حاول رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس للمرة الاخيرة اليوم الجمعة (3 يوليو/ تموز 2015) تعبئة مواطنيه وحضهم على التصويت بـ"لا لأولئك الذين يسعون إلى نشر الذعر"، فيما اظهر استطلاع جديد قبل الاستفتاء ميلا باتجاه التصويت بـ"نعم".
واظهر الاستطلاع الذي أجراه معهد الكو أن 44,8% من اليونانيين يعتزمون التصويت بـ "نعم" مقابل 43,4% ينوون التصويت بـ "لا"، ليكون اول استطلاع يظهر تقدم "نعم" على "لا" في الاستفتاء.
الا ان هامش الخطأ في الاستطلاع يبلغ 3,1% ما يعني ان النتيجة النهائية لا تزال متقاربة.
وقد حذر قادة الاتحاد الاوروبي ان التصويت بـ "لا" في الاستفتاء سيعرض وجود اليونان في منطقة اليورو للخطر.
ونبه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الجمعة الى ان موقف اليونان التفاوضي مع دائنيها "سيضعف بشكل كبير" في حال فازت "لا" في الاستفتاء.
الا ان رئيس الوزراء اليوناني اليساري رفض ذلك، وقال ان الاستفتاء يتعلق فقط باستعداد اليونانيين لقبول إجراءات تقشف اقسى مقابل الحصول على اموال الدائنين الدوليين.
ويؤكد تسيبراس ان التصويت ب"لا" سيعزز قدرته على التفاوض حول شروط افضل من الدائنين الدوليين وهم صندوق النفد الدولي والمفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي.
وتريد اثينا من الدائنين اعادة هيكلة ديون اليونان الضخمة الخانقة التي تزيد عن 180% من اجمالي النتاج المحلي رغم شطب 107 مليارات يورو (119 مليار دولار) من ديونها في 2012.
وصرح وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس للاذاعة الايرلندية الجمعة ان "السبب في توقف المفاوضات" الاسبوع الماضي بشان شروط الصفقة كان عدم وجود اي مادة تنص على مزيد من خفض الديون.
واضاف الوزير المنتمي الى حزب سيريزا اليساري ان "الاتفاق في متناول اليد سواء كان الرد (في الاستفتاء) بنعم او لا".
وتابع فاروفاكيس "اذا كان (الخيار) لا، يمكنني ان اؤكد لكم انه خلال هذا الاسبوع من التعثر تلقينا اقتراحات ملائمة جدا مصدرها اوروبا بشكل سري، وثمة اتفاق يلوح في الافق".
لكن يونكر نفى ما اعلنه فاروفاكيس وقال من لوكسمبورغ "لم يحصل اي تفاوض".
وقال نائب رئيس المفوضية الاوروبية فالديس دومبرفسكين، الذي يشغل كذلك منصب مفوض منطقة اليورو، لصحيفة دي فيلت الالمانية في مقابلة "من الخطأ الافتراض بان ال+لا+ في الاستفتاء ستعزز موقع اليونان التفاوضي، بل على العكس"، معتبرا ان الوضع في اليونان "اسوأ بكثير من الاسبوع الماضي" قبل ان يقطع تسيبراس المفاوضات مع الجهات الدائنة ليعلن تنظيم الاستفتاء.
وتحول بعض الناخبين اليونانيين الذين دعموا موقف تسيبراس في البداية الى معسكر "نعم" بعد ان شاهدوا الحقيقة على ارض الواقع عقب فرض ضوابط على التعاملات المالية هذا الاسبوع لمنع هروب الاموال، حيث حدد مبلغ السحب اليومي بمبلغ 60 يورو يوميا (67 دولار).
وقالت سوزانا اليزوتي البائعة في متجر في اثينا "ساصوت ب+لا+ لانني اعتقد انه يتم التعامل مع الشعب اليوناني بازدراء. ولكن تسيبراس جعل الوضع اسوأ بكثير، فهو السبب في اغلاق البنوك".
واصدرت المحكمة الادارية العليا في اليونان وهي "مجلس الدولة" الجمعة حكما يؤكد شرعية الاستفتاء.
وجرت تظاهرات بعضها تاييدا للتصويت ب"نعم" والبعض الاخر للتصويت ب"لا" في العاصمة اليونانية هذا الاسبوع، وينتظر خروج تظاهرتين اخريين في وقت لاحق الجمعة من المتوقع ان تكونا حاشدتين خصوصا انه لم يبق لاجراء الاستفتاء سوى يومين.
وتعتقد العديد من الشخصيات في الاتحاد الاوروبي، وخصوصا رئيس البرلمان الاوروبي مارتن شولتز ان هزيمة الحكومة اليونانية في الاستفتاء يجب ان تقود الى استقالتها.
وصرح فاروفاكيس انه سيتنحى من منصبه وزيرا للمالية في حال حدث ذلك، وان على الحكومة القيام بالشيء نفسه وتسليم السلطة الى حكومة تصريف اعمال.
الا ان تسيبراس لم يكن واضحا بهذا الشان، وصرح للتلفزيون اليوناني الخميس انه سيحترم نتائج الاستفتاء وسيتخذ الخطوات الضرورية "المنصوص عليها في الدستور".
ومع اقتراب موعد الاستفتاء المصيري، قال صندوق النقد الدولي الخميس ان اليونان ستحتاج الى 60 مليار يورو اخرى في اطار صفقة الانقاذ خلال السنوات الثلاث المقبلة. كما انه سيخفض توقعاتها للنمو في 2015 من 2,5% الى صفر.
ومن المرجح ان لا تتمكن اليونان من تسديد مبلغ 3,5 مليارات يورو من ديون البنك المركزي الاوروبي في 20 تموز/يوليو.
والسؤال الذي يطرحه الاستفتاء الذي سيجري الاحد يتعلق بصفقة الانقاذ التي لم تعد موجودة بالنسبة الى اليونان بعد ان انتهت الثلاثاء.
ويعتبر نص السؤال محيرا لكثيرين، ويقول "هل يجب قبول مسودة الاتفاق الذي قدمته المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد الدولي في مجموعة اليورو في 25 حزيران/يونيو 2015 والمؤلفة من جزئين يشكلان معاً اقتراحا موحدا؟ الوثيقة الاولى بعنوان +الاصلاحات اللازمة لاكمال البرنامج الحالي وما بعده+ والوثيقة الثانية بعنوان +الدين الاولي وتحليل الاستدامة+".
وتحتوي ورقة التصويت على مربع "لا" في اولها، وتحته مربع "نعم".
وحاول عدد من المسؤولين اطلاق تصريحات للتهدئة الجمعة، لكنها كانت مثيرة للشكوك في مضمونها.
واكدت مديرة اتحاد البنوك اليونانية الرئيس التنفيذية للبنك الوطني اليوناني لوكا كاتسيليو ان المصارف اليونانية لديها "السيولة الكافية حتى اعادة افتتاح البنوك المقرر يوم الثلاثاء"، ما يثير الشكوك حول اليقين من اعادة فتح المصارف الثلاثاء.
من جهته، قال فاروفاكيس ان اعادة فتح البنوك سيكون "فوريا" في حال الاتفاق. ولكن ماذا في حال لم يتم التوصل الى اتفاق؟ اذ ان وزير المالية الالماني وولفغانغ شويبله قال انه حتى لو كان التصويت في الاستفتاء "نعم"، فان استئناف المفاوضات "سيستغرق بعض الوقت".
وفي هذا السياق، اقترحت عدة بنوك الخميس فتح فروع للعملاء الذين يرغبون في جلب السيولة، في اشارة ربما الى بدء نفاذ السيولة.
وسجلت بورصات اوروبا الرئيسية انخفاضات في تعاملات الجمعة مع تركز كل الانظار على استفتاء اليونان وما يمكن ان يعنيه ذلك للمستثمرين في بداية الاسبوع المقبل.