قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان: «لا يُعرَف مظلوم تَواطأ الناس على ظلمه، وزهدوا في إنصافه مثل القرآن، فلله ما أقلّ عارفيه! وإنَّ أحدنا لو ذهب يبحث عن العاملين بما فيه بحقٍّ وصدقٍ في أغلب ما يرى ويسمع لأعياه طلبه... اتَّخَذ الناسُ هذا القرآن مهجوراً، إلا مَنْ رحم ربي، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، صحفٌ، ومجلاتٌ، وحكاياتٌ،وروايات، وثقافاتٌ، ووسائل اتصال متنوعة تموج بها الدنيا صباح مساء».
وأكد القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (26 يونيو/ حزيران 2015)، أن «كتاب الله عزَّ وجلَّ بمثابة الروح للحياة، والنور للهداية، فمَنْ لم يقرأه ويعمل به فما هو بحيٍ؛ بل هو ميت، وإن تكلم أو عمل أو غدا أو راح، ومَنْ لم يؤمن به ضلَّ وما اهتدى، وإن طار في السماء أو غاص في الماء».
ورأى أن «الإنسان بلا قرآن كالحياة بلا ماء ولا هواء؛ بل إن الشقاء متحقِّقٌ في حسه ونفسه؛ ذلك أن القرآن هو الدواء والشفاء، شفاءٌ للقلوب، وشفاءٌ للأبدان، وشفاءٌ للمرء وأنيسٌ، كلما ضاقت أمامه مسالك الحياة وشعابها، وافتقد الرائد عند الحَيْرة، والنور عند الظلمة، يجد القرآن خير جليس لا يُمَلَّ حديثه، وتِردَادُه يزداد فيه تجملاً وبهاءً».
وذكر أن بالقرآن «تنضبط النفس المتردِّدة أمام الزوابع والأعاصير، فلا تغرق في لجَّة المهالك، ولربما ضاقت بالمرء الضوائق، ومارت في وجدانه المخاوف، ويشدّه ألمه فلا يجد إلا أن ينشد راحته في بضع آيات من القرآن يردِّدها».
وأضاف «يقرأ المسلم القرآن؛ فإذا بالسكينة والطمأنينة يعمران قلبه وجوارحه، ثم تَقْدِمُ النفس بعد ذلك، لا تبالي ما يحدث لها، وبذلك تتبخَّر وساوس السوء ووساوس الضعف، ويظهر للنفس أن الإنسان مبتلى بأوهام أكثر مما يُبتلى بالحقائق، وينهزم من داخل نفسه قبل أن تهزمه وقائع الحياة.
وقال: «من تأمل حياة كثير من الناس اليوم، وجد أنها لا تمت إلى القرآن بصلة، ولا تتصل به والعياذ بالله، فما أكثر المخالفات الموجودة، وما أعظم الواجبات المفقودة».
وتساءل: «أين المسلمون اليوم عن هذا القرآن العظيم الذي تضمن كل ما يحتاجه الناس في حياتهم الدينية والدنيوية، أين الذين يرتكبون المحرمات والفواحش والمنكرات، من الإيمان والعمل بالقرآن؟ أين الذين يتركون الفرائض والواجبات، ويتساهلون في المأمورات، أين هم من الإيمان والعمل بالقرآن؟ أين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، ويسرقون ويختلسون من الأموال العامة والخاصة، أين هم من الإيمان والعمل بالقرآن؟».
وأشار إلى أن «المرء المسلم ليعجب من مواقف كثيرٍ من الناس أمام كتاب الله تعالى، وقد أحاط بهم الظلام من كل جانب، فتخبَّطوا فيه خبط عشواء! أفْلَسَت النُّظُم، وتحطَّمت كثيرٌ من المجتمعات، وتدهورت القوميَّات والعالميَّات، وأنتنت الحريات اللادينية المزعومة. فالعجبُ كل العجب أن يكون النور من بين أيديهم، ثم هم يلحقون بركاب الأمم المخالفة لدينهم في كل نهجٍ ومسلكٍ، فلا يستطيعون سبيلاً إلى الهداية.
ورأى القطان أن «أهل الزيغ والضلال والإلحاد أشغلوا المسلمين عن نورهم، وأبعدوهم عن مصدر العزَّة، وأغروهم بطَيْف أنوارٍ زعموها في السياسة تارةً، وفي العلوم الدنيوية أخرى، وثالثة في المال والقهر والجبروت، ورابعة في الغزو الأخلاقي والثقافي المترجَم عبر وسائل متناثرة، يتلقفها أكثر المسلمين ومجتمعاتهم، إلا مَنْ رحم ربي».
وتابع «لقد قَصَّر جمعٌ من المسلمين مع كتاب ربهم إلا من رحم الله، حتى إن الواحد منهم ليختم القرآن كله، ثم يخرج منه بمثل ما دخل فيه، ما فهم من معانيه شيئاً!».
وشدد على أنه «ليس شيءٌ أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته وسعادته - من تدبُّر القرآن وإطالة النظر فيه، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تُطلِعُ العبد على معاني الخير والشرِّ وعلى حال أهلهما، وتُرِيه صورة الدنيا في قلبه، وتُحضِرُه بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، فيرى غرق قوم نوح، ويعلم صاعقة عاد وثمود، ويعرف غرق فرعون وخسف قارون».
وأردف قائلاً: «بِتَدبُّر القرآن يعيش المرء مع الآخرة حتى كأنَّه فيها، ويغيب عن الدنيا حتى كأنَّه خارجٌ عنها؛ فيصير في شأنٍ والناس في شأن آخر»، مشيراً إلى أن «الله سبحانه وتعالى أنزل القرآن من فوق سبع سماوات للتدبُّر والتعقُّل، لا لمجرد تلاوته والقلبُ لاهٍ غافل».
وواصل القطان حديثه عن القرآن الكريم، مبيناً أن «رمضان شهر القرآن الكريم، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، هو الشهر الذي يكثر فيه المسلمون من الجلوس إلى مائدة القرآن، والنهل من معينه الطيب الفياض»، داعياً إلى «الإكثار من تلاوة القرآن في رمضان وفي غير رمضان وفي جميع أوقاتكم، لتنالوا رضا مولاكم، واغتنموا هذه الأيام والليالي المباركة، في تعلم القرآن وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، فخير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وسعى لنشره، وشجع على حفظه وفهمه وتدبره».
كما دعا إلى حضور الحفل الختامي لمسابقة البحرين الكبرى لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، والتي تقيمها وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف بالتعاون مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، تحت رعاية كريمة من قبل عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وقال إن: «عقد مثل هذه المسابقات يعطي دافعاً قوياً، وحافزاً كبيراً لأبناء وبنات المملكة، في المضي قدماً في طريقهم مصوبين أنظارهم نحو هدفهم النبيل، ألا وهو خدمة كتاب الله عزَّ وجلَّ والعناية به حفظاً وعلماً وعملاً. وحث الناشئة على حفظ كتاب الله عزَّ وجلَّ ومدارسته والعناية به. وتربية النشء على حقائق الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وعلى مبادئ الإسلام و شرائعه السمحة. وتبني نوعية متميِّزة من حفظة كتاب الله و إعدادهم ليكونوا دعاة خير وعامل إصلاح في مجتمعهم وأمتهم».
العدد 4676 - الجمعة 26 يونيو 2015م الموافق 09 رمضان 1436هـ
ا
وتواطؤو في حرق القرأن وهدم بيوت الله
يا شيخ
و في من الحيوانات على هيئة بشر يقتل الناس في بيوت الله -...........
البحرين
وناس تواطؤا على قتل ابنائنا وهدم مساجدنا وهتك اعراضنا