا الشاعر اليمني
يقول : من وين العافية تيجي ما دام الوجع في الراس؟!!!!
دولة لا اسلامية
مستغرب ليش انته؟ حتى احكام الحدود مختلفة عن القرآن والسنة النبوية الشريفة والقهر اسمون نفسهم الدولة الاسلامية ... المسلم من سلم الناس من لسانه ويده