العدد 1533 - الخميس 16 نوفمبر 2006م الموافق 24 شوال 1427هـ

الاستشراق الأميركي ودراسة المدينة العربية الإسلامية

عمر الاستشراق الأميركي قياساً بالاستشراق الهولندي أو الفرنسي أو الانجليزي قصير، وهو من حيث المحتوى والمنهج قد اعتمد اعتماداً كبيراً على الاستشراق الأوروبي وتتجلى هذه الحاجة عند دراسة السير العلمية للمستشرقين الأميركان من أمثال رنتز وكرونباوم وهافدايك ورتشارد هوتهيل ورودولف برونو وجورج سارتون وويتك وأدمز وفيشل وكويتاين وجيل وغيرهم، ان غالبية هؤلاء ترجع أصولهم إلى ألمانيا أو هولندا أو بريطانيا. وقد أثر هذا العامل في توجيه اهتمامات المستشرقين الأميركان بالنسبة إلى التراث العربي، والواقع أن انتاجات المستشرقين الأميركان في هذا المجال قليلة بدرجة ملموسة مقارنة بانتاجات المستشرقين الأوروبيين. ويوضح الباحث الأميركي بيتر جران هذه المسألة بأنه صار، بعد الحرب العالمية الثانية من الضروري جداً بالنسبة إلى أميركا التوجه، وكما عرضه المجلس الأميركي للجمعيات العلمية، إلى استحداث علم اجتماع خاص بمنطقة الشرق الأوسط.

إن صانعي السياسة الأميركية لم يكونوا متوقعين حدوث الثورات والانتفاضات في الوطن العربي خلال تلك الفترة الحديثة لذلك تركزت الدعوة تلك على ضرورة استحداث نوع جديد من الاستشراق وهو استشراق يركز بالدرجة الأولى على التاريخ الحديث والمعاصر للأمة العربية، لا كما هو الحال في الاستشراق الأوروبي التقليدي الذي يولي أهمية خاصة إلى التراث العربي في الفترة الإسلامية.

وفعلاً، كما رأى بيتر جران، انه مما يلفت النظر بخصوص الإسهامات الأميركية في دراسة المدن العربية انها تركزت أيضاً على دراسة المدينة العربية الحديثة على خلاف اتجاه الدراسات الأوروبية، خصوصا الفرنسية، التي اهتمت بدراسة المدن سواء كانت عربية أن أوربية في العصور الوسطى. ومع هذا فإن الباحث الأميركي لا يستطيع عزل تطور المدينة الحديثة عن جذورها التاريخية، فهو يقدم عرضاً تاريخياً مختصراً وسريعاً للمدينة التي يدرسها. أن هذا الاتجاه طبعاً، يتعارض والفلسفة التي صرح بها الأميركي لويس ممفورد بشأن تاريخ المدينة في الدراسات التمدينة بأنه من الضروري جداً تفهم الجذور التاريخية للمدينة عندما نفكر بوضع أسس جديدة مستقبلية للحياة التمدنية. وان عدم القيام بهذه المهمة يجعل الباحث لا يمتلك المحفز الدفاع لاتخاذ خطوات جريئة في هذا المجال. أن قول لويس ممفورد صحيح من الناحية النظرية إلا أن الواقع غير ذلك فالاتجاه العام على دراسات الباحثين الاميركان عن المدن تبين عدم اهتمامهم بتواريخها، ولعل السبب في ذلك يعود إلى فلسفة الباحث الأميركي واتجاه تخصصه الدقيق. إذ بينما نجد أن المستشرقين الأوروبيين الذين كتبوا عن المدينة العربية الإسلامية كانوا بالدرجة الأولى من المؤرخين فإن الذين ساهموا في هذا المضمار من الولايات المتحدة الأميركية هم من علماء الاجتماع، وهؤلاء لا يهمهم التدقيق في تواريخ المدن ونشأتها وتطورها لأنها نماذج حضارية قديمة.

الأميركي وبحثه لمشكلات التمدن المعاصرة

من هذا المنطق فإن الباحث الاجتماعي الأميركي اهتم اهتماماً خاصاً بدراسة المشكلات المعاصرة التي تواجه المدينة، أية مدينة كانت، والتحديات التي تقف أمام تقدم حركة التمدن المعاصرة. إنها فعلاً مشكلات معقدة أمثال مشكلة ازدحام الناس وتزايد الهجرة من الريف واضطراب خطط المدينة المعاصرة ووضعها المالي وأحوالها الاقتصادية كالبطالة والفقر وعدم نظافة الشوارع والأزقة والحارات الفقيرة ومشاكل النقل والمواصلات وفساد الجو وتلوثه والعزلة الاجتماعية لبعض الشرائح الاجتماعية فيها إلى غير ذلك من أمور موجودة وواضحة في المدينة الأميركية في الوقت الحاضر.صحيح أن الغالبية العظمى من الدراسات الأميركية عن المدن العربية الإسلامية قد أسهم بها علماء الاجتماع الذين وقعوا في أخطاء تاريخية لاعتمادهم على مواد جاهزة سبق أن كتبها مستشرقون فرنسيون متحاملون على المدينة العربية وأنها مدينة مقلدة للمدينة الهولندية التي ورثوها عن اليونان والرومان، وقد رأى البعض منهم رأياً متطرفاً مفاده أن العرب قد دمروا المدن القديمة الموجودة وأضروا بهيئتها العمرانية التخطيطية. أن هذه الآراء المعادية والسلبية لنشوء وتطور المدينة العربية الإسلامية قد أخذها علماء الاجتماع الأميركان من آراء وتفسيرات كل من سوفاجيه وبلانهول من فرنسا، لكنها في الحقيقة غير صحيحة. فقد درس سوفاجيه مثلاً مدينة حلب في سورية، ووجد أنها مدينة رومانية، غير أن مدينة حلب لا تعد قياساً عاماً يطبق على جميع المدن العربية الإسلامية. فهي مدينة قديمة ترجع أصولها إلى الفترة الكنعانية، لا كما يرى سوفاجيه، إلى الفترة الرومانية. وان العرب عندما حرروها إبان حركات التحرر العربية وجدوها مدينة كاملة، ومع ذلك فإنهم أضافوا إليها إضافات جديدة ونظموا هيئتها العمرانية الداخلية. في الجانب الآخر فإن هناك مدناً عربية أخرى لم تكن موجودة قبل مجيء العرب أثناء حركات التحرر العربية في القرن السابع الميلادي كالبصرة والكوفة والموصل والفسطاط وبغداد والقيروان وغيرها من المدن. وهي مدن عربية في الأصل والتخطيط والتكوين. وفعلاً فقد رد عدد من المستشرقين المؤرخين الأميركان على استنتاجات لعلماء الاجتماع تلك بأدلة تاريخية وثائقية جديدة فالمستشرق كويتاين مثلا أدلى بعدة وثائق من وثائق الجنيزا المهمة جداً تؤكد حب العربي لسكنى المدينة وتعلقه بها وحبه الشديد للبناء والعمارة إلى حد الصرف الباذخ. ويؤكد المستشرق المؤرخ لابيدوس فكرة حب العربي للمدينة وتفاخره بها وتفضيل سكنى مدينته على المدن الأخرى، وإن الدين الإسلامي هو دين مدني بطبعه، وإن العرب لم يدمروا المدن القديمة إنما أسهموا في تأسيس الكثيرمن المدن الجديدة. أول مبادرة تستحق الدراسة هي الندوة العلمية التي عقدت في مدينة لوس انجلز في كالفورنيا في 1966م. وهي ندوة أبرزت دور المستشرق الأميركي في مضمار الكتابة التاريخية عن المدينة العربية الإسلامية. وكان عنوان هذه الندوة (مدن الشرق الأوسط) ويقول أدمز إ ن المدينة الإسلامية على رغم من أنها منعزلة وغير ثابتة نسبياً فإنها تجمعها وأخواتها المدن الأخرى روابط وظيفية مهمة، كما إنها تشتمل على فضائل مشتركة وأنظمة إدارية موحدة تميزت بها من دون غيرها. وأعطتها، هذه الروابط والفضائل المشتركة، القوة والحياة لأن تبقى فاعلة حية لها دور مهم كمراكز ثقافية مهمة. اتجهت دراسات الباحثين والمستشرقين الأميركان في دراسة المدن العربية إلى عدة اتجاهات أهمها الاتجاه الذي سبق ذكره وهو المتمثل بالدراسات التي تناولت المدينة العربية من حيث أهميتها الحضارية كوحدة اجتماعية اقتصادية على ضوء تفسيرات علماء الاجتماع. أما الاتجاه الآخر فيتمثل بالدراسات التي ركزت على مدينة عربية واحدة من المدن العربية الإسلامية، وهو الميدان الذي لعب فيه المؤرخون المستشرقون دوراً متميزاً والذي سنسلط بعض الأضواء على جوانبه الجديدة بالنسبة إلى حقل المدن. فقد اختلفت الموضوعات التي استهوت المستشرقين الأميركان في المدينة الإسلامية عن تلك التي تركزت عليها اهتمامات المستشرقين الأوروبيين، إذ إن الأميركان أولوا أهمية إلى الجوانب العمرانية والأحوال الاجتماعية والجوانب الصحية ومشكلة توفر مياه الشرب وتصريفه والجوانب الأثرية، فالمستشرق المعروف يعقوب لاسنر اختص بمدينة بغداد المدورة فكتب كتاباً عن الأصول العمرانية أو الطبوغرافية فيها خلال مطلع العصور الوسطى، كما كتب بحثاً عن خطط مدينة بغداد خصوصاً قصر الخليفة المعروف بقصر الذه. ومن بين آرائه التاريخية في نشوء هذه المدينة وعلاقتها بفلسفة التمدن العربي قوله إن نشوء الأمصار الإسلامية لم يكن متأثراً بأي مؤثر خارجي إنما كانت مدناً ذاتية عربية خالصة. وعندما يتناول واقع التمدن العربي مقارنة بالتمدن المجاور الساساني والبيزنطي يقول إن سعة التمدن العربي في العراق كان واسعاً وانه، باستثناء مدينة بغداد وسامراء، يمثل نسبة 33في المئة من مجموع المنطقة لتمدنية المستقرة. وهي نسبة عالية، فإذا ما أضفنا إليها بغداد وسامراء فإنها تقفز لتعادل أربعة أضعاف نسبة التمدن والاستقرار في العصر الساساني. ويخلص إلى نتيجة مفادها أن نمو المدن الإسلامية قد بلغ إلى أكبر درجة من التطور التمدني قبل الأزمنة الحاضرة. ويروي أيضاً بأن مجموعة (القصر + الجامع)، وهي وحدات طبوغرافية اتسمت بها المدينة الإسلامية، أصبحت السمة الأثرية للمدينة الإسلامية ويرجع تاريخها إلى فترة حركات التحرر العربية. ومن بين المستشرقين الآخرين جيسم روجرز الذي كتب عن (مدينة سامراء) وهي دراسة في تخطيط المدينة وتحديد وحداتها الطبوغرافية. وأشار فيها إلى المحور السابق أيضاً وهو أن مدينة سامراء أنموذج للمدينة الإسلامية وإنها تختلف بوضوح عن أية مدينة هيلنية أو يونانية. أن مدينة سامراء، كما يرى روجرز لا تعد ظاهرة تمدنية منعزلة بل هي جزء من تطور تمدني تعود أصوله التاريخية إلى الفترة الأموية إذ اعتاد الخلفاء آنذاك اتخاذ مراكز حضرية مستقرة في الصحراء.ولم يغفل المستشرقون الأميركان دراسة مدن شمال أفريقيا، والحقيقة أنهم، كالمستشرقين الفرنسيين، عنوا بدراسة هذه المدن كثيراً فقد ألف أدمون البرت دراسة عن المدن التي أسسها خوارج شمال إفريقيا في منطقة المزاب كمدينة تاهرت التي أصبحت عاصمة لإمارة تاهرت ومدينة سدرتا وبونورا ومليكة. ودرس براون المدينة في شمال أفريقيا في بحثه (دور الإسلام في شمال إفريقيا) وركز فيها على حركة التمدن العربي في المغرب إبان الفترة الإسلامية. ودرس وليم سبنسر التمدن في شمال إفريقيا، إذ تتبع في دراسته الجذور التاريخية للمدينة العربية منذ الفترات القديمة ثم الإسلامية والعثمانية، بحثاً وراء السمات المشتركة لحركة التمدن العربي. وأخيراً وليس آخراً فان هناك دراسة تاريخية أثرية قام بها جورج سكانلون عن الخدمات الصحية والسكن في مدينة إسلامية في العصر الوسيط، وقد تناول فيها مواضيع طريفة منها اهتمام العرب بنظافة المدن موضحاً بأن هناك نظاماً خاصاً في كل مدينة وان السلطة هي المسئولة عن توفير المياه للناس. كما أن المدينة العربية تتميز عن غيرها بوجود موظف مختص بشئون النظافة ومراقبة الباعة وهو المحتسب، فهو يهتم بتزويد السكك والأسواق بالماء يومياً، كما انه كان يراقب الحوانيت ويجبر أصحابها على تنظيف الأجزاء المواجهة لحوانيتهم ورش البقعة بالماء لتمنع تطاير التراب أثناء مرور الناس والدواب. كما أن المحتسب كان معنياً بتنظيم الشوارع للتغلب على مشكلة التزاحم. ومن بين إجراءاته التنظيمية هذه تحديد أنواع الدواب والحيوانات المسموح لها الدخول إلى داخل المدينة، تعكس هذه الدراسات عن بعض الجوانب التي أسهم فيها الاستشراق الأميركي في دراسة تراثنا العربي، وعلى رغم أن بعض هؤلاء المستشرقين قد قلد النتائج السلبية التي توصل إليها عدد من المستشرقين الفرنسيين والبريطانيين بخصوص المدينة العربية الإسلامية، لكن من الواضح أنهم انشغلوا بالبحث عن معلمات تؤيد وجهات نظرهم المعاصرة بشأن المدينة ومشكلاتها وكيفية التغلب على هذه المشاكل فجاءت بعض دراساتهم بآراء ومعلومات طريفة تستحق الدراسة والتعليق. ومن بين هؤلاء الذين رجعوا إلى الوثائق التاريخية في سبيل الرد على آراء علماء الاجتماع المستشرق كويتاين الذي كتب بحوث وكتب تناولت جوانب مختلفة من التاريخ السياسي والإداري والاجتماعي والاقتصادي في الفترة الإسلامية استناداً إلى الوثائق المعروفة بالجنيزا التي تم العثور على كميات هائلة جداً منها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر فكتب مثلاً كتاباً ترجم إلى العربية بعنوان (المؤسسات الإسلامية) من بين بحوثه المهمة (ظهور البرجوازية في الفترات الإسلامية الأولى) وبحث (القاهرة: مدينة إسلامية في ضوء وثائق الجنيزا) وفي هذا البحث مثلاً وقف على أصل كلمة مدينة مشيراً إلى أنها ترجع إلى أصل آرامي وتعني كلمة (دين) العدالة، فالمدينة إذن هي المكان الذي تطبق فيه العدالة، وفيها يقيم أعضاء الحكومة ويسود فيها الأمن والاستقرار أكثر من أي منطقة أخرى. ويعلق البروفسور كويتاين على العلاقة بين الريف والمدينة العربية فيشير إلى أن الفلاحين كانوا معتادين على دخول المدينة من الضواحي أيام الجمعة لأداء فريضة الصلاة الجامعة ولينشطوا في أسواقها للتبادل البضائعي ، وعرج المستشرق كويتاين في بحثه عن مدينة القاهرة على مسألة طريفة هي بحد ذاتها تمثل رداً صريحاً على الآراء التي تقلل من أهمية المدينة العربية وجعلها مدينة مقلدة للمدينة الهيلنية والرومانية، تلك المتعلقة بالمؤسسات المدينية وأهمها النقابة فتناول مهمات النقابة في المدينة وصلاحياتها الاجتماعية والاقتصادية والإدارية وإنها معنية بمراقبة عمل أعضائها وذلك لدعم وتطوير مستوياتهم المهنية وتقوم بتهيئة مستلزمات توعية وتدريب الصناع وضمهم إلى الصنف أو النقابة، وتقوم أيضاً بحماية أعضائها من أي منافسة. ويؤكد أن مثل هذه الوظائف والمسئوليات موجودة في المدينة العربية. ويرد أيضاً على الرأي الذي يبين ضعف العلاقة بين الفرد العربي ومدينته فيقول إن العرب كانوا ميالين إلى العيش في المدن ويرجع إليهم الفضل الكبير في اتخاذ المدن وبناء البيوت وغيرها من الوحدات العمرانية، ويشير إلى فضل (هذه الثورة التمدنية التي جاء بها الإسلام على التاريخ التمدني العالمي). ويستشهد كويتاين للبرهنة على حب العرب العيش في المدينة بما يحتويه الأدب العربي من أمثلة غير قليلة عن البذخ المتزايد الذي بذخه الخلفاء الأغنياء والمترفون في تشييد البيوت والعمران والمشاهد والمساجد، ويضيف قائلاً إن العرب الذين أسسوا الأمصار الإسلامية الأولى كالبصرة والكوفة والفسطاط كانوا من أشد المحبين للبناء والعمران. وأورد نص عقد زواج اشترط فيه أهل الزوجة بأن لا يبدل الزوج محل سكناه من المدينة إلى الريف من دون موافقة الزوجة.

الفتح العربي الإسلامي لم يهدم المدن القديمة

أما ايرا لابيدوس فقد كان متخصصاً هو الآخر بدراسة المدن فكتب كتاباً عن «المدن الاسلامية في العصور الوسطى المتأخرة» ولخص لابيدوس رأيه في إسهام العرب في بناء المدن بقوله: ان الفتح العربي الإسلامي لم يهدم المدن القديمة (وهو في هذا الاستنتاج يرد على آراء المستشرقين الأوروبيين وعدد من علماء الاجتماع التمدني الأميركان التي تجعل العرب والفتوحات العربية هي السبب الرئيس في تدمير وانتهاء رخاء مدن البحر المتوسط) فيقول البروفسور لابيدوس أن هذه المدن القديمة أمثال قرطاج وأثينا والمدائن قد انتهت وظيفتها التمدينة كمدينة مركزية وليس قبل ابتداء حركات التحرر العربي بفترة طويلة. إن العرب، كما يرى لابيدوس، على خلاف ذلك قد أسسوا عدداً من المدن الجديدة المهمة جداً بهدف استقرار القبائل البدوية المشاركة في عمليات الفتح. ويصل إلى استنتاج مفاده أن الدويلات الإسلامية قد قدمت دفعاً كبيراً لحركة التمدن وساعدت كثيراً على توسيع التمدن ونشره إلى مختلف الأرجاء التي وصلتها الجيوش العربية. وإن العرب لم يقتصروا على إيجاد مدن جديدة فحسب إنما عمرو المدن القديمة ووسعوها جغرافياً بتأسيس الضواحي المحيطة بها، والنموذج الواضح تاريخياً على هذه الحركة التمدنية قيام الأمراء باتخاذ قصورهم في ضواحي المدن القديمة ونقلهم إليها الدواوين والإدارة والجيش. فساعد ذلك على إبراز مدن محيطة بالمدينة الأم (وهو ما يسمى بالمدن المركبة). كما أكد لابيدوس على مسألة حب العربي لمدينته وتفاخره بها علاوة على وقوفه على مسألة سعة المدينة العربية وكثافة سكانها وكبر حجمها فيقول ان مدناً أمثال بغداد والقاهرة قد بلغ تعداد سكانها بـ200.000 ألف أو 300000 ألف نسمة وهو عدد يكبر حجم سكان أي مدينة سبق أن وجدت في هذه المنطقة.

عبدالجبار ناجي

كاتب عراقي

العدد 1533 - الخميس 16 نوفمبر 2006م الموافق 24 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً