في أطروحته التي نال عنها درجة الدكتوراه بعنوان «المرأة في الرواية الخليجية النسوية الجديدة»، خلص الناقد والباحث الأكاديمي فهد حسين إلى أن الراوية الخليجية تستهويها الكتابة الإبداعية على حساب القيمة الفنية، والاهتمام باللغة المحكية على حساب اللغة الأدبية أحياناً، بالإضافة إلى أنها تكرس الصورة النمطية للمرأة، وتقدّم الرجل بوصفه صورة للهيمنة الذكورية.
ونال حسين شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى في الأدب العربي الحديث من معهد البحوث والدراسات العربية بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية، في مصر، وذلك بعد مناقشة بحثه المقدم في مجال الرواية بعنوان «المرأة في الرواية الخليجية النسوية الجديدة» من قبل لجنة للمناقشة تكونت من الناقد الأكاديمي صلاح فضل مشرفاً ورئيساً، وعضوية الأكاديمي محمد بريري ممتحناً داخلياً، والأكاديمية أماني فؤاد ممتحناً خارجياً وخلصت اللجنة إلى منحه درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى، وأجازت بحثه ودعته لطباعته ونشره إثراءً للمكتبة العربية والخليجية.
وفي مستهل ملخص بحثه «المرأة في الرواية الخليجية النسوية الجديدة» أشاد حسين بما قام الكتّاب والدارسون من جهد حول المنجز الخليجي في مجال الشعر والسرد، ونوّه بظاهرة التجربة الروائية الخليجية النسوية التي أضحت «واقعاً ملموساً ينبغي دراسته، واستكشاف ما تسرده وتناقشه من أوضاع المرأة والتحولات التي واكبت مسيرة التطور في دول منطقة الخليج العربية. ومن هنا جاء البحث في الكتابة الروائية للمرأة الخليجية الكتابة بالمرأة، وكيف تنظر الروائية بوصفها امرأة إلى بني جنسها في السرد الروائي، وانعكاس ذلك على الواقع المعيش، ومعرفة إن كان حضور المرأة شكلياً يقتضيه العمل الروائي، أم هو حضور تفرضه حتمية القضايا المتناولة، وهو ما يجعلنا ننظر إلى مستوى هذا العمل الروائي الخليجي النسوي وطبيعته في ظل الفكرة السائدة تجاه المرأة التي تشير إلى أنها قاصرةٌ عقلاً، وضعيفةٌ إرادةً، ومضطربةٌ في اتخاذ القرار، ومدى الوعي الذي وصلت إليه المرأة الخليجية، ومعرفة دورها في المجتمع إبداعياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً، والسعي إلى نقل المنجز الروائي الخليجي النسوي من الهامش إلى مركز التحليل والنقد».
وأشار حسين إلى أنه اعتمد في البحث على مدونة تتمثل في عدد من الروايات النسوية الخليجية المختارة، المتمثل في 24 روائية خليجية ومنهن: فوزية السالم وليلى العثمان من الكويت وزينب حفني وقماشة العليان من السعودية، وأخريات، أما المنهج فتمثل في الوقوف على طبيعة التلقي، وعلاقة النص بالسياقات المجتمعية المختلفة، والنظر إلى السياق اللغوي وتمظهراته الجمالية والثقافية. وتناول مصطلح الأدب النسوي من حيث توظيفه ودلالته، وتعاطي الكاتبة العربية معه، الأمر الذي جعله يقف على الدراسات السابقة التي ناقشت المنجز الأدبي للمرأة العربية عامة، والخليجية على وجه الخصوص.
وقسَّم حسين بحثه إلى سبعة فصول في الفصل الأول تناول تشكُّل صورة المرأة في الرواية الخليجية النسوية. وتناول في الفصل الثاني صورة الرجل، ودرس في الفصل الثالث قضايا المرأة الاجتماعية والظروف المعيقة لتحقيق طموحاتها، والتمرد الاجتماعي، والختان والمعتقدات الاجتماعية، والزواج والطلاق. وفي الفصل الرابع تناول التعليم والوعي الثقافي والعمل السياسي والحقوقي تحت عنوان قضايا المرأة الثقافية. أما في الفصل الخامس فتناول المكان مفهوماً وحضوراً للمدينة العربية والأجنبية ورؤية الروائية للمكان، كما درس في الفصل السادس مفهوم الزمن، ومدى اهتمام الروائية الخليجية به في حالتي الزمن الاسترجاعي والزمن الاستشرافي. وجاء الفصل السابع بعنوان اللغة في الرواية الخليجية النسوية ليقف عند توظيف اللغة الفصحى واللغة المحكية، وتوظيف الضمائر وتداخلها، وتعدد الرواة.
وخلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها أنه «جاءت كتابة المرأة لإثبات قدرتها لتكون فاعلة بذاتها الأنثوية من أجل تحسين صورتها الاجتماعية، كما خلص الباحث إلى وجود رغبة جانحة للكتابة الإبداعية على حساب القيمة الفنية بعض الأحيان، وهيمنة فكرة المكان والاهتمام به وإبرازه، وتضارب الرؤى والتوجهات والتطلعات في رسم الشخصيات النسوية، في مقابل رسم صورة الرجل بوصفه أنموذجاً للتسلط والهيمنة، والاختلاف في طريقة طرح حالة التمرد الأنثوي وحرية الجسد، وفقاً لوعي الروائية ومفهومها للحرية، كما رصدت الدراسة الدعوة إلى محاربة التطرف، وإعلاء قيمة التسامح والتلاقي الحضاري والثقافي والديني على نطاق إنساني. والتوافق في توظيف اللغة الفصحى في السرد والوصف، والبقاء على اللهجة في التخاطب والحوارات في أكثر الأعمال، كما لاحظ الباحث توظيف الجمل القصيرة العاكسة للحالات الملازمة للمرأة والدالة على العاطفة، أو المعبرة عن حالة الدهشة والاستغراب والاستفهام، والتباين في كشف ملامح الشخصيات النسوية ومعالجة بنائها، وتعرية كائنها الداخلي الذي يبحث عن هوية خاصة به».
كما رصد الباحث أن الرواية الخليجية النسوية لم تشِر إلى البنية الثقافية التي أنتجت التسلط الذكوري، إلا من خلال الموروث والعادات، حيث برز الفكر الأبوي المتسلط من خلال المواقف الحياتية والتجارب المجتمعية، وليس من خلال التركيبة الذهنية العربية عامة، وعقلية الرجل على وجه الخصوص، ونوّه إلى أن هناك تركيزاً على وضعية المرأة، وعلى ظروفها المختلفة، ولكنها لم تقف على موروثها الأنثوي، ودورها في مواجهة سلطة الرجل عدا رواية القلق السري، كما تنبه إلى أنه ثمة اهتمام باللغة التي تحاكي اليومي الحياتي ما قلل من توظيف اللغة الأدبية الإبداعية.
وكشف الباحث عن نمطية الشخصيات النسوية المتكررة في كل الروايات، والتي تمثلت في صورة المرأة التقليدية كصورة الزوجة والأم وربة البيت، وصورة المرأة السلبية التي لا تملك سلطة القرار، وهي التابعة لسلطة الرجل، والخاضعة لإرادته، وصورة المرأة الجسد التي تبحث عن تمردها عبر حريته، وصورة المرأة ذات الأفق الضيق والعقلية المسطحة، بالإضافة إلى غلبة تأدية الأدوار المُعدَّة سلفًا، وكأن الروائية هي التي تسيّر الشخصيات، ولا تتركها تتحرك لوحدها، وفي الوقت نفسه دخلت بها إلى مناطق اعتبرها المجتمع محرّمة، وهذه جرأة صادرة منها لم يلجها الروائي الخليجي كالمثليّة مثلاً، أو نقد الجماعات المتطرفة، كما ناقشت ما هو مسكوت عنه في المنطقة، مثل: ظاهرة ختان الإناث، والنقاب والحجاب ورؤية المرأة تجاهه.
كما خلص حسين إلى أنه «لم نجد الشخصيات النسوية منشغلة بالوعي والهموم الثقافية أو بالمناسبات العالمية التي تعنيها، مثل: اليوم العالمي للمرأة الذي يمثل نقطة انطلاق نحو حصولها على مكاسب اجتماعية وسياسية وثقافية ومهنية، ولم نجد حضوراً واضحاً للعلاقة بين المرأة والاقتصاد على رغم مشاركة المرأة الخليجية في تأسيس العديد من المنتديات والجمعيات الاقتصادية الخاصة بها».
العدد 4676 - الجمعة 26 يونيو 2015م الموافق 09 رمضان 1436هـ
ألف مبروك
ألف مبروك للدكتور فهد نيل درجة الدكتوراة و إلى مزيد من النجاح و الإبداع
دكتور خالد