العدد 987 - الخميس 19 مايو 2005م الموافق 10 ربيع الثاني 1426هـ

الجزائر - فرنسا ماذا وراء التأزم؟

سمير صبح comments [at] alwasatnews.com

.

ما الأسباب التي دفعت بالرئيس عبدالعزيز بوتفليقة إلى اجتياز الخط الأصفر عندما شبه الاستعمار الفرنسي للجزائر بألمانيا الهتلرية؟ وما الدوافع التي حدت به للذهاب بعيدا بوصفه أفران العار التي أقامها المحتل - في اشارة إلى فرنسا - في منطقة غوتما، بأنها مماثلة للمحرقة النازية؟ هذه التصريحات رأى فيها المسئولون الفرنسيون "اعلان حرب سياسية" في الوقت عينه، أكد هؤلاء انهم فوجئوا بهذا التحول الملفت في قمة السلطة بالجزائر الذي لم يستطيعوا حتى اللحظة ايجاد تفسير له وخصوصا ان اللجان المشتركة تعمل على قدم وساق في تحضير معاهدة الصداقة التي من المتوقع إبرامها قبل نهاية العام الجاري.

واذا كان الفرنسيون لا يملكون الجواب الحقيقي على رد الفعل الجزائري هذا أم انهم لا يريدون ذلك، فان الأوساط الجزائرية المقربة من السفارة الأميركية بالعاصمة "الجزائر"، يشيرون الى ان بوتفليقة انفعل جدا عندما تسربت اليه معلومات مفادها ان فرنسا عادت إلى اعتماد أساليبها القديمة، من دون إعطاء تفصيلات اضافية بهذا الشأن، ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الأمر يتعلق بالتدخل في الشئون الداخلية للجزائر.

من ناحية أخرى اشارت الأوساط المذكورة نفسها، إلى أن الرئيس الجزائري الذي كان ربما على علم مسبق بتفاصيل التدخل الفرنسي، فضل اختيار الوقت المناسب للرد السياسي على هذا النحو الذي وصفه بعض الخبراء، بأنه جاء على الطريقة البومدينية "نسبة إلى الرئيس الراحل هواري بومدين"، ما جعل الحكم يعيد التذكير مع تغطية اعلامية لم يسبق لها مثيل للمجازر التي قام بها الفرنسيون في 8 مايو/ أيار 1945 بمدينة صطيف التي ذهب ضحيتها ما يقارب 45 ألف مواطن جزائري.

هذه الهجمة الحادة جعلت من التصريحات التي أدلى بها رئيس الدبلوماسية الفرنسية لبعض الصحف الجزائرية غير ذات معنى وخالية من أية أهمية. ففي الواقع تؤكد الاوساط المطلعة أن الجزائريين لا يريدون "أجوبة محسوبة" على المجازر التي حصلت كما يشير وزير الخارجية الجزائري المعين حديثا محمد بجاوي، وهو القاضي السابق في محكمة العدل الدولية بلاهاي وأحد المقربين جدا من الرئيس بوتفليقة. ويضيف الوزير في هذا الاطار أن الشعب الجزائري لا يريد سماع ردود غير واضحة مثل "الاحترام المتبادل" لناحية العمل على مراجعة التاريخ والذاكرة، مختتما حديثه في أحد المجالس الخاصة بالقول: "هم الذين احتلوا بلدنا بالقوة وهم أيضا الذين قتلوا أبناءنا وبناتنا وأطفالنا وشيوخنا وليس أحد غيرهم. لذلك عليهم ان يعترفوا بذلك من دون اللعب على الكلام".

ففي حال لم يبادر رئيس الجمهورية الفرنسية جاك شيراك، وبسرعة لاحتواء الموقف وتهدئة اللعبة الدائرة فإن العلاقات الثنائية يمكن ان تتردى. هذا ما بدأ يقلق منذ الآن الأوساط الاقتصادية والصناعية الفرنسية، هذه الأخيرة التي تراهن كثيرا على العقود الضخمة المتوقع الحصول عليها بعد توقيع اتفاق الصداقة والتعاون، ومن أبرز هذه الصفقات انشاء مترو الانفاق في العاصمة "الجزائر" وبناء المطارات والمرافئ الجديدة، ناهيك عن بيع طائرات ايرباص لتجهيز الخطوط الجوية الجزائرية، وايضا طائرات "رافال" الحربية التي تنتجها مصانع "داسو". بالاضافة إلى الحديث عما يمكن أن تستفيد منه شركة النفط "توتال" من عقود خاصة بعد التصويت على مشروع قانون الطاقة الذي سيتم بموجبه فتح باب هذا القطاع أمام الاستثمار الأجنبي

العدد 987 - الخميس 19 مايو 2005م الموافق 10 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً