صدر عن الدار العربية للعلوم في بيروت الكتاب الثاني لمشروع تكوين للكتابة الإبداعية، وهو كتاب "الزن في فنّ الكتابة" للروائي الأميركي راي برادبيري، وهو الكتاب الثاني الذي يصدر عن المشروع بعد كتاب "لماذا نكتب" للمحررة ميريديث ماران.
ترجم هذا الكتاب بجهودٍ تطوّعية محضة لمجموعة من المترجمين في فريق تكوين للترجمة؛ وهم: بثينة العيسى، علي سيف الرواحي، أحمد العلي، هيفاء القحطاني، وليد الصبحي، نداء الغانم، سارة أوزترك، ريوف خالد العتيبي، أسماء المطيري، جهاد الشبيني، هيفاء الجبري. وهو من مراجعة الشاعر والمترجم اليمني محمد الضبع.
لماذا راي برادبيري؟
ربّما لأنّه من القلّة التي تنظرُ إلى الكتابة بصفتها "لذة ومتعة" عوضاً عن كونها معاناة. لأنَّ تأمّلات برادبيري في الكتابة تحتوي طاقة تحفيزية هائلة، لأنّه يحرضنا على تحويل الكتابة إلى لعبة، إلى مدينة ملاهي عملاقة يدلفُ إليها الكاتبُ قفزاً، حيثُ الطفل في داخلك هو الكاتب في داخلك، وينبغي عليك أن تتمسَّك به.
يعتبر كتاب "الزِّن في فنٍّ الكتابة" إضافة نوعية إلى المكتبة العربية، وفكرة جديدة نقترحها على الكاتب العربي، لكي يتخفّف من بعض "الكليشيهات" المرافقة لهويته الكتابية (البؤس والمعاناة)، وليضفي على رحلته الكتابية الكثير من الانتعاش.
من مقدّمة الكتاب:
أنت تسأل، ما الذي تعلّمنا إياه الكتابة؟ أولًا وقبل أي شيء، إنها تذكرنا بأننا أحياء، وأن الحياة هدية، وامتياز، وليست حقاً. يجب علينا أن نستحق الحياة بمجرد أن نحصل عليها. الحياة تطلب أن نردَّ لها الجميل لأنها منحتنا الحركة.
وحيث أن الفن الذي نصنعه لا يستطيع، كما نتمنى، أن ينقذنا من الحروب، والحرمان، والحسد، والجشع، والشيخوخة، والموت. إلا أنه يستطيع أن يبعثنا في خضم ذلك كله.
ثانياً، الكتابة منجاة؛ أيُّ فن، أيُّ عمل جيّد، هو بالتأكيد منجاة. عدم الكتابة، بالنسبة لكثيرين منا، يعني الموت. يجب علينا أن نتسلّح كل يوم، مع أننا نعرف، على الأرجح، بأن هذه الحرب لا يمكن الانتصار فيها تماماً. ولكن علينا أن نحارب، حتى لو كان ذلك لجولةٍ صغيرة. إنّ أقلّ جهد تبذله للفوز يعني، في نهاية اليوم، شكلًا من أشكال الانتصار.
وفي فصلٍ آخر يقول برادبيري:
إذا كنت تكتب بلا لذة، بلا متعة، بلا حُب، بلا لهو، فأنت نصفُ كاتبٍ فقط. هذا يعني أنك مشغولٌ جداً بإبقاء عينك على السوق، أو أنك تنصت بأذن واحدة لما تقوله النخب الطليعية. هذا يعني أنك لا تكون نفسك. أنتَ حتى لا تعرف نفسك.
أول ما ينبغي للكاتب أن يكونه، هو أن يكون متشوقاً. يجب أن يكون شيئاً مصنوعاً من النشاط والحمى. دون حيوية كهذه، سيكون من الأفضل له أن يخرج لقطف المشمش وحفر الخنادق؛ يعلم الله أنّ هذا سيكون أفضل لصحّته.
متى كانت آخر مرة كتبت فيها قصة قصيرة، حيث حبك الحقيقي وكراهيتك الحقيقية خرجتا بطريقةٍ ما إلى الورق؟ متى كانت آخر مرة تجرأت فيها على إطلاق تحيّزاتك العزيزة حيث تضرب الصفحة مثل سهمٍ من برق؟ ما هي أفضل وأسوأ الأشياء في حياتك، ومتى ستتجرأ للهمس بها، أو الصراخ؟
وتنازل فريق الترجمة والمراجعة، بالإضافة إلى الناشر ومشروع تكوين للكتابة الإبداعية، عن حقوقهم من مبيعات هذا الكتاب لصالح تعليم الأطفال المعسرين، أسوة بكتاب تكوين الأول؛ لماذا نكتب، الذي ساهم في دفع الرسوم الدراسية لـ 37 طالباً معسِراً خلال العام الماضي.
حصولك على نسخة من هذا الكتاب يعني حصولك على جرعتك السنوية من الإلهام الكتابي، بالإضافة إلى مساهمتك في إنقاذ مستقبل طفلٍ آخر في هذا العالم.