للنضج فترات، تختلف من انسانٍ لآخر ومن بلادٍ لأخرى ومن جنسٍ لآخر، حيث يقال ان البنات ينضجن قبل الاولاد، كما يختلف ايضاً نضج المجتمعات من مكانٍ الى آخر وبحسب تكوينها وليس بالضرورة أن يتكون النضج مع تقدم العمر فهنالك من تجاوزوا الستين عاماً ومازالوا يتصرفون كالاطفال، كما أن هنالك من هم في بداية حياتهم الاولى وتظهر عليهم علامات النضج والتصرف بالحكمة التي يحتار في تصديقها الآخرون.
اذاً ما هو النضج وما هي المعايير التي يُحتكم بها؟ إنه من الصعوبة تحديد ماهية النضج الانساني وكيفية التحكم به أو اسراعه. قد تكون الجينات المتوارثة أو طريقة التربية والتي تدلل الفرد اكثر من اللازم فلا ينضج ويبقى معتمداً على والديه في العطاء ويستمر بعدها في الاعتماد على الآخرين لقضاء حاجاته، وبذا يعوق الوالدان نضجه نتيجةً لعدم اعطائه القدرة على التجربة ومعرفة النجاح والفشل. وينطبق ذلك على الشعوب فكلما عَمَلت وكافحت الظلم والتشرد والاوضاع الاجتماعية أو السياسية المتردية وحاولت اصلاحها والرفع من مستواها ونشر العلم والثقافة بينها كانت شعوباً اكثر نُضجاً وتقدماً في ادائها الحياتي في المجالات الانسانية كافة، من تلك التي لا تبذل جهداً وتعيش عالةً على الشعوب الاخرى تأكل وتشرب وتستهلك من جهد الشعوب الناضجة والآخرين.
ولا اريد ان اطيل عليكم في الامثلة لأنني اود ان اناقش النضج الروحاني للإنسان وكيف يأخذ وقتاً طويلاً عند البعض بينما نجد اطفالاً بل شباباً يملكون نضجاً روحانياً غير متوقع.
إن النضج هو عبارة عن فهم الحياة والنظر اليها بطريقة مختلفة عما ينظر عامة الناس اليها والابتعاد عن الناحية المادية والترفع عليها، بحيث يتفهم الشخص آلام الآخرين ويستقبل غضبهم بتفهم ويراعي مشاعرهم مهما غلطوا عليه ويُبرر لهم افعالهم ويتجاوب مع المحتاجين والضعفاء ويكون حاضراً دائماً لمد يد العون اليهم والى من يطلب منه الحاجة اياً كان جنسه أو لونه أو عمره، يعشق الاطفال ويحنو عليهم ويقدر من يساعده بل ويرجع له المساعدة بأكثر مما اخذ.
ماذا نقول عن هؤلاء؟ أهم ملائكة الرحمة أم هم نوعٌ خاصٌ مختلف من البشر، هل هو النضج الذي اتكلم عنه؟! قد يكون هؤلاء.
ان النضج هو كيفية الترفع عن المجادلة والنميمة وخاصةً اذا ما كان ذا منصب ومسئولاً عن الكثير من الموظفين بحيث يحرص على أن يُشجعهم ويسندهم دائماً اما بإعطائهم الحوافز والتقدير سواء بالرفع من رواتبهم أو بالشهادات الرمزية أو بمجرد مكالمة تُشعرهم بأنهم مهمون وأنه فخورٌ بأدائهم في العمل للرفع من هِممهم واضافة الفرحة الى قلوبهم، وبذا يكون قد حقق لهم ايضاً أن ينظروا اليه كمثلهم الاعلى في الاداء وبالنضج النفسي للصعود.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 4670 - السبت 20 يونيو 2015م الموافق 03 رمضان 1436هـ
جميل
كلام ررعه واتمنى ان الجميع يطلع عليه
مميز ورائع
مقال جميل ومميز وجو ان يقرأه الكثيرين ليتعرفوا نواقصهم واسبابهاوالله كلام سليم ومهم جداً