انخفض عدد الفقراء والذين يعيشون في فقر مدقع في العالم إلى أكثر من النصف فبعد أن كان يصل إلى 1.9 مليار في العام 1990 وصل العدد إلى 836 مليونا خلال العام الجاري، حيث كان منذ عقدين قصيرين فقط، قرابة نصف بلدان العالم النامي يعيشون في فقر مدقع، وقد جاء ذلك في التقرير الأخير لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ أهداف الإنمائية والذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأول (الإثنين) حول الأهداف الإنمائية للألفية.
يأتي ذلك في الوقت الذي من المزمع أن يعقد مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربي في المنامة ندوة صحفية يوم الأحد المقبل (12 يوليو/ تموز 2015) بقاعة المؤتمرات بيت الأمم المتحدة، إذ يركز فيها المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مملكة البحرين بيتر غروهمان ومدير مركز الأمم المتحدة للإعلام لبلدان الخليج العربي سمير إمطير الدرابيع على المؤتمر الدولي الثالث لتمويل التنمية والمزمع عقده في أديس أبابا خلال 13 إلى 16 من الشهر الجاري.
وبالعودة للتقرير الأخير، فقد ذكر أن الجهود غير المسبوقة للقضاء على الفقر ومحاربة العوائق أمام التنمية التي تضمنتها الأهداف الإنمائية للألفية عام 2000 على المستويات المحلية والإقليمية والدولية قد أثبتت أن التدخلات الموجهة والاستراتيجيات السليمة والإرادة السياسية يمكن لها أن تترجم لتقدم كبير في حياة الناس حول العالم.
ويعكس تقرير الأهداف الإنمائية للألفية، الذي يُعد تقييماً سنوياً للتقدم العالمي والإقليمي نحو تحقيق الأهداف، البيانات الأحدث والأكثر شمولاً التي جمعتها أكثر من 28 وكالة من وكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية، وتصدره إدارة الشئون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة، والتي تشير إلى أن وجود مزيد من البنات في المدارس، واكتساب المرأة أرضاً جديدة في التمثيل البرلماني في قرابة 90 في المئة من 174 بلداً توفَّرت عنها
البيانات على مدى العشرين عاماً الماضية، وتضاعف نسبة النساء في البرلمانات خلال الفترة نفسها. وانخفاض معدّل وفيات الأطفال قبل بلوغ سن الخامسة إلى أكثر من النصف، كما تشير أرقام التقرير إلى انخفاض الوفيات النفاسية بنسبة 45 في المئة على نطاق العالم.
ورأى التقرير أن الاستثمارات الموجَّهة لمكافحة الأمراض، مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز والملاريا، قد حققت نتائج غير مسبوقة، إذ انخفضت الإصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة بنحو 40 في المئة في الفترة بين عامي 2000 و2013 وقد تم تفادي أكثر من 6.2 مليون وفاة بسبب الملاريا في الفترة ما بين عامي 2000 و2015، بينما أنقذت تدخلات الوقاية من السّل وتشخيصه وعلاجه حياة ما يقدَّر بنحو 37 مليون شخص في الفترة بين عامي 2000 و2013.
135.2 مليار دولار قيمة المساعدات الإنمائية الرسمية
وعلى نطاق العالم، حصل 2.1 مليار شخص على خدمات محسَّنة للصرف الصحي، وانخفضت نسبة الناس الذين يمارسون التغوّط في العراء إلى قرابة النصف منذ عام 1990 وشهدت المساعدة الإنمائية الرسمية المقدَّمة من البلدان المتقدمة النمو زيادة بنسبة 66 في المئة بالقيمة الحقيقية في الفترة بين عامي 2000 و2014، لتصل إلى 135.2 مليار دولار.
ومن جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في تقريره أن الزخم الذي أحدثته الأهداف الإنمائية للألفية يشكل نقطة انطلاق لجدول أعمال للأجندة التنموية المستدامة الجديدة التي تضمن عدم تخلف أي إنسان عن ركب التنمية.
وتطرق التقرير إلى عدد من الرسائل الرئسية وهي أن بيانات وتحليلات تقرير الأهداف الإنمائية للألفية 2015 تؤكد أن باستطاعة حتى أفقر البلدان إحراز تقدِّم كبير وغير مسبوق عن طريق التدخلات الموجَّهة، والاستراتيجيات السليمة، والموارد الكافية، والإرادة السياسية، أحرز تقدم هائل نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، فالفقر العالمي يواصل الانحسار ويلتحق بالمدارس الابتدائية عدد من الأطفال أكبر من أي وقت مضى وانخفضت وفيات الأطفال بدرجة كبيرة وزادت بدرجة كبيرة فرص الحصول على مياه الشرب المأمونة وأدت التدخلات الموجَّهة لمكافحة الملاريا، والإيدز، والسّل إلى إنقاذ حياة الملايين.
وتؤكد الأهداف الإنمائية للألفية على أن تحديد الأهداف يمكن أن ينتشل ملايين الناس من الفقر، ويمكِّن النساء والفتيات، ويحسِّن الصحة والرفاهة، ويوفِّر فرصاً جديدة وواسعة من أجل حياة أفضل في ظل الحاجة للعمل لضمان عدم التخلي عن أفقر الناس وأكثرهم تعرضاً للتهميش، وذكر التقرير أن تغيُّر المناخ والتدهور البيئي يؤدي إلى تقويض ما تحقق من تقدَّم، ومعاناة الفقراء بدرجة أكبر، فيما رأى بأن النزاعات لاتزال تُمثل أكبر تهديد للتنمية البشرية وأكبر عقبة تعترض طريق التقدم لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
هذا وطالب زعماء العالم بخطة استدامة طموحة طويلة الأجل لتخلف الأهداف الإنمائية للألفية واستكمالاً للنجاح والزخم اللذين حققتهما الأهداف الإنمائية للألفية، ومن المزمع أن تكون هناك أهداف عالمية جديدة متعلقة بعدد من النقاط منها مظاهر عدم المساواة، والنمو الاقتصادي، والوظائف اللائقة، والمدن والمستوطنات البشرية، والتصنيع، والطاقة، وتغيُّر المناخ، والاستهلاك والإنتاج على نحو مستدام، والسلام، والعدل.
ويقول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون: «إن خطة التنمية التي بزغت لما بعد عام 2015 ، بما في ذلك مجموعة أهداف التنمية المستدامة، تجاهد للبناء على النجاحات التي حققناها، ووضع جميع البلدان على الطريق معاً بشكل راسخ للسير نحو عالم أكثر ازدهاراً واستدامة وعدالة».
يذكر أنه وفي بداية الألفية الجديدة، اجتمع زعماء العالم في الأمم المتحدة لتشكيل رؤية عامة من أجل مكافحة الفقر بأبعاده الكثيرة وظلت هذه الرؤية التي تُرجمت إلى ثمانية أهداف، تتراوح من تخفيض معدّلات الفقر المدقع إلى النصف، ووقف انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، إلى تحقيق تعميم التعليم الابتدائي تمثل إطار التنمية الشامل بالنسبة للعالم على مدى الخمسة عشر عاماً الماضية، ومن الناحية الأساسية، تُعد الأهداف الإنمائية للألفية بمثابة تعهد بدعم مبادئ الكرامة الإنسانية، والمساواة، والتكافؤ، وتحرير العالم من الفقر المدقع.
العدد 4687 - الثلثاء 07 يوليو 2015م الموافق 20 رمضان 1436هـ