أصدرت المحكمة الجنائية المركزية العراقية أمس الأربعاء (8 يوليو/ تموز 2015) حكماً بالإعدام شنقاً على 24 متهماً في قضية قتل مئات المجندين من قاعدة سبايكر العسكرية العام الماضي، بعد أيام من بدء تنظيم «داعش» هجومه في البلاد.
وأعلنت المحكمة أن الأدلة المتوافرة لديها «كافية لتجريم 24 مداناً في قضية إعدام الجنود الأسرى في قاعدة سبايكر داخل المنطقة الرئاسية»، في إشارة إلى مجمع القصور الرئاسية في تكريت (160 كلم شمال بغداد)، وعليه «قررت المحكمة إعدامهم شنقاً حتى الموت».
والمحكومون هم من أصل 28 متهماً عرضوا على المحكمة التي أعلنت تبرئة الأربعة الآخرين لعدم كفاية الدليل، وذلك بعد جلسة محاكمة استغرقت قرابة أربع ساعات فقط، علما أنها الأولى في هذه القضية.
ونفى المتهمون التهم الموجهة إليهم بقتل ما قد يصل إلى 1700 مجند معظمهم من الشيعة، بعد اعتقالهم على يد جهاديين من تنظيم «داعش» ومقاتلين موالين لهم قرب قاعدة سبايكر، في خضم الهجوم الكاسح لتنظيم «داعش» في يونيو/ حزيران 2014، والذي أتاح لهم السيطرة على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها.
ودخل المتهمون ببزاتهم الصفراء قاعة المحكمة، معصوبي العينين ومقيدي اليدين والرجلين، قبل أن تفك قيودهم داخل قفص من الحديد، بحسب صحافي في وكالة «فرانس برس».
وحضر الجلسة عشرات من الأقارب الغاضبين للضحايا. واضطر عناصر من الشرطة إلى الفصل بينهم وبين القفص حيث تواجد المتهمون.
ومزجت مشاعر أقارب الضحايا بين الغضب والحزن والبكاء، وسط مطالبات بإعدام المتهمين و»أخذ حقهم». وقدمت العائلات إفادات أمام القاضي، تمحورت معظمها بشأن آخر اتصال أجراه ذويهم بهم.
وقال العديد من الأقارب في إفاداتهم إن المجندين تواصلوا معهم وأبلغوهم أنهم وقعوا أسرى في يد مسلحين أوهموهم بأنهم ينوون مساعدتهم، إلا أنهم اقتادوهم إلى مجمع القصور الرئاسية في تكريت.
وأعلنت السلطات في العاشر من يونيو الجاري، أنها عثرت حتى تاريخه على رفات نحو 600 من ضحايا عمليات القتل التي باتت تعرف باسم «مجزرة سبايكر»، في مقابر جماعية بمنطقة تكريت التي استعادت السيطرة عليها من تنظيم «داعش» مطلع أبريل/ نيسان
وخلال الجلسة، طلب محامي الدفاع عن المتهمين المعين من المحكمة، الرأفة بموكليه الذين كرروا نفي الاتهامات، وقالوا إن اعترافاتهم خلال مرحلة التحقيق أخذت تحت التعذيب. وطالب عدد منهم القاضي بإجراء كشف طبي لتبيان آثار التعذيب الذين تعرضوا له.
واقتصرت الأدلة التي قدمتها المحكمة على صور ولقطات من أشرطة الفيديو التي نشرت العام الماضي بشأن عملية إعدام المجندين، والتي أظهرت أن العديد منهم قتلوا برصاصة في الرأس قبل أن تلقى جثتهم في نهر دجلة، في حين قتل آخرون وهم ممدون على الأرض جنباً إلى جنب.
وعرض القاضي إحدى هذه الصور، سائلاً أحد المتهمين عما إذا كان هو الظاهر في الصورة. إلا أن المتهم نفى ذلك، ما دفع القاضي إلى إشهار وثائق التحقيق ودعوتهم إلى تأكيد مصداقيتها.
كما أقسم عدد من المتهمين على أنهم لم يكونوا متواجدين في تكريت أو محيطها في 11 يونيو 2014، وهو اليوم الذي سقطت فيه المدينة بيد الجهاديين، ويرجح أن اعتقال المجندين تم خلاله.
وقال متهمون آخرون إنه لم يتح لهم لقاء محام قبل عرضهم على المحكمة.
وبحسب منظمة العفو الدولية، أعدم العراق 61 شخصاً على الأقل في 2014، ما يجعلهم الرابع عالمياً في عدد الإعدامات، بعد الصين وإيران والمملكة العربية السعودية.
وشكلت «مجزرة سبايكر»، إضافة إلى فتوى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، أبرز الأسباب التي دفعت العراقيين إلى حمل السلاح ضد تنظيم «داعش»، والقتال إلى جانب القوات الأمنية لاستعادة المناطق التي سيطروا عليها. وتمكنت القوات العراقية، بدعم من ضربات جوية للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، من استعادة بعض المناطق من المتشددين، ومنها مدينة تكريت.
وتحول أبرز المواقع التي نفذت فيها عمليات القتل بحق المجندين في مجمع القصور الرئاسية الذي بني في عهد الرئيس السابق صدام حسين، بمثابة مزاراً يزوره عدد كبير من أهالي الضحايا والمسئولين والمقاتلين، منذ تمكن القوات العراقية من استعادة السيطرة على المدينة.
العدد 4688 - الأربعاء 08 يوليو 2015م الموافق 21 رمضان 1436هـ