لست بالتأكيد ضد عمليات التجميل وإن كان العنوان قد يوحي بذلك، ولن أناقش هنا الجراحات الترميمية التي لا جدل في أهميتها وضرورتها للمريض، لكني سأتطرق لبعض الحالات النفسية التي يجب أن يحاول جراح التجميل أن يتعرف عليها ومحاولة تحويلها للأخصائي النفسي.
لاشك أن النمط السائد أصبح في حياتنا الحالية هو النمط الاستهلاكي وبالتأكيد أن للإعلان دور كبير في إقناعنا بما لا حاجة لنا به ويعمل على جذب المستهلك إلى سلعة أو خدمة ما وأول ما يعمل عليه هو تعويد الأفراد، ما يحدث في نهاية المطاف تغيراً واضحاً في نمط التفكير يكمن الخطر الحقيقي في أن تتحول هذه السلع والأفكار إلى ضرورة بعد أن كانت كمالية والجراحة التجميلية هي أكثر المجالات الطبية ارتباطاً بالإعلان وقد ازدهرت بسببه، وباتت في جزء كبير منها مادة إعلانية استهلاكية.
الامر المبكي المضحك هو أنه بات اختيار أنف جديد هو كشراء ثوب جديد، إن مناقشة عمليات التجميل مسألة مركبة ومتعددة يتداخل فيها الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، ولكن يبقى العامل النفسي هو المحور الذي تدور حوله جميع العوامل الأخرى.
إن الاتجاه إلى تغيير الشكل عن طريق عمليات التجميل يعكس ميلاً إلى النمطية والتماثل مع نماذج اجتماعية تستقطب الأضواء من خلال الشكل الخارجي الذي يعني الجمال وإلغاء كل الأبعاد الأخرى الداخلية للإنسان كالثقافة والتعليم والقيم ولكن لذلك أيضاً بعد نفسي غاية في الأهمية، فهناك اضطرابات نفسية تتعلق بالشخص نفسه ونظرته إلى صورته الذاتية ويبدأ كل ذلك بالنفور غير المنطقي أو الانشغال المفرط بأحد الملامح المكروهة.
ومن هنا تأتي خصوصية هذه الجراحة فالمريض هو من يطلب (العلاج) إن صح التعبير وليس الطبيب هو من يقترحها إلى جانب وجود عنصر أو مكون نفسي بالغ الأهمية.
وقد أظهرت أحد الأبحاث النفسية أن من معظم المرضى الذين يكونون راضين عن نتائج عملياتهم الجراحية ويكتفون بها ، وجد أن 15 في المئة منهم لا يرضون أبداً عن نتائجها ويصابون بنوع من الهوس والرغبة في التغيير الشكلي المستمر ويكون هذا مؤشر لمشكلة نفسية جدية في أغلب الأحيان.
إن اختيار المناسبين لعمل جراحة التجميل يجب أن يبدأ بتقييم نفسي شامل وأن يتم التركيز بشكل أساسي على الدافع، سواء داخلياً أو خارجياً والتحقق منها بشكل كبير وخاصة من وجهة نظري الشخصية الدوافع الخارجية فكثيراً ما تكون لإرضاء الآخرين (زوج، قريب وحبيب) فالشخص المناسب يكون قراره لنفسه وليس لغيره.
فاطمة _ السيكولجست: لا تجعلوا من السطحيين مشاهير.
إقرأ أيضا لـ "فاطمة النزر"العدد 4675 - الخميس 25 يونيو 2015م الموافق 08 رمضان 1436هـ