ما حدث في جلسة مجلس النواب أمس وجلسة الأسبوع الماضي لا يخرج عن إطار يؤشر إلى أن المجلس بات يؤسس فعلا لأعراف بعيدة عن دائرة الاحترام المتبادل، ويؤكد التعاطي مع الحقوق بمنطق أعوج، ويرسخ لأساس متين من قمع الآراء ووجهات النظر وحتى الملاحظات وبالتالي لن يتولد جراء ذلك سوى احتضار أخلاقي وسياسي للتجربة التي شارفت على الانتهاء، فيما لم ير منها سوى الصراخ والعويل وفق سقف يبدو معقولا أحيانا للإنجاز، والفوضى التي تتبعها الفوضى، والتي أشيع أخيرا أن عددا من النواب سيتحركون قريبا تجاه كسرها من خلال "النصح والإرشاد" وذلك لكل من لا يهتدي إلى الطريق الأصوب للديمقراطية التي يتغنى بها، والشفافية التي ينشدها أو يصرخ بها.
لا يفتأ المجلس يتحف الشارع بنماذج بعيدة عما يفترض أن يمثلها ممثلو الشعب، فيغرقه تارة أخرى في أوحال ومستنقعات أبرزها الطائفية المميتة التي تبدو كأنها ركن أساسي شيدت عليه التجربة. كثيرون قد ينتقدون المجلس ويصبون جام غضبهم عليه ويحملونه مسئولية الفشل لعدم تحقيق ما يرضي الطموح، إذ لم يروا منه نفعا ولا ضرا، ولكن حضور هؤلاء إحدى الجلسات تجعلهم ربما يخرجون منه لاطمين وصافعين على الوضع الذي آل ويؤول إليه مجلس الشعب، وبالتالي لن يخرجوا منه موجهين السب إليه كما يحدث الآن من وراء حجاب أو نتيجة سماع أو قراءة أو مشاهدة في إحدى وسائل الإعلام، ولكنهم سيلعنون كل قرار يشجع على مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، ويلومون كل كفاءة نأت بنفسها عن معترك الحياة النيابية بحجة أو بأخرى، منطقية أو غير منطقية.
بات الكثير ينتظر موت التجربة أو انتهاءها بعد نحو سنة، ويترقب بشوق غير معقول أن تتغير الكثير من الوجوه، إذ ما أقل الوجوه التي تستحق أن تكون فيه وكأنها أقل حتى من أصابع اليدين، لعل وعسى يلد المجلس للناس خيرا أو غنيمة حينذاك
العدد 985 - الثلثاء 17 مايو 2005م الموافق 08 ربيع الثاني 1426هـ