تتابعاً للمقالة السابقة عن «داعش» والمتطرفين مُدعي الإسلام، من الذين اشتهروا بالقتل الوحشي لبث الرعب في النفوس حيث يقطعون الأيادي ويرمونهم من أسطح البنايات أو يربطونها بالزنزانات ويحرقونهم أو ينحرونهم، أو يُغرقونهم... وحوشٌ مُتعطشة للدماء وللحوم البشرية... ويقودون ثوراتٍ غبية غيبية يهاجمون ويحتلون قُرىً نائية باسم الدين الكاذب... أتساءل من هي هذه الشرذمة التي ظهرت من الكهوف كالشياطين المدمرة للأخضر واليابس.
من أين أتى هؤلاء وكيف تمكنوا من إقناع الشباب للانضمام إليهم وما هي الظروف التي ساهمت في تطوعهم على رغم كل ذلك التطرف الرهيب، وكل الهمجية على بلداننا العربية، والتي تغذيها مع الأسف بعض دول الجوار مادياً ومعنوياً... لقد عاد الاستعمار القديم، عاد لتفتيت المنطقة ولنهب ثرواتها (من الغربيين والأميركان والإنجليز بالتواطؤ مع ربيبتهم الصهيونية إسرائيل في عمل كل هذه التنظيمات السرية وللقتل بأيدي أبنائها والتي وجدنا أنهم يقومون هم بتدريبهم على أنواع البطش والتفجيرات المنظمة)، من المسئول يا ترى من انخراطهم بتلك التنظيمات الإرهابية أهي العائلة أم سوء الصحبة، أم هو المجتمع غير المنصف وعدم وجود الأنظمة المحفزة لاحترام عقولهم وإبداعاتهم، أم هو الفقر، وضياعهم من دون عمل أو وظائف لشغل أوقاتهم ليقعوا فريسةً لهذه الحثالة المجرمة، أم أنه غسيل الأدمغة الممنهج في المساجد والإعلام والمدارس والتلقين القسري والحرفي للقرآن وتشويه تفاسيره بين بعض الملالي ورجال الدين الجهلة والمغيبين عن الثوابت والدعائم الأساسية الرائعة للأديان والتي شددت عليها الكتب السماوية، من عمل الخير والتسامح والعفو وحب الأوطان والإخلاص لها وعدم القتل أو الفجور وارتكاب المعاصي، إلخ... ولا تكفيني الصفحات الطوال في مزايا ديننا وروعته، بل قاموا على تحويره إلى عكس ما أتت به... والتركيز على الجهاد وعلى نشره بالقوة والقتل، والتشديد على كسب الغنائم والتفرقة الطائفية، والتفنن بالعقاب قبل الثواب والاتهام بتكفير المجتمعات الآمنة والعودة للعهود السحيقة وبتخويف النساء ببرقعتهن والزنى بهن بأسماء مُحرفة ومُضللة، لا يعترف بها أحد... وحبسهن في البيوت ونشر الغيبيات المخيفة مثل السحر والأدعية المغلوطة ومن عذاب القبر، إلخ.
لقد أثبت البحث أن البعض من شبابنا الضائع يقع لقمةً سائغة لهؤلاء للأسباب التي ذكرتها فهم ييسرون لهم ما يحتاجونه من إغراءات المال والجنس من السبايا وجهاد النكاح، وشغل أوقاتهم بالتدريب للبطش والقتل بالأحاديث الكاذبة، مع تقديم المخدرات لهم حال وصولهم لإدمانهم ولإلهائهم عن الفظائع ولتُنسيهم آدميتهم ومن ثم يجهزوهم كالقنابل الموقوتة للشهادة والانتحار تحت تأثير المُخدرات لقتل المجاميع وفي المساجد أو الأسواق المكتظة، والجنة الموعودة بعدها، وإنني أحذر شبابنا مما هو آتٍ من شياطين النار والذين يُغررون بهم إلى التهلكة كما أرجو أن تستيقظ مجتمعاتنا وإعلامنا وبدق ناقوس الخطر للتوعية، وأن تساهم الدولة في خلق الخدمات وزيادة الاهتمام بشبابنا من الطائفتين وتوفير الوظائف والأنشطة الاجتماعية وللتوعية الرياضية والترفيهية والفنية لشغلهم وامتصاص طاقاتهم وأن تُفتح دور العبادة للصلاة فقط، ومنع الأحاديث الدينية تماماً فيها وأن تقوم بالإشراف على كل المدارس الدينية أيضاً وما يُدرس فيها ومنع ما يُفرق أو يشتم الآخر أو التي تحث على الجهاد والرفع من المستوى العلمي والثقافي لكل مدرسي الأديان، علَّ أن تكون هذه الاحتياطات بعضاً من السُبل لمنع الانحرافات الدينية في الأماكن المقدسة والتي كنا نعتقد أنها تُنمي الإدراك والعقيدة الروحية التي أصبحت بيتُ الداء، وأن نتخطى هذه الأزمة الحضارية الموجعة مع الوحوش الذين يعبثون ببلادنا وتراثنا والله الموفق وأن يحمي ديارنا جميعاً.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4684 - السبت 04 يوليو 2015م الموافق 17 رمضان 1436هـ
نعم كلام في الصميم
مقال جميل ورائع ويفسر الكثير ممايحدث وباسلوب سهل وسلس ادامك الله لنا دكتوره
كتاب الوسط
اليوم قرأت كل الأعمدة لكتاب الوسط فما رأيت غير حب الوطن والدعوة إلى المحبة والعدالة وحب الوطن بينما تقرأ في الصحف الصفراء ... موضوعات باهتة فيها اللمز والروائح الطائفية الكريهة
دمتم محفوظين
وثيقة تاريخيه
دكتورة سهيله انا من المحبين لقراءة مقالاتك الرائعة الفكرية من الطراز الرفيع وهذا المقال بالذات وماقبله يعتبران وثيقه ارشيفية تاريخيه. لمن يبحث عن حقيقة الدواعش خوارج العصر الف شكر وتحيه والف صحه وعافيه لك دكتوره