ما أن خرج من معتقله بعد أربع سنوات وثلاثة أشهر، صرح المناضل الوطني الكبير إبراهيم شريف وفي أول لقاء تلفزيوني له، بأنه متنازل عن حقه في مقاضاة ومحاسبة من قام بتعذيبه خلال فترة وجوده في السجن، وقال إنني أسامحهم وأصفح عنهم، مشيراً إلى أن هذا الموقف جاء بناء على موقف شخصي من أن الأوطان لا تبنى عن طريق الانتقام وتصفية الحسابات، بل عن طريق التسامح والمحبة بين الجميع حتى من قام بعمليات التعذيب.
الشريف في مقابلة أخرى ذكر أن الثلاثة أشهر من سجنه كانت مرحلة التعرض للتعذيب دون توقف، وعلى الرغم من ذلك فهو يرى أن الانتقام من معذّبيه ولو عن طريق رفع دعاوى قضائية ضدهم، لن يصب في مصلحة المصالحة الوطنية التي يجب أن تبنى بلبنات من الحب والتسامح، كما حدث في جنوب أفريقيا، بعد سقوط نظام الفصل العنصري، حيث قام الزعيم الكبير نيلسون منديلا بفتح صفحة جديدة من تاريخ وطنه عبر نشر ثقافة التسامح.
وعلى الرغم من جميع الافتراءات على القوى الوطنية المعارضة، من وصفها بالتطرف والطائفية والإرهاب، إلا أن قادة المعارضة والتي يقضي أغلبهم فترات طويلة في السجن، وآخرهم الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، دائماً ما كانوا ينادون بالوحدة الوطنية، والتحذير من الفتنة الطائفية.
الشيخ علي سلمان الذي ظل دائماً ينادي بالوحدة الوطنية ويؤكد أن «المساهمة بأي قدر في إثارة الفتنة الطائفية والاقتتال على أساس الاختلاف في المذاهب الإسلامية حرام»، وأن احترام المذاهب الإسلامية المختلفة واجب، وعدم النيل من رموزها واجب، واحترام أتباعها واجب»، ويشدّد على ضرورة «إشاعة التسامح والمحبة بين جميع المسلمين بجميع مذاهبهم وأعراقهم وألوانهم»، هذا الرجل يُحكم عليه بالسجن أربع سنوات بتهمة «ازدراء طائفة من الشعب».
في مقابل ذلك، نرى أن من يتهم المعارضة بالطائفية، يكرّس جل جهده في زرع بذور الطائفية في المجتمع، ويؤلب السلطة على المعارضين، وعلى فئة من المجتمع ويدعو ليل نهار إلى سجن وإبعاد وإسقاط الجنسية عن كل من ينادي بالإصلاح، وحتى أنهم ينتقدون أحكام القضاء «المتساهلة» جداً مع المعارضين، ويطالبون بأحكامٍ أكثر قسوة لا تقل عن الإعدام أو السجن المؤبد.
خطاب الكراهية من قبل هؤلاء لم يقف عند حد التشكيك بوطنية المعارضة واتهامها بالعمالة للخارج فحسب، ولكنه ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، ليقف حجر عثرة في طريق أية مصالحة وطنية تنقذ المجتمع من الأزمة السياسية، وكلما لاح في الأفق حديثٌ حول الحوار الوطني، اتخذوا موقفاً مضاداً من ذلك.
بين خطاب الكراهية وخطاب التسامح يقف فريقان، فريق يرى أن كل يوم يمر من عمر الوطن في الصراع هو فترة من النكوص والتراجع، والمزيد من الضحايا والخسائر؛ وفريق آخر يرى أنه كلما طال أمد الأزمة، وكلما اكتظت السجون، وكلما سُحبت جنسيات مواطنين وشُرّدوا من وطنهم، وكلما طُردت الكوادر الوطنية من أطباء ومهندسين ومعلمين من وظائفهم، هو لا يمكن أن يجلب حلاً وطنياً جذرياً يخرج البلاد مما هي فيه.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 4672 - الإثنين 22 يونيو 2015م الموافق 05 رمضان 1436هـ
ا
انفخو في برمه مقضوضه مافي فايده وعلى قولة الشاعر
من باع در على فحام ضيعه
يا عالق الشمع في دار لعميان
على كل حال الله يسوي الا فيه الصلاح
التسامي على الجراح
التسامح أفضل ولكن بعد وصف ما جرى لك حتى يعرف الناس حجم المأساة وعن ماذا أنت متسامح
2947
من يزرع الكراهية والطائفية من سحب الجنسيات وسحب وحدات الإسكانية وتجريدهم من وظائفهم