قال خطيب مركز الفاتح الإسلامي بالجفير الشيخ عدنان القطان في حديثه أمس (الجمعة) إن الاستدانة للكماليات وفي غير الحاجة أمر خارج عن الأعراف والدين الإسلامي، مشيرا إلى أن نهايتها هلاك المرء.
وبدأ القطان حديثه واصفا الدَّين بأنه «هم بالليل وذل بالنهار، يشغل البال ويكدر الحال، يسكر الفؤاد، استعاذ منه النبي (ص) وتساهلنا فيه حتى غصت محاكمنا من التشاكي به. إنها قضية الديون، تلك القضية التي أخافت قلوب الأمناء».
وقال: «إن قضية الدَّين انتشرت وعمّت وتعالى لهيبها. مكاتب تحصيل الديون في ازدياد، وشركات التقسيط تعد الناس بحياة رغيدة، وتسهيلات الاستقرار من البنوك تؤز الناس إليها أزا. ناهيكم عن البطاقات الائتمانية التي تدفع المستهلك إلى الشراء متناسيا غصة التقسيط غدا».
وتابع «أيها المؤمنون، ولنا مع ظاهرة الاستدانة وقفات عدة، الأولى أن هذا الدين العظيم جاء للحث على التكافل مع أبناء المجتمع، وكان الناس في الإسلام يقترضون بالقرض الحسن بلا فوائد كما يحدث اليوم في القروض، وخير البشر محمد (ص) استدان بشيء وقضى دينه بشيء أفضل مما أخذ من الدائن، وقال: إن خيار الناس أحسنهم قضاء».
وتابع «أن هذا الدَّين، القرض الحسن وإن كان في أصله مباحا إلا أنه قد حف بمخاطر مفزعة. فهناك رجل مشى إلى النبي (ص) قد رخصت عليه نفسه وحداه شوقه إلى جنات ونهر، فوقف بين يدي رسول الله (ص) فيقول: أرأيت أن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاي، فقال (ص): نعم، فلما ولى وانصرف الرجل دعاه الرسول (ص) فقال كيف قلت: قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاي، فقال نعم إلا الدَّين».
وقال: «توفي رجل من صحابة الرسول (ص) وعليه دين، فلما صلى الرسول (ص) الفجر سأل هاهنا من أهل فلان أحد؟ ثلاثا، فقام رجل وقال أنا منهم، فقال له إن صاحبكم محبوس عن الجنة بدين. ولذا كان قدوتنا (ص) كثيرا ما يستعيذ من الدين».
وأضاف «ما أكثر ما تستعيد من المغرم يا رسول (ص) وبهذه الكلمات يسأل المصطفى (ص) فيقول إن الرجل إذا غرم حدث فكذب». وعرج سائلا: «كيف هو واقعنا، وكيف طرقنا بابه، ليس عيبا أن يقترض المرء إذا نزلت به حاجة، فالرسول (ص) تدين وقضى دينه، فالمرء معذور إذا اقترض للعلاج أو الزواج ولا تثريب إن اقترض الرجل لإتمام منزله، ولكن من العجب أن يستدين الناس من أجل إكمال الأثاث أو السفر والسياحة أو يقترض لمواكبة كل جديد، فتراه يقترض من هذا ويستدين من ذاك».
وتابع «عباد الله، إن من التعقل والاتزان الذي يقره العرف أن لا يلجأ الإنسان للدين إلا للحاجة وأن لا يمد عينه لمن هو دونه، وفي الحديث عنه (ص): ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس».
وقال القطان: «أيها العبد المؤمن إن ألجأتك الحاجة للدين فاعلم أن تأدية الدين واجب. وإن من عظيم الإثم أن ينوي الرجل الغدر من أخيه وأن ينوي حال أخذ الدين الغدر ومن فعل ذلك بالناس لن يرى خيرا لا في نفسه ولا في أهله وولده بل تكون أمواله وبالا على نفسه في الدنيا والآخرة. أخي صاحب الدين استعن على وفاء دينك بتقوى الله عز وجل، فما اتقى عبد ربه إلا جعل له مخرجا، وإذا ضاقت بك الهموم فيمم وجهك شطر السماء وبث شكايتك إلى رب البشر فهو كاشف الغم».
العدد 2493 - الجمعة 03 يوليو 2009م الموافق 10 رجب 1430هـ