«داعش» ليس هو الأصل في المنظومة الإرهابية، بل هو ليس سوى جهاز أو أداة شبه ذكية مثل الروبوت المبرمج، كبرمجة الحاسب الآلي، بالقدرة على تخزين خطوات الأداء، وتخزين النتيجة وتخزين الانفعالات وردّات الفعل، بما يجعل من الممكن استخدامها من قبل عدة أطراف، سواءً بما يبدو بينها من ود أو نزاع، وفي النهاية تصب المنافع في مصب صاحب براءة الاختراع، بما يطوّر بها من إمكانيات «داعش» وغيره من المنظمات الإرهابية على المستوى الدولي، والتي هي في مجموعها تشكل الإرهاب العالمي.
وهو غيره المسمى بالإرهاب المحلي، الذي تبتكره الحكومات محلياً بتسخير أجهزتها الأمنية، للتعدي على الحقوق المدنية والسياسية، لفئة من مواطنيها من المطالبين بالحقوق والحريات، لانتزاع الاعترافات تحت ضغوطات الترغيب والتهديد والتعذيب، ويتم نشر هذه الاعترافات وأصحابها المُعلَنين، على صفحات الصحف وشاشات التلفزيون، بالإسم والصورة والعنوان والتفاصيل منذ الولادة إلى لحظة القبض.
وهو أيضاً غيره الإرهاب الإقليمي الذي تدّعيه بعض أنظمة الدول، لتبرير دواعيها لاتّباع إجراءات أمنية استثنائية، بحق مواطنيها، وبما تعلنه وتسمي دوله، بين وقت وآخر، من خلال الاعترافات المنسوبة إلى أفراد المتهمين بالإرهاب المحلي.
فمن السهل أن يجد المتتبع لحوادث الإرهاب في العالم اليوم، أن الإرهاب العالمي متركزٌ في مساحة العالم العربي والإسلامي الجغرافية، وتركيز فعلها الهدّام أكثر وأكثر، بالنيل من أسس وأركان بناء الدول، وصولاً إلى الفوضى والصراعات المتعددة الأطراف، التي تجدها في دول مُختارة من الدول العربية، مثل ليبيا.
أما العراق وسورية، فقد اشتركتا في الإدعاء عليهما بامتلاك السلاح المحظور دولياً، الكيماوي والنووي في العراق، بما قادت أميركا غزو العراق، وأول ما أجهزت عليه كان بتدمير بناه التحتية ومنشآته العلمية والحضارية، واغتيال وتشريد علمائه، ثم على جيشه الوطني بالحل والتشريد كمؤسسة، وآخراً وليس بالأخير، إفقار شعبه حد اللظى.
ثم سورية بدعوى امتلاك السلاح الكيماوي، وبادعاء استخدامه، ولم ينه تدمير سورية الاختياري أو الإجباري لذلك السلاح، ما بدأته الدول المعنية بالحرب على سورية، من تسليح الجماعات المعارضة المحلية، وتهريب الجماعات الإرهابية الدولية وتزويدها بالمال والسلاح، إلى الداخل السوري، عبر الدول التي لها حدود برية متصلة بسورية، وعبر المنافذ البحرية والإسقاطات الجوية، وغيرها من الدول التي جمعت فيها علانية جماعاتها الإرهابية الدينية التبرعات المالية، وأوصلها أفراد من أعضائها وعلانية أيضاً وبإعلان سافر بالنية للعيان، وهو إعلان الجهاد الذي هو بالمعني الإسلامي إعلان الحرب، «من جهَّز غازي فقد غزا».
وأخيراً مما يبدو لهذه المرحلة، من بعد البدء بدول الشرق الأوسط، وبالخصوص مصر وسورية والعراق وليبيا وغيرها، بالتفريق بينها وبين بعضٍ من دوله الأخرى، بأنها الشوكة في خاصرة «إسرائيل» الصهيونية، ما يضعها على خريطة التصدّي لدول الترهيب الدولي الكبرى، أُديرت دفة الإرهاب العالمي إلى دول الخليج العربي، عبر الكيل بمكيال ذات الخطورة على الدولة الصهيونية لبعضها، ومكيال قصر وبعد المسافة بين هذه الدول والامتثال لدول الترهيب الكبرى، فكانت آخر الحروب، تخوضها الدول الأطراف، لتأتي على الأخضر اليمني واليابس، من الطبيعي والبشري.
وبالعود على آخر التفجيرات الإرهابية في مساجد طائفة دينية بعينها، في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وأثناء صلوات الجمعة، وآخرها في الكويت... وتونس، وباستخدام ذات الأداة، جهاز الروبوت المبرمج «داعش»، الذي أعلن مسئوليته عن تلك التفجيرات، فبمثل ما بين الدول، والجماعات المتطرفة الدينية منها والمدنية، من صراعات وتوافقات، فلها صلات بالإرهاب العالمي، تستثمر أفعاله وجرائمه لإرهاب خصومها، ولإلهاء شعوبها، البعض عن مسلك الشعوب في معارضة أنظمة الحكم، والبعض لتبرير تنازل الأنظمة الطبيعي، بإعادة بناء مؤسسات الدولة، بالعمل على تطهيرها من ذوي الصلة بالإرهابيين، سواء المباشرة بالتمويل والتسليح، أو غير المباشرة بالتحريض على بغض طائفة، وخصوصاً أولئك الدينيين من على منابر المساجد، حتى تفجير ليون الفرنسية، لا يخرج عن هذا السياق، من كلا اتجاهيه، المؤيد والمعارض لنشاطات فرنسا، في دول المنطقة المستباحة بترهيب الدول الكبرى.
إن بذرة الإرهاب زرعتها الخصومة بين الدول، وروتها علماً أو جهلاً، الأنظمة الحاكمة لخصومتها مع شعوبها.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4680 - الثلثاء 30 يونيو 2015م الموافق 13 رمضان 1436هـ
ا
مقال صائب جدا وفي الصميم داعش ماهو الا أداة طيعه بيد من اخترعها ويسلطها على من يشاء كيف يشاء متى ما يشاء لخدمة من يشاء فهي ليست اكثر من لعبه وقودها المستضعفين والمساكين والمغلوب على امرهم.
نعم داعش ليس أصل الارهاب .
...................لقد عانينا التبعات منذ ذلك الحين لليوم وحتى قائم آل محمد ونسأل الله أن الهداية والفرج يارب . والصبر مفتاح الفرج . اللهم صل على محمد وآل محمد .
في الصميم
لقد اصبت يا استاذ في تشخيصك لهذه الظاهرة ومنشاها وكيف يتم استغلالها في تخويف وتهويل الناس المطالبة بحقوقها لحرف البوصلة عن مسارها الطبيعي ولكن الناس التي ضحت وبذلت الغالي والنفيس في سبيل تحقيق المطالب لا يهمها داعش او غيرها وسوف تستمر والطريق طويل والعقبات كثيرة لكن الارادة والعزم والصمود هي التي سوف تنتصر في النهاية
نعم داعش ليس أصل الإرهاب
فأصل الإرهاب هي النصوص و العقائد المكفرة للمسلمين. كل يكفر الآخر و يستحل دمه. هذا ما لا يريد المثقفون الكتابة عنه ؛ و لا تحديد المسئول عنه.
زائر رقم 4 هل انت صائم ايران ضربها الارهاب امرار
ايران ضربها الارهاب مرارا اوتكرارا وزعيمها يده اليمنى .....بسبب الارهاب الذي رعته وزرعته دول الغرب وانت وانا وكلنا يعرف هذه الحقيقة ولكن المشكلة فيمن لا يمنعه صومه عن التدليس والتلبيس
زائر
لعبت ايران دورا ومنذ نشاة الجمورية وكانت لها اليد الطولى في ما وصليت إليه العراق وسوريا من تردي وعدم استقرار فدعم دولة يا أخ يعقوب ليس كدعم افراد او جماعات
نعم
لقد اصبت كبد الحقيقة يا استاذ ياوطني ياشريف.
من المستفيد الأول من الإرهاب ؟
المستفيد الأول من الإرهاب هم دول تسوّق السلاح ويخدمها عدم الاستقرار في مناطقنا
المستفيد الثاني حكومات تريد اسبابا معينة للهروب من الاستحقاق الشعبية بإشراكها في ممارسة حقها من خلال الديمقراطية
اذا عرفنا المستفيد وشخّصنا العلّة هنا يلزم طرح السؤال ما هو الحل؟
الحلّ الأول ينهي الى الحلّ الثاني أي بمعنى لو تمكنت الشعوب من المشاركة في الحكم فإنها حتما ستوقف امورا كثيرة تتعلّق بالتسلح والتسليح وهذا ما لا تريده الدول المصدرة للسلاح. والجواب لدى الشعوب
نعم لقد اجدت اجاة تامة في التوصيف
الإرهاب منشأه حكومي صرف اذا لا يمكن لشعوب متحضّرة تمارس حقوقها بصورة كاملة وتعيش باحترام في دولها ان تجنح للإرهاب
الإرهاب له اسبابه والحكومات تعرف اسبابه لكنها لا تريد اجتثاثه بل تريد استغلاله لصالحها كما تفعل الدول الكبرى التي تخلق الارهاب وتجيره لخدمة اجنداتها
درر
كلام مدوزن ومضبوط عفارم عليك دكتور