البحرين غير، في الكثير من النواحي والمفاهيم، والممارسات والقيم، السياسية والاقتصادية، الحقوقية والقانونية، البحرين غير.

فالبحرين غير، وتنفرد في تحديد الأفراد المذنبين في أي حدث غابت تفاصيله عن الرأي العام، وبالتالي التمكن وفي وقت قياسي قصير، من القبض على الجناة، وعلو الثقة بالنفس في الكشف عن هوياتهم عبر النشر، وذلك بالسبق الصحافي والإعلامي، الذي يسبق حتى قول القضاء كلمته. والحكم على المتهم دون الاهتمام بدعاويه وتصريحات فريق دفاعه، بعدم تمكينه حقه أو فريق دفاعه في الدفاع عن نفسه.

البحرين غير، في أعراف «سَلك البلد»، التي تتبدى القرارات أمام المواطن نتاج التقصير والتعسير عليه حقوقه الأساسية والخدمية، وحين طلبه الإطلاع على تلك القرارات، تكون في جارور مكتب المسئول المعني، المسافر في مهمة رسمية غير معلومة المدى الزمني، أو ربما ستلحقها مهمات أخرى متعددة، تقضي على صبر المواطن ليستسلم ويتمتم، «حسبي الله ونعم الوكيل».

والبحرين غير، في مسئولية الجهات الرسمية، في الحفاظ على أملاك الدولة، بما أضاع أكثر من ستين كيلومتراً مربعاً، من الأراضي المملوكة للدولة، التي هي حق عام لشعب البحرين، تلك التي انتقلت ملكياتها بقدرة قادر تفوق قدرته قدرة القانون، وتحوّلت إلى ملكيات خاصة.

والبحرين غير، في تسييج مساحات شاسعة من الأراضي، تفوق مساحة بعضها مساحة محافظة بأكملها، وبترها من ملكية الدولة، وحجبها عن نظر شعب البحرين، وكأنها خارج حدود الوطن وخارج سلطة الدولة.

البحرين غير، في استضافة الوافدين، ومنحهم أكثر مما تمنحه الدولة للمواطن، في تراخيص العمل وتراخيص ممارسة التجارة والاستثمار، بما تُقدَّم له من الخدمات المدعومة التي يستنفعها في كلف حياته وتجارته واستثماره، ليراكم الأرباح ويحوّلها، وكذلك العمالة الوافدة، إلى خارج البحرين، بما يفقر الاقتصاد المحلي لصالح اقتصاد تلك البلاد.

والبحرين غير، في مسئولية الحكومة عن إيصال سقف الدين العام إلى 7 مليارات دينار بما يعادل عجوزات مُقَدَّرة في الميزانية العامة للدولة للسنوات الخمس إلى العام 2020، الأمر الذي لم يقلق السادة المفتخرين بتمثيلهم الشعب، في مجلس النواب، من خلال نظام انتخابي يمنحهم النيابة عن شعب البحرين بأصوات أقرب إلى العشرات، بقدر ما أقلقهم وأقلق من سبقهم، أن يشرعوا لقانون مكافآت تقاعدهم، غير الدستوري وغير الحقوقي، بحصولهم على 80 في المئة من الراتب نتيجة عملهم أربع سنوات، مقابل اشتراط عمل المواطن عشرين سنةً لحصوله على النسبة ذاتها، ولم يقلقهم رفع الدعم عن الحاجات الأساسية للمواطن من الغذاء والكهرباء والماء والبنزين، وقريباً استشراء الغلاء وخفض الرواتب، بقدر ما أسعدهم وجوب الاستسلام لكونهم تابعين للسلطة التنفيذية في موضوعات مثل الميزانية، عبر القبول بفهم غير طبيعي لنص دستوري يلغي دورهم الرقابي والتشريعي، وبقدر ما أسعدهم إخلاء طرفهم من المسئولية في ذلك تجاه مواطني البحرين.

البحرين غير، في نيابة النواب عن الشعب بما يمس كرامة المواطن، بالطلب من الحكومة وترجـِّيها، أن تحفظ للنواب ماء الوجه بمنح كل أسرة (من تعداد 2 إلى العشرات) مبلغ 500 دينار كل سنتين (20 ديناراً كل شهر)، ترضيةً للمواطن مقابل هدر الملايين على شركات خاسرة مثل طيران الخليج، وملايين أخرى لها قنوات تسريب لا علم لأحد بها، سوى عند إبداء قلةٍ من المتسائلين العادلين عن أسباب اختفاء مبالغها.

ولم يبقى من البحرين غير، إلا دواعش البحرين، الذين يرسمون على الورق ويخطّون، ليوزّعوها على مساجد طائفة، بما يدعو الدولة للخلط ما بين الحماية الواجبة عليها للمواطنين، وما بين التضييق عليهم بممارسة معتقداتهم المذهبية الإسلامية، بدعوى الضرورة لحمايتهم، في ظل سكوت الدولة الداعي لتمرد تلك المنابر الداعشية وتلك الأسوأ منها، التي تدعو إلى تكفير وقطع رؤوس المواطنين من طائفة، وإخراجهم من الملة والوطن، إلحاقاً لما أهملته الدولة من محاسبة أولئك من عذَّب وقتل المواطنين في الشوارع، وأولئك من حطَّم وسرق الأسواق التجارية، وهم مفضوحو الوجوه والزي الرسمي، قبالة ممارسة الاعتقال وحبس القيادات السياسية الشعبية من المطالبين بالحقوق المواطنية للجميع.