على رغم المساعدة بـ 240 مليار يورو التي منحتها الجهات الدائنة منذ 2010 مازالت اليونان، إحدى الدول الـ19 في منطقة اليورو، غارقة في وضع حرج، فيما استعاد جيرانها في جنوب أوروبا بعض التعافي من الأزمة المالية.
اقتصاد في أزمة
دخلت اليونان في منطقة اليورو في الأول من يناير/ كانون الثاني 2001، وهي اول بلد أوروبي واجه أزمة مديونية في سياق الأزمة المالية في 2008. حتى وإن كان اقتصادها -ثلثه مواز- لا يمثل رسميا سوى أقل من 3 في المئة من الاقتصاد الأوروبي، فإن وضعها ومخاطر خروجها من منطقة اليورو الذي غالبا ما تردد منذ فوز اليسار الراديكالي بزعامة ألكسيس تسيبراس في يناير 2015، يلقي بظلاله على كل القمم الاوروبية.
وقد استفحلت الأزمة المالية لينتقل الدين العام من 107 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي في 2007 الى 177 في المئة في 2014، اي 317 مليار يورو (ارقام يوروستات للعام 2014)، وهو مستوى اعتبر صندوق النقد الدولي انه «لا يمكن دعمه» ويطالب بتسديد كامل ديونه (32.5 مليار يورو) على مدى 10 سنوات، منها 1.5 مليار مستحق في نهاية حزيران/يونيو 2015.
ومنح الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي أول خطة مساعدة بقيمة 110 مليارات يورو إلى اليونان في 2010 مترافقة بخطة تقشف متشددة.
وأمام تدهور الوضع، باتت خطة إنقاذ ثانية امرا ضروريا في 2012، تقضي بمنح قروض إضافية بقيمة 130 مليار يورو وشطب كثيف للدين الخاص (107 مليار يورو)، مقابل تدابير جديدة لتصحيح مالية البلاد. وآخر دفعة تسديد لهذا القرض (7.2 مليارات) كانت مستحقة في 30 حزيران/يونيو 2015 بعد إرجائها مرات عدة، فيما اشترط الدائنون تبني تدابير جديدة للتوفير.
وسرعان ما شعر اليونانيون بتبعات سياسات التقشف، فبين 2010 و2013 انخفض متوسط عائد الفرد بأكثر من 3 آلاف يورو وارتفعت البطالة 4 أضعاف (7.8 في المئة في 2008، 27.5 في المئة في 2013). وتضاعفت 3 مرات لدى فئة الشباب التي تقل أعمارهم عن 25 عاما لترتفع من 21.9 في المئة الى نحو 60 في المئة في 2013 بحسب يوروستات.
لكن في العام 2014 سجل بعض التقدم حيث انتقل النمو من خانة السلبي في 2013 (-3.9 في المئة) إلى خانة الايجابي (+1.6 في المئة) وتراجع العجز العام من -13.5 في المئة إلى -1.65.
رغم ذلك مازال عمل الدولة مثقلا بإدارة عاجزة عن جباية الضرائب (الكنيسة وأصحاب السفن، أول قطاع نشاط في البلاد مع السياحة لا يدفعون) إضافة إلى تهرب ضريبي هائل ومحسوبية ونفقات مرتفعة جدا في الموازنة.
حياة سياسية
هيمنت عليها الأسر لفترة طويلة
تهيمن على الحياة السياسية اليونانية منذ عقود 3 أسر كبيرة. في الوسط اليسار عائلة باباندريو؛ فجورج باباندريو الأب كان زعيم اتحاد الوسط قبل دكتاتورية الكولونيلات (1967-1974). ونجله اندرياس حمل المشعل لاحقا مع تأسيسه حزب باسوك وأصبح أول رئيس لحكومة اشتراكية في العام 1981. والحفيد جورج أصبح بدوره رئيسا للوزراء (اكتوبر/ تشرين الأول 2009- نوفمبر/ تشرين الثاني 2011).
وفي اليمين عائلتا كرامنليس وميتسوتاكيس. فقسطنطين كرامنليس اول رئيس حكومة بعد سقوط نظام الكولونيلات أصبح رئيسا للجمهورية خلال 10 سنوات (1980-1985 ثم 1990-1995). وصداقته مع جيسكار ديستان سمح لليونان بدخول السوق المشتركة في 1981. كذلك تولى ابن شقيقه كوستاس كرامنليس رئاسة الحكومة (2004-2009).
أما قسطنطين ميتسوتاكيس أول رئيس للوزراء من 1990 إلى 1993، فكان ابن شقيقة الزعيم اليوناني الكبير بين الحربين اليفتيروس فينسزيلوس. وقد شغل اثنان من أولاده، دورا باكويانيس وكيرياكوس ميتسوتاكيس، مراكز وزارية.
لكن حزب سيريزا اليساري الراديكالي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 كانون الثاني/يناير 2015، بحصوله على 149 مقعدا نيابيا من اصل 300. وزعيمه الكسيس تسيبراس شكل حكومة ائتلافية مع حزب اليونانيين المستقلين اليميني (انيل، 13 نائبا). ويشكل حزب الفجر الذهبي للنازية الجديدة ثالث قوة سياسية في البلاد مع 17 نائبا.
العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ