العدد 4668 - الخميس 18 يونيو 2015م الموافق 01 رمضان 1436هـ

المفارقة الرمضانية... كلما صام البحرينيون زاد استهلاكهم للطعام

الصايغ: الإنفاق يتضاعف... والمعداوي: الشراء قرين الفرح

كميات من البطيخ الأحمر في طريقها للعرض في سوق المنامة المركزي - تصوير عقيل الفردان
كميات من البطيخ الأحمر في طريقها للعرض في سوق المنامة المركزي - تصوير عقيل الفردان

لعلها واحدة من أبرز المفارقات الرمضانية لدى البحرينيين؛ أن يرتفع معدل استهلاك الأسرة الشهري إلى معدلات تقترب من نسبة 100 في المئة مقارنة مع ما كانت عليه قبل شهر رمضان.

ذلك ما يقوله مختصون وأرباب أسر بحرينية، فالمواطن محمد معتوق الذي ينفق قبل رمضان نحو 70 ديناراً على «ميوة» الشهر، يؤكد أن الرقم يرتفع إلى 140 دينارا مع حلول شهر رمضان، ويرجع ذلك لـ «زيادة استهلاك الكماليات كالمشروبات والحلويات».

أما المواطن زكريا الكاظم، فيقول: «إن الانفاق يزيد لدى الأسر الصغيرة، ويرتفع لدى العائلة التي تجمع هذه الأسر»، مبيناً ان الزيادة تعود لطبيعة شهر رمضان، حيث يجتمع الناس بما يوجب زيادة الانفاق على الطعام، بما في ذلك المجالس الرمضانية.

ولا يرى المواطنون حرجاً من الاعتراف بخطأ السلوكيات الغذائية المصاحبة لشهر رمضان، حيث يقول المواطن ياسين زينل «للأسف الشديد ورغم الظروف المعيشية الصعبة، فإن معدلات انفاق البحرينيين في شهر رمضان تبلغ مستويات كبيرة ترهق موازنات الأسر».

واستدرك «لا أعمم، لكن ذلك حال الكثيرين، والمأساة أن الكثير من هذا الطعام يجد طريقه لسلة المهملات نظراً لزيادته عن الحاجة».

بدوره، أكد الاقتصادي جعفر الصائغ، أن الإحصاءات العامة تتحدث عن ارتفاع انفاق الأسر البحرينية في شهر رمضان بمقدار يرتفع ليتراوح بين 50 و80 في المئة عما كان عليه قبل رمضان، ويقفز لدى البعض إلى 100 في المئة.

ويحذر الصائغ من تبعات ذلك، ملقياً الكرة في ملعب المتسهلك بالدرجة الأولى، ومبيناً ذلك بالقول «المستهلك هو من وضع نفسه موضع الضحية، فطالما كان المرء بلا خطة مستقبلية تمنحه القدرة على مواجهة المخاطر، فإنه سيصبح عرضة لإعلانات الشركات والمؤسسات»، مضيفاً «الإنسان الذي يمتلك الخطة المستقبلية سيصبح اكثر حذراً من التجاوب مع الإعلانات وعمليات الترويج للبضائع».

وتابع «في الأساس لدينا خلل في نظامنا الاستهلاكي وهذا الأمر لا يقتصر على شهر رمضان، فليست هنالك رؤية ترتكز على نظرة مستقبلية، وليس لدينا نظام استهلاكي يتم من خلاله استغلال مواردنا أفضل استغلال، كما أن نظرتنا للموارد المتاحة وللدخل، نظرة استهلاكية بحتة، وهي تؤدي لعدم استغلال قدراتنا المالية في بناء مستقبل أفضل، ولذلك نرى تراجع ثقافة الادخار لدى البحرينيين في سبيل تحسين مستواهم المعيشي، رغم أهمية ذلك والتي لا تقل عن أهمية الاستهلاك».

رمضانياً، تحدث الصائغ عن التقاليد الاجتماعية المهيمنة على مجتمعاتنا، معتبراً أن ذلك ساهم في تبني هذا النوع من النظام الاستهلاكي، و «لهذا نرى خلال شهر رمضان حالة من الإبداع في الإسراف والتي ترافق إحياء المناسبات دون أي اكتراث لمخاطر التبذير»، على حد تعبيره.

وعن الرؤية التي تشكل مخرجاً للأسر البحرينية من حالة الإدمان على الشراء، قال الصائغ «من المهم أن تكون لدينا قناعة بأن لا ضمان لاستمرارية الوضع الراهن، فالفرص الوظيفية الموجودة حالياً قد لا تستمر، وهذا يوجب علينا التحسب للمخاطر المستقبلية غير المتوقعة».

وفيما يتعلق بمسئولية الجانب الرسمي، قال «الجانب الرسمي معني بالقيام بدور التثقيف وخلق حالة من الوعي لدى الناس بشأن النظام الأنسب للاستهلاك، وعلى الدولة أن تضع برامج توعوية تحول دون استمرار الكثير من الأنماط السلوكية الخاطئة، كما أن عليها تفعيل الرقابة على الشركات والمؤسسات».

ولا يخلو الحديث عن السلوك الشرائي للبحرينيين في شهر رمضان من أبعاد نفسية، فعملية الشراء عبارة عن سلوك بشري، يمثل تجليا لجملة دوافع وغايات، يرتبط بعضها بما يختلج في نفس المستهلك.

وفي ذلك، يقول الاستشاري النفسي طارق المعداوي «للمسألة أكثر من جانب، فرغبة المرء في شهر رمضان للأكل تزداد بسبب الصوم، نظراً لشعوره بالحرمان، وهذا بدوره يدفع بالشهية للصعود الى مستويات متقدمة».

وأضاف «لذا، نرى تكالب العائدين من أعمالهم على الشراء لكل ما تقع عليه عيناه».

المعداوي الذي يرى أن للمسألة جانبا إيجابيا، ينوه إلى أن فلسفة الصيام تتمثل في تعزيز الشعور باحتياجات الآخرين، والاحساس بمعاناة المحتاجين والفقراء والضعفاء، وارتفاع الانفاق على الطعام من أجل ذلك، أمر إيجابي وروحاني.

وفي محاولة للتوغل في دوافع الاقبال الكبير على الشراء من قبل البحرينيين في شهر رمضان، تطرق المعداوي إلى الجانب النفسي، مشيراً إلى «اننا مجتمعاتنا اعتادت على ربط الأكل بالفرح، وهذا ما نراه في المناسبات وخاصةً السعيدة، وعليه فإن عقولنا اللاواعية وبشكل تلقائي برمجت على الاعتقاد بأن الأكل يمنحنا زيادة في الفرح، وهذا يفسر سبب الابتسامة التي ترتسم على محيا المتسوقين».

العدد 4668 - الخميس 18 يونيو 2015م الموافق 01 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً