هل علينا أن ننتظر مناسبة لكي نطلب براءة الذمة من أصدقاء وإخوة وأهل ومن نعرف من البشر؟ هل علينا أن ننتظر فرصة الحج إلى بيت الله أو العمرة، أو أي سفر بخيارنا أو مضطرين إليه، أو مرض يداهمنا فيكشف عن جانب من ضعفنا، كي نطلب مثل تلك البراءة؟ هل علينا أن ننتظر ليلة القدر كل عام كي نعمّم ذلك الطلب على من نعرف ومن لا نعرف أحياناً، وفي هذا الزمن من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومن دون تخصيص؟
تلك قيمة أخلاقية جميلة يحتاجها الإنسان طوال أيام السنة، وإذا راقب سلوكه، وتصرفاته، وطريقة تعامله مع البشر من حوله، لن يضطر مع كل مناسبة أن يلجأ إلى طلب البراءة تلك.
بعض البشر لا يتردد في طلب براءة الذمة، وهو خالٍ من الذمة أساساً، وصار يتبع ما يظنها «موضة» بطلب الصفح والعفو ممن أساء إليهم في أشكال وصور متعددة.
بعض البشر في طلبه براءة الذمة أيضاً لا يتخلى عن تحايله ومكره، بالصيغة العامة التي تفترض أنه أساء، وإن أساء فعلاً، وتفترض أنه أخطأ، وإن أخطأ فعلاً، يذهب في الصيغة التي تجعله بعيداً عن كل ما بدر منه. قليلون هم الذين يذهبون في الصيغة المباشرة لطلب براءة الذمة والصفح والعفو عما بدر منهم.
وسائل التواصل الاجتماعي بتعددها وتنوعها، وفّرت الوقت، والمرور على الذين أخطأنا بحقهم فرداً فرداً، هي صيغة واحدة تصل إلى الذي أسأت إليه وذلك الذي لم تخالطه كثيراً كي تسيء إليه.
وعلى رغم الأثر الذي تتركه مثل تلك الرسائل بطلب الصفح والعفو، إلا أن المعنيين بها، ممن نالهم ظلم أو إساءة، هم الأجدر بالمصارحة والمواجهة، والتعامل معهم بعيداً عن تلك الوسائط والوسائل، إذا كان طالب الصفح والعفو وبراءة الذمة صادقاً في ما يطلبه ويزعمه أو يدّعيه.
أن يتعهد الإنسان ذمته طوال اليوم قبل أن يتعهدها في نهاية السنة. مراقبة تجعله متوازناً، وبمنأى عن تلمس الصفح والعفو، والتماس مخارج للتعبير عن ندم لموقف ارتكبه، وسلوك قاده، وأخلاق جرحت من حوله. أن يقف على مواضع الخلل في نفسه وسلوكه وطبيعة علاقاته. كل ذلك يخفف عليه حمل اعتذار بالجملة ودفعة واحدة.
الاعتذار من أنبل الأخلاق لدى البشر؛ لكن ليس لدى أولئك الذين تعودوا الأخطاء كي يعتذروا وليصبحوا مع مرور الوقت مدمنين على الاعتذار للاعتذار نفسه، والدليل أن الأخطاء في تراكم مستمر، ولا شيء يدل على وضع حد لها.
وعلى رغم ما حمله هذا المقال من إضاءة ومرور على حالات قد تكون شائعة، فإن هناك حالات لها حضورها الجميل يمثله أولئك الصادقون مع أنفسهم قبل أن يكونوا صادقين مع الناس الذين يعرفون والذين لا يعرفون، ويسعون دائماً إلى أن يكونوا المثل في حرصهم على علاقات لا تطولها إساءات وغمز ولمز وغيبة ونميمة وسعي بالشر بين الناس. ومع ذلك تجد حرص أولئك على براءة الذمة والصفح وطلب العفو، صادقاً ونابعاً من سعيهم إلى كمال ينشدونه، ذلك أنهم من المعادن الطيبة، والنفوس الكبيرة، ولا يصدر عن النفوس الكبيرة إلا المواقف الكبيرة التي تدل عليهم.
براءة الذمة أن يراقب الإنسان نفسه في الصغيرة قبل الكبيرة، كي لا يضطر يوماً الى أن يكون في مواضع الاعتذار وطلب الصفح؛ وذلك أمر ثقيل على النفس بطبيعته لدى كثير من البشر، وإن حدث وأخطأ فإنه لا يتردد في طلب الصفح بشكل مباشر وحضور جسدي وقلبي، لا عبر رسالة نصية يكتبها من وراء لوحة مفاتيح هاتفه الذكي.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4690 - الجمعة 10 يوليو 2015م الموافق 23 رمضان 1436هـ
عبارات رائعة
عباراتك اكثر من رائعة في الوقت الذي نعيشه اصبح الخاطئ لا يحس بخطئه الاوقت الشدة او المرض فقط وقت اللي يحس انه ربما هذه آخر ايامه في الدنيا ولو جاءت من الخاطئ في حياته وبدون تأخير عبارة سامحني انا أسف فَكُلا الطرفين ليس بحاجة لابراءالذمة وقت الشدة
ابو حافظ
التوبة النصوحة إلى رب السماء ..
أبلغ من رسائل براءة الذمم من عبيده ،،،
شكرا استاذة على الموضوع
في الصميم
مقال واقعي ،،، ما يذكرون خطايهم الا في المناسبات الدينية او السفر و بالمسجات بعد لانها ما تخسر !!،، وهو طول السنه امغربل الاولي والتالي ،، وين تصرفها؟؟ ... الله كفيل ابه ،، والله يهدي الجميع
القائد
يعطيك العافيه مقال مفيد
في الصميم 2
رجعنـا الفارسي وعمّــار والأشتـر
.... من استغفارنــا حتى الجبال اتميل
نصلِّي القـدر مكتئبيــن ونتــذكّـــر
.... سوالفنا على افلان وأشرَ ما قيــل
نميمه وغيبـه يا الله على المُنكّــر
.... أخيراً اوتعينــا وجينــا للتعديـــــــل
خلاص ابليس يكفي روح واتيسّــر
.... رجعنـا مؤمنيــن بليلــــة التنزيـــل
عقب ليلة القَـدْر بسـاعـه لا أكثــر
.... ننادي إبليس: إرجع انتهى التمثيـل!
الشاعر نادر التتان ..
في الصميم 1
على فكرة ..
قبـل ليلة القَـدْر بليــــلـه نتــأثّـــر
.... و ملف التقوى فينا (جاري التنزيل)
رسايلنــا في غمضـة عين تتغيّــــر
.... براءة ذمّــه والكل يطلب التحليـل
ندم، توبـه، خشوع، ادموع نتفجّــر
.... فقط نرسل رسايل أدعية وترتيــل
تخيّـل حتى نمزح لحظـه ما نقــدر
.... من الإيمان حتى الدمعه دم اتسيل
يتبع ......
ابو حافظ
التوبة النصوحة إلى رب السماء، أبلغ من رسائل براءة الذمم من عبيده .
الاخلاص والتوبة من تكرار الخطأ هي براءة ذمه بحد ذاتها، والرجوع الى الطريق السالك والسليم ،، والرسائل المنتشرة اصبحت عاده تداولها الناس عن قصد او غير قصد ،، ومنها النفاق الاجتماعي ليس إلا ،، وشكراً على الموضوع وفي الصميم ،،،