نفى الشاعر القطري حمد محسن النعيمي أن يكون للقبلية حضور بين شعراء الشعر الشعبي اليوم وان كان لم ينف أن القبلية تحولت الى شلليّة استأثرت بحصيلتها مجموعة على حساب تجارب ابداعية كبيرة في الشعر الشعبي. جاء ذلك خلال الحوار المفتوح الذي عقد مساء الأربعاء الماضي 8 سبتمبر/ أيلول الجاري في جمعية الشعر الشعبي والذي تطرق فيه الى جملة من الأمور المتعلقة بساحة الشعر الشعبي في الجزيرة العربية والخليج العربي.
بدأ النعيمي الحوار بتعريف لمفهوم الشعر الشعبي والنبطي بقوله «إن لفظة الشعر الشعبي تطلق على الزجل والموال فكل ما يكتب من شعر يقال عنه شعر شعبي، وهناك من يقول أيضا إن الشعر العربي الفصيح هو شعر شعبي لأنه قول الشعوب، فالشعر النبطي نوع من الشعر يعد ثانيا بعد الشعر العربي الفصيح في الخليج والجزيرة العربية أما سبب تسميته بالنبطي فان هناك اجتهادات كثيرة فهناك من قال إنه سمي بذلك نسبة إلى الأنباط ودولة الأنباط معروفة وهناك من قال إنه سمي بذلك نسبة إلى استنطاق الشيء وأنه مستحدث من الشعر العربي الفصيح وهناك من قال إن هناك موقعا في نجد يسمى النبط وكانت هناك جماعة تسكن هذا المكان وسمي بذلك لكون هؤلاء يكتبون هذا الشعر، وهناك من قال إنه مأخوذ من نبط الشيء اذ نقول إن النبط من النبض وينبض من نبض القلب وهناك من ذهب الى أبعد من ذلك اذ قال إن هذا الشعر منسوب الى غير العرب الذين كانوا يستبطون الماء من جوف الأرض في جنوب العراق في فترات قديمة، وهناك من يقول إن الشعر النبطي قديم ويصل في قدمه الى ما قبل الاسلام، واذ رجعنا الى تغريبة بني هلال وسيرة بني هلال بغض النظر عن الآراء التي ترى أنها اسطورة فإن هناك مجموعة من الأشعار النبطية فيها وتغريبة بني هلال كانت في العام 460 هجرية في القرن الخامس. ولكنني أرى أنه يمكن أن يكون سمي بذلك نسبة إلى استنباط الشيء أي استحداثه».
وأردف بشأن الحديث عن أوزان الشعر الشعبي وخصوصية الوزن الهلالي «أنا لا أعتقد أن هناك بحورا استجدت على الشعر، ولكن ربما وجدت جماعة رجعت لتكتب على الوزن الهلالي وهو من البحور القديمة الصعبة على عكس ما يبدو لبعض الشعراء من أنه بحر سهل، إذ إن هناك جماعة تتهاون فيه حين تقول إن الصدر الأول من البيت الهلالي مهمل وعليه فيجب الاعتماد على القافية والعجز، ولكن الحقيقة أن الهلالي أصعب من القصائد الثانية التي تلفظ على قافيتين والتي تكون ملحونة مغناة ففي الهلالي لابد من أن يكون الشطر الأول على نسق الشطر الثاني في الوزن فالشطر الأول ينقص أو يزيد عن الشطر الثاني على أساس أن يكون ايقاعه وموسيقاه واحدة. وقد وجدت شعراء في البحرين يكتبون على الوزن الهلالي وهو أمر جيد. وبصفة عامة فإن هناك في الأعوام الماضية في الجزيرة والخليج العربي قفزة للرجوع الى القصائد المطولات المتكونة من الثلاثين والأربعين والخمسين بيتاً».
ومسترسلا أضاف النعيمي «لقد بدأت الاهتمام بالشعر ابان العام 1961 والشعر في تلك الفترة يختلف عما هو عليه في وقتنا الحاضر اذ إن الثقافة الآن دخلت الى كل بيت فليس مستغربا أن تجد من لا يقرأ أو يكتب يحدثك بثقافة عالية وقد شهد الشعر الآن أيضا تطوراً بدليل أن القدماء في تلك الفترة وفترة الثمانينات احتفوا بالحكمة والموعظة، ولكنها اليوم مفقودة الا عند من ندر من الشعراء فلم يعد أحد من الشعراء اليوم يبدأ القصيدة بذكر الله سبحانه وتعالى فالقصيدة اليوم تتحدث عن هذا الوقت و قد حل مكانها ما يعايشه الانسان في حياته فتكلم عن التكنولوجيا والانترنت والهاتف ولكن وعلى رغم كل هذا فإن الشعر يعاني من حال ركود بسبب غياب الاعلام فلا توجد متابعة من قبل التلفزيون والاذاعة وعلى رغم أن هناك حربا عشواء كبيرة ضد البلاد العربية فإنه من الغريب ألا تجد حضورا للقصيدة الوطنية على رغم أن هذه القصيدة ومن خلال متابعتي كانت حاضرة بقوة بعد غزو العراق للكويت. وبذلك اختفت تلك الصفة عندما كان الشعر الشعبي قبل الثمانينات - مع عدم توافر وسائل الاعلام - أهم وسيلة ناقلة للأخبار في الجزيرة والخليج العربي، اذ كان البيت من الشعر يقيم حربا ويقعدها»
العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ