لمواجهة المشاكل الكبيرة لابد من اتخاذ تدابير وإجراءات تتناسب مع حجمها، وحين لا تكون هذه التدابير في مستوى وحجم المخاطر التي تواجهها فالأكيد أنها ستفشل في مهمتها. ينطبق هذا على ما تشهده المنطقة ودول الخليج اليوم من خطر داهم على أمن واستقرار الدول والمجتمعات، بعد وصول نذر الموت والخراب الذي تمكن تنظيم «داعش» من تصديرها إلى بلداننا في إطار تمدّد إرهابه الوحشي واتساع جغرافية تحركه.
وتحدٍ بهذا الحجم لا يتناسب أبداً مع حجم التعاون الذي نعاينه في البلد مع دعاة هذا الفكر ومروجيه والمتعاطفين معه، وعليه فإن الاكتفاء بالمظاهر الاستعراضية للتدليل على تمسكنا بروح الأخوّة والتسامح والانسجام الداخلي يعد ضرباً من التدليس المكشوف الذي لا ينطلي على شعب سبق الشعوب الأخرى في مضمار التعليم ومستوى الوعي السياسي.
الصلاة المشتركة التي جمعت أبناء الطائفتين الكريمتين، الجمعة الماضية (3 يوليو/ تموز 2015)، في جامع عالي الكبير على خلفية دعوة أطلقتها المؤسسة البحرينية للمصالحة والحوار المدني، وشهدت مشاركة شخصيات رسمية وعامة تعد حالةً صحيةً، مع أنها كان يجب أن تكون قبل هذا التوقيت بسنوات طويلة. لكننا نقول للحريصين على تكريس حالة الوفاق الوطني واحترام إنسانية الإنسان على هذه الأرض: من هنا نبدأ.
نبدأ من تنزيه الإعلام المقروء والمسموع والمرئي من ازدراء الآخر. للذين يريدونها وحدةً وطنيةً حقاً، نقول لهم: احترام الأديان والمذاهب والأعراق أولى من صلاة مشتركة تقام مرةً واحدةً في ظرف استثنائي عصيب تمر به دول مجلس التعاون إثر الحادث الأليم الذي شهدته الكويت، في 26 يونيو/ حزيران حين أقدم انتحاري داعشي على تفجير مسجد الإمام الصادق الشيعي في منطقة الصوابر شرقي الكويت، أثناء صلاة الجمعة، مخلفاً 27 شهيداً وإصابة أكثر من مئتين آخرين، وبالطبع فإن هذا المشهد الدامي مرشّحٌ بشدة للتكرار في البحرين بلحاظ المناخ العام المعبأ بالأحقاد وطبيعة الدوافع التي تحرك الجهة المنفذة التي كرّرت تهديداتها باستهداف البحرين علناً.
للذين يريدون العيش المشترك ويروّجون لفكرة الأسرة الواحدة، والانصهار في بوتقة وطنية لا تستثني مكوناً ولا مذهباً ولا عرقاً ولا ديناً، نقول لهم: لا تبدأوا من محاريب الصلاة فهي المحطة الأخيرة وليست الأولى. ابدأوا من تغيير الواقع المشحون بالبغضاء والممزق بالصراعات والتوترات الطائفية. أصلحوا مناهج التعليم الذي تكرّس لمنطق الخصومة وعدم الاعتراف بوجود الآخر. واجهوا بحزمٍ ومسئوليةٍ خطب الشتيمة والخطاب البغيض الذي يوغر الصدور ويلغّم العقول ويشحن النفوس، فهذه البذور هي من تعطي ذاك الثمر.
إن كنتم حريصين فعلاً على اللحمة الوطنية والعيش بسلام: افعلوها وتَصَدّوا لكل الأصوات النشاز التي تعمل ليل نهار، شاهراً ظاهراً، على تمزيق وحدة الصف وازدراء طائفة كبيرة من الناس.
الصلاة المشتركة حركة رمزية رائعة كان سيندفع لها الناس، وكان سيتحمس لها الكثيرون ويتقدّمون صفوفها، وكانت المساجد على الأغلب ستمتليء عن بكرة أبيها لو كانت البلد بخير، وواجهت تحدياً مفاجئاً ووضعاً طارئاً. لكن التحدّي الذي نعيشه غير مفاجئ، وحالتنا الاعتيادية تتمثل تحديداً في غليان الخطاب الطائفي ووفرته، يُغذّيه ويشد أزره واقع ميداني غير سليم، أوضح أبجدياته التمييز الممنهج والصارخ في الوظائف والخدمات، واستبعاد مكون مهم عن قطاعات خدمية كان يمكن أن تكون مفتوحة أمام جميع أبناء الوطن دون استثناء لو كنا حريصين على الوحدة الوطنية، غير أن «عين الرِّضا عن كلَّ عيبٍ كليلةٌ، وَلَكِنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدي المَسَاوِيَا» كما قال الامام الشافعي رحمه الله.
هذا الوضع الشاذ والمقلوب هو وضعنا الطبيعي الذي ألفناه وعايشنا مرغمين ردحاً من الزمن، وقد أكل معنا وشرب وتمدد ونام، وهو صديق حميم ونديم قديم، فاللحمة الوطنية مثلومة منذ زمن، والثقة معدومة، وأبواق الفتنة وزعيق الكراهية لم يهدأ يوماً منذ أربع سنوات ونيف. لذلك إذا لم تأخذ فكرة الصلاة المشتركة مداها من الانتشار في الأوساط الاجتماعية من الفريقين، فلأن الخرق اتسع على الراقع، والكل متفق على أن الحل أكبر من صلاة تجمع نفراً من الغيورين على اللحمة الوطنية من أبناء البحرين سنةً وشيعةً، فيما مشايخ السوء من أصحاب الفكر الظلامي لا يزالون ينفثون سموم الكراهية في بلدنا ولا من حسيب أو رقيب، وقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
كان أبو عمرو الجاحظ، أحد أئمة الأدب العربي، من أبخل الناس وأقبحهم شكلاً. وذات يومٍ قرع قومٌ عليه الباب فخرج صبيٌّ له، فسألوه ماذا يصنع أبو عمرو؟ فقال: «هو يكذب على الله»! قيل: كيف؟ قال:»نظر في المرآة فقال: الحمد لله الذي خلقني فأحسن صورتي»!
ذكرتني هذه الطرفة لصاحب «البيان والتبيين» بحالتنا البائسة ووضعنا الكريه، لكن الأكيد أننا نحتاج لأكثر من صوت شجاع كصبي الجاحظ يتحدّث عن حالنا بجرأة وصدق وبمنتهى الموضوعية، والأهم أننا نحتاج لمن يُصدّق ويؤمن بالتغيير الذي طال انتظاره، ذلك أن الحقيقة تحتاج إلى من يسمعها كما تحتاج من ينطق بها بتجرد ومسئولية.
إقرأ أيضا لـ "وسام السبع"العدد 4686 - الإثنين 06 يوليو 2015م الموافق 19 رمضان 1436هـ
تصحيح
وتحدٍ بهذا الحجم لا يتناسب أبداً مع حجم التعاون الذي نعاينه في البلد مع دعاة هذا الفكر ومروجيه والمتعاطفين معه
الصواب: وتحدٍ بهذا الحجم لا يتناسب أبداً مع حجم (التهاون) الذي نعاينه في البلد مع دعاة هذا الفكر ومروجيه والمتعاطفين معه. الكاتب
التحدي الذي يواجه أي مجتمع هو بالتكاتف والوحدة الوطنية
وليس بالأصطفاف الطائفي البغيض الذي يفرق أخوة الوطن لازم تجمعنا سفينة البحرين والمواطنة ومافي غير هذا يزيد الحمة والثقة بين الشعب ويبقي المعتقد المختلف محترم من الكل ولا أحد يذكر معتقد الآخر إلا بالخير ويبقى خط أحمر الإساءة للاخر
كيف أعاودك وهذا اثر فاسك
مثل قديم يضرب لمن يسيء لشخص ثم يطلب منه أن يعود لصحبته فيا من نسيتم في يوم ما أننا شركاء لكم في الوطن فتحاملتم علينا بالشتم والافتراء وسعيتم لاقصائنا وخراب بيوتتا وقطع ارزاقنا ورقصتم على جروحنا وفرحتم
لألمنا وحزننا ووشيتم بنا لمصالحكم إن كنتم نسيتم نحن لم ننسى
كيف أعاودك وهذا أثر فأسك
لالمنا
الصفويه
كلامك صحيح من يسب الصحابة ويتجرأ على عرض الرسول صلى الله عليه وسلم ي منابره وقنواته الفضائية يجب ان يحاسب فهو يشق الجماعة وها نحن بعد أن عانينا الأمرين من المخططات الصفوية ها نحن نعاني من داعش والاثنين وجهان لعملة واحده وهي الدعم الإيراني الواضح لهما
و ماذا عن الطرف الآخر
هناك متطرفون سنة و شيعة لا يمكننا ان نعبر المأزق الطائفي ان لم نعترف بهذه الحقيقة و اما المكابرة و العناد فسوف تقودنا للهاوية
ايهاالاخ لا تخلط الحابل بالنابل اوضع النقاط على الحروف ،الكاتب يتكلم عن وضعنا الداخلي البلدي الوطني ،
الشعب من اين له محطة تلفزيونية الدولة فقط هي الت تملك ، اين السب والشتم ،اريد موقف واحد فيه شتم وسب للصحابه ، الرجاء تحديد المشكلة وتشخيصها وعدم الخلط حتى يسهل تحديد الدواء ومن ثم الشفاء اما بهذه الطريقة لا يمكن ايجاد علاج شافي للوطن ، ولايمكن الاستمرار بالوطن هكذا متشنج ، لان الوطن كالسفية لايمكن ان تبحر وهناك من يخرق فيها واذا غرقت غرق الوطن باكمله .
ليتكم تنظرون الى ما هو ابعد من انوفكم
ليتكم تنظرون الى ما هو ابعد من انوفكم
الى متى تستمرون مغفلين الى هذا الحدّ ؟!
كلام على الجرح
الصلاة المشتركة مشروع حكومي مبهرج والشعب البحريني واعي لمثل هذه الخدع
الأزمة الطائفية
كل أزمة طائفية بها طرفان و الطرفان بهم عيوب و لهم اخطاء و اذا أردنا حل هذه الأزمة يجب على الطرفان الاعتراف بهذا الأخطاء اما رمي كل الخطأ على طرف واحد سيعمق الأزمة يجب الاعتراف بوجود خطأ لدى الطرفين
اين الخطأفي الطرف الثاني؟!!!
الكرف الاول موفر له ملفة الامكانيات والمناصب وحتى كافة الوزارات
الطرف الثاني مغلوب على امره لا وظائف لا مناصب بكالة فقر حرمان ومطارد في مذهبه ودينه ثم ممنوع ان ينادي بالاصلاح وتحقيق العدالة والا هو مخطئ كما تفضلت فاين الانصاف يا اخ؟!
رد على زائر ستة
هذا بالضبط ما كان يقوله الزائر رقم واحد اتركوا عنكم المكابرة و اعترفوا ان التطرّف موجود في الطرفان اذا فعلاً نزيد ان نحل المشكلة