يأمل خبراء الهجرة في أوروبا، بأن تستمع حكومات دول الاتحاد الأوروبي، التي تعاني في الوقت الراهن، من موجات كاسحة من اللاجئين غير الشرعيين، لأقوالهم ومقترحاتهم الصائبة، التي يمكن الاستفادة منها على طريق معالجة أزمة الهجرة إلى أوروبا. وتقوم بتغيير كل سياساتها الصارمة تجاه قضايا الهجرة، والبحث عن حلول أكثر شفافية وإنسانية، في التعامل مع المهاجرين واللاجئين، الذين ضاقت بهم الأرض في أوطانهم الأصلية، ولم تتسع سوى لمعاناتهم وشقائهم وحرمانهم من أبسط متطلبات حياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية المشروعة. والإقدام على تغييرات جذرية في نظام «دبلن 2» الذي أثبت فشله الذريع، في مواجهة الموجات العالية من المهاجرين واللاجئين، إلى الدول الأوروبية الغنية، حتى بعد أن حرصت هذه الدول على تنفيذ المزيد من الإجراءات القاسية في قضايا الهجرة.
ومعروف أن هذا النظام ظلّ يشترط على المهاجرين واللاجئين، تقديم طلب الحصول على اللجوء في دولة واحدة فقط من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ويفترض أن يكون هذا البلد هو بلد الدخول الأول للإتحاد، وإذا ما تمكن الأشخاص بعد ذلك من الوصول إلى دولة ثانية عضو في الإتحاد، يتم إرسالهم مرةً أخرى إلى البلد الأول الذي دخلوا منه إلى أوروبا. غير أن غالبية هؤلاء المهاجرين ظلوا يبتكرون أحدث الطرق والوسائل الملتوية والمعقدة، التي تغيّر وجهة الدول التي يأملون في الوصول إليها، والتي يعتقدون بأنها ستكون «أرض الأحلام» المنشودة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر ببدء حياة جديدة، ومستقبل مضمون يوفّر لهم كل مستلزمات السعادة الروحية والاقتصادية والكرامة الإنسانية.
ويقول خبراء الهجرة إنه يتوجب على دول الاتحاد الأوروبي، التي «كانت تدعي مساعدة الفقراء والمضطهدين والفارين من بطش الدكتاتوريات الحاكمة، في مختلف أنحاء العالم على امتداد عقود»، أن تغيّر قوانينها المجحفة بحق هؤلاء المهاجرين، بشكل واقعي وجدي، وأن تتحمل كافة مسئولياتها الإنسانية والأخلاقية، من خلال تكثيف عمليات إنقاذ المهاجرين واللاجئين، الذين يتعرضون دائماً لمخاطر الضياع أو الموت المحتمل، أثناء عبورهم إلى أوروبا، وتأمين استضافة جماعية للاجئين والمهاجرين الجدد، والنظر بسرعة في طلبات لجوئهم، وأن تلتزم جميع دول الاتحاد بتنفيذ تعهداتها الوطنية والدولية تجاه قضايا الهجرة، التي باتت اليوم في أوروبا وفي كل مكان آخر من العالم، إحدى الأمور المهمة والحساسة، التي تتطلب من جميع الدول وضع حلول جوهرية ومنطقية وإنسانية لتذليلها ومعالجتها بصورة عملية، بدلاً من المبالغة في فرض القيود الصارمة والمخيفة، حيث لاتزال بعض الدول الموقعة على معاهدة حماية أوضاع المهاجرين، تتجاهل المشاكل الكثيرة المترتبة على عمليات الإعادة القسرية، والتسويات الحقيقية لأوضاع المهاجرين، الذين يبقون لفترات طويلة في مراكز إيواء اللاجئين من دون أن تحسم طلبات تقديمهم للجوء، وهو ما يتناقض تماماً مع الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية، ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي التزمت بها كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ويدعو خبراء الهجرة الأوروبيون، حكومات الاتحاد إلى إنهاء نظام «دبلن 2» وإجراءاته وخصوصياته، التي فشلت حتى الآن في كبح النمو المتزايد في أوضاع الهجرة الشرعية وغير الشرعية، والبحث عن استراتيجيات ومشاريع جديدة وناجعة، والتركيز على تبادل الأفكار بينها وبين الحكومات الأخرى ذات المشاكل المشابهة، بشأن العديد من القضايا الحقوقية والقانونية والإنسانية الملحة، إذا ما أرادت تجنب الآثار العكسية، التي يمكن أن تلحق بها من جراء تنامي موجات اللجوء والهجرة.
في مقابل ذلك، تشعر حكومات دول الاتحاد الأوروبي، بوجود مشاكل عديدة ومعقدة، تمنعها من تنفيذ كامل تعهداتها الوطنية والتزاماتها الدولية، تجاه قضايا الهجرة، التي تعد ذات جذور عميقة ومعقدة في واقعها السياسي والاجتماعي والأمني، حيث ترى أن الغالبية الساحقة من المهاجرين غير الشرعيين، الذين يتقدمون بطلبات حق اللجوء، والتي ترتكز غالبيته على الجوانب الاقتصادية الصرفة، قد لا يتفهمون بدرجة كبيرة، حجم المعاناة الاقتصادية الواسعة التي أخذت ترهق خزائنها المالية، التي هي أصلاً تعاني من شحة السيولة النقدية، نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وأنهم أيضاً يخالفون معظم القوانين المكرّسة في اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين للعام 1951، التي تنص على مسائل الاضطهاد العرقي والسياسي والعقائدي والنفي التعسفي والمخاطر التي تهدد حياة الأشخاص. وبذلك لا يسعها غير اتخاذ تدابير صارمة بحق كافة المهاجرين واللاجئين التي لا تبدو حياتهم معرضة لمثل تلك المخاطر الحقيقية في بلدانهم الأصلية، وبحق كل من يمارس عمليات الاتجار بالبشر في دول أوروبا وغيرها من بلدان العالم.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 4677 - السبت 27 يونيو 2015م الموافق 10 رمضان 1436هـ
إدعاءات
رغم الصعواب التي تواجه الغرب في استقبال المهاجرين وصرف الاموال عليهم فان دول الغرب تكون وفية في تعهداتها على عكس الدول التي تشرد ابناء جلدتها وتستر بالقيم الانسانية من اجل مصالحها فقط ..