العدد 990 - الأحد 22 مايو 2005م الموافق 13 ربيع الثاني 1426هـ

محنة الخليجيات المتزوجات من غير المواطنين

منيرة أحمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

تعاني مجموعة من نساء الخليج ممن تزوجن من غير المواطنين مشكلة لا يبدو أن حلها قريب. أولئك النسوة وعددهن يقدر بعشرات الألوف لا يستطعن نقل جنسيتهن إلى أبنائهن وأزواجهن ولا يحق لهن بالتالي الحصول على قسائم بيوت الإسكان ويحرم أبناؤهن من فرص الابتعاث أو الحصول على مجانية التعليم في بعض دول الخليج.

في الكويت يبلغ عدد من تزوجن بغير كويتي نحو 11 ألف سيدة كويتية وليس لدي إحصاء دقيق بعدد من تزوجن بغير المواطنين في دول الخليج الأخرى، ولكن إذا قسنا بعددهن في الكويت تتكون لدينا أعداد هائلة محرومة من أبسط حقوقها.

يشذ عن تلك القاعدة المملكة العربية السعودية التي عملت حديثا على تصحيح الوضع بمنح الجنسية السعودية لأبناء وزوج المرأة السعودية وفق شروط معينة، إلا أن دول الخليج الأخرى لا تزال مصرة على عدم إعطائها حقها، بينما يستطيع الرجل الخليجي أن يلحق زوجته وأبناءه بجنسيته.

كان ذلك جاريا على النساء في معظم الدول العربية ما عدا تونس التي تبنت المساواة في هذا الشأن بين الرجل و المرأة، فقانون الجنسية الذي صدر العام 1957 وعدل العام 1963 نص على أن الرجل والمرأة متساويان في اكتساب الجنسية التونسية، كما نص على أن الرجل والمرأة يحتفظان بجنسيتهما الأصلية في حال الزواج من أجنبي وأن الأم التونسية تمنح جنسيتها لأولادها. أما في بقية الدول العربية فلا يمكن للمرأة المتزوجة من أجنبي أن تنقل جنسيتها إلى زوجها وأولادها، بل أن أولادها يعانون مشاق أعظم، إذ إن حرمانهم من جنسية أمهم يحرمهم من حقوقهم السياسية و المدنية والاجتماعية. إلا أنه بدءا من العام الماضي حصل تغير في المغرب ومصر عندما وافق ملك المغرب على مدونة الأسرة التي أقرها البرلمان والتي تمنح ضمنها الجنسية المغربية لأسرة المرأة المتزوجة من خارج المغرب. كما تم فعل الشيء ذاته في مصر مع بعض التعديل بالنسبة لمن تزوجن من رجال فلسطينيين. ونعيد إلى الأذهان أن دول المنطقة قد وقعت على اتفاقات منع العنف ضد المرأة وإلغاء مختلف أشكال التمييز ضدها، ولكن حرمان المرأة من حق أسرتها في اكتساب جنسيتها هو تمييز صارخ ضدها وضد تمتعها بمواطنتها كاملة. يذكر أن معظم دول الخليج أبدت تحفظات على المادة التي تدعو الدول إلى منح الجنسية لزوج وأبناء المرأة إذا كانوا من غير جنسيتها وحجتهم في ذلك أن تلك المادة تتعارض مع الشريعة على رغم تأكيد الكثير من المختصين في الشريعة بأنها لا تتعارض مع أحكام الشرع لأن الشريعة لم تتناول مسألة الجنسية بل تناولت مسألة النسب الذي يقيم روابط بين الولد وأبيه لا بينه وبين أمه ومعروف أن روابط الدم بالأب لن تنتفي إذا نقلت الأم جنسيتها إلى ولدها الحامل للقب أبيه.

ربما تكون طبيعة النشاط الاقتصادي السائد وشبكة علاقاته الاجتماعية في مجتمع ما قبل النفط في الخليج العربي والتي اتسمت بالكفاف والندرة، قد فرضت نمطا معينا من الأنساق القيمية انعكست آثاره الاجتماعية على علاقات أفراد المجتمع خصوصا على النظام الأسري فاحتلت المرأة نتيجة لهذه العلاقة مركزا دونيا ودورا هامشيا في مجتمع ما بعد النفط الذي يكاد يعيش حالا من حالات الاغتراب الاجتماعي بكل جوانبها الاجتماعية والنفسية، إلا أن التعليم والعمل قد ساهما في تغيير وضع المرأة في الخليج العربي، إذ شكل التعليم عاملا مهما في التحول الاجتماعي والثقافي في المنطقة. كما تطور تعليم المرأة منذ بداياته في العشرينات من القرن الماضي حتى المرحلة الحالية من حيث الكم والكيف تطورا كبيرا حتى أصبحت النساء تشكلن أكثر من نصف مجموع الطلاب في كثير من مدارس الخليج وجامعاته، وأضيف أن أداءهن التعليمي بدا في كثير من الحالات أفضل من أداء الذكور من الطلبة في غالبية مراحل الدراسة. وعلى رغم ذلك فإن مجتمعات الخليج تشترك جميعها في حرمان المرأة من الكثير من حقوقها ويأتي ضمنها حرمانها من منح جنسيتها إلى الزوج و الأبناء.و ما حدث للسيدات الكويتيات اللاتي تزوجن من غير مواطنين يعد مثلا على معاناة تلك الفئة، إذ تم طرد مواطني الجنسيات العربية ممن وقفت دولهم مع احتلال العراق واضطر الآلاف منهم إلى البقاء مع أبنائهم خارج الكويت بعيدا عن الزوجة.

المطلوب وقفة شجاعة من حكومات المنطقة فدولنا تحتاج إلى المزيد من السكان للمساهمة في بناء النهضة الاقتصادية وليس هناك أقرب من أسر الخليجيات المتزوجات من غير المواطنين. تلك الأسر قد عاشت وتربى أبناؤها ودرسوا في المنطقة وشاركوا المواطنين آمالهم وأحلامهم وحبهم لوطن الأمهات والزوجات

العدد 990 - الأحد 22 مايو 2005م الموافق 13 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً