هدوء سمج وترقب حذر يسودان الأجواء حول قصر الكوبورغ بالعاصمة النمساوية منذ يوم أمس الإثنين في انتظار ما سيعود به وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قطع المفاوضات عائدا إلى طهران. وبينما بررت مصادر إيرانية سفر ظريف بأنه لـ«التشاور»، رجحت مصادر غربية أنه يبحث عن المزيد من التفويض في المجال النووي، وفق ما ذكرت صحيفة الشرق الأوسط اليوم الثلثاء (30 يونيو/ حزيران 2015).
وظل وزير الخارجية الأميركي جون كيري باقيا بفيينا ولم يصل وزيرا الخارجية الروسي والصيني بعد، بينما غادرها كذلك كل من وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا عائدين إلى عواصمهما، والفرنسي لوران فابيوس توجه إلى نيويورك. وفي مؤشر محتمل على حدوث تقدم، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس بأنه سيتوجه إلى فيينا اليوم تزامنا مع عودة وزير الخارجية الإيراني.
كما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس العودة إلى فيينا «هذا الأسبوع» لمتابعة المفاوضات حول الملف النووي الإيراني. وصرح الوزير الفرنسي لصحافيين في نيويورك أنه مستعد للعودة إلى فيينا «في أي لحظة عندما سيكون ذلك ضروريا» قبل أن يضيف «هذا الأسبوع بالتأكيد». ولم يتضح ما إذا كان وزراء خارجية بريطانيا وألمانيا والصين سيعودون إلى فيينا.
وفيما أعلن ظريف أنه سيعود إلى فيينا، اليوم الثلاثاء، غير معلوم متى سيعقد الطرفان جلسة مكتملة بعد أن اتفقوا على تمديد المفاوضات لبضعة أيام عدة.
وكان من المقرر أن تنتهي اليوم المهلة التي اتفقت عليها إيران والمجموعة الدولية كموعد لتوقيع اتفاق الإطار الذي توصلت إليه في لوزان يوم 2 أبريل (نيسان) الماضي واستنادا عليه يواصلان مفاوضاتهما الحالية بحثا عن حل نهائي لقضية الملف النووي الإيراني بموجبه تقلص إيران من نشاطها النووي المثير للجدل مقابل رفع للعقوبات.
وأعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أمس أنه تم التوصل إلى نظام خلال المحادثات بين إيران والدول الكبرى يسمح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول جميع المواقع الإيرانية المشتبه بها. وقال المسؤول الذي لم يشأ كشف هويته: «لقد حددنا نظاما نعتقد أنه سيتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية دخول (المواقع) التي تحتاج إليها»، موضحا أن إيران لن تكون مجبرة على السماح بدخول كل مواقعها العسكرية.
وسبق أن رفض المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي مرارا أي تفتيش للمواقع العسكرية الإيرانية من جانب الوكالة الذرية. وأضاف المسؤول أن «الفكرة ليست في تمكيننا من دخول كل موقع عسكري (إيراني)، لأن الولايات المتحدة نفسها لن تسمح لأي كان بدخول أي موقع عسكري فيها، لذلك فهذا الأمر غير مناسب». وتابع أن «لكل الدول أهدافا عسكرية تقليدية وأسرارا عسكرية لا ترغب في أن تتقاسمها مع الآخرين». وتدارك «ولكن إذا رأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار الاتفاق أنها تحتاج إلى السماح لها بدخول (بعض المواقع) ولديها سبب لذلك، فإن لدينا إجراء للسماح بالدخول».
وفي الوقت نفسه، نفى المسؤول الأميركي التلميحات التي طرحها منتقدون إلى أن الولايات المتحدة سترضخ لإيران من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن كبح برنامج طهران النووي. وقال المسؤول الذي تحدث للصحافيين مشترطا عدم الكشف عن اسمه أن المفاوضين لا يزالون يأملون في نجاح الجولة الحالية من المفاوضات في فيينا وأنه لا أحد يتحدث عن تمديد طويل الأجل للمحادثات. ولكنه أضاف أنه لا يعلم ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق. وقال المسؤول بأنه لو كانت الولايات المتحدة ترغب في تقديم تنازلات كبيرة للتوصل إلى اتفاق لفعلت ذلك منذ فترة طويلة وأن مثل تلك الانتقادات «سخيفة».
وبدوره، صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس بأنه من المبكر القول ما إذا كانت المفاوضات الصعبة مع إيران للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي ستنجح، ورد على سؤال حول ما إذا كانت المحادثات في فيينا تحرز تقدما: «نحن نعمل، ومن المبكر جدا إصدار أي أحكام». وتأتي تصريحاته بعد مشاورات مكثفة خلال اليومين الماضيين مع نظرائه من الدول الخمس الكبرى إضافة إلى إيران.
والتقى وزير الخارجية الأميركي أمس في مقر إقامته بمدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو. هذا ولم يصدر عن الجانبين أي تصريحات بخصوص اللقاءات التي تكررت ثلاث مرات خلال اليومين الماضيين. ووصفت مصادر دبلوماسية الغربية تلك الاجتماعات بـ«المهمة» في البحث عن كيفية محاصرة إيران التي تتهمها أطراف غربية بمحاولات التملص مما وافقت عليه ضمن اتفاق الإطار الذي تقلص بنوده بعض الأنشطة النووية الإيرانية الحساسة بنسبة الثلثين ولفترات تتراوح ما بين 10 - 20 سنة.
ومن جانبهم واصل المديرون السياسيون والخبراء بمقر المفاوضات بقصر الكوبورغ أمس، اجتماعاتهم. وعلمت «الشرق الأوسط» أنهم عاودا طرح مسائل تقنية فنية بسبب تغيير في الموقف الإيراني إزاء بعض النقاط الفنية. وفي هذا السياق كان وزير الخارجية الإيراني قد صرح قبيل مغادرته أن التعليمات قد صدرت لزملائه في الوفد المفاوض للعمل على نص صياغة الاتفاق حتى يأتي الوزراء للبحث في القضايا السياسية.
ومن أهم القضايا السياسية التي ما تزال عالقة وتيرة رفع العقوبات وقضية ضمان عمل المفتشين الدوليين للتحقق من اتهامات بأبعاد عسكرية تلاحق النشاط النووي الإيراني.