أثار النائب عيسى المطوع موضوع بيع أرض كبيرة في شمال المحرق، وهذا الموضوع بالإضافة إلى حيويته بالنسبة لقطاع عريض من أفراد المجتمع البحريني، ومرتبط بتقسيم الأرض وبيعها من قبل المتنفذين، وهو خطر قائم آنيا ومستقبليا، يستوجب وقفة شجاعة و"فزعة برلمانية"، ويتطلب سمو ذوات النواب عن المصالح الشخصية والحزبية، ورص الصفوف خلف مقدم السؤال والتضامن معه، إذ إن موضوع أراضي البلاد التي تقسم كالكعكة في عيد الميلاد، يحتاج إلى إخلاص وتفان لحيويته وارتباطه بالدور الرقابي للبرلمان، هذا الدور المفقود، عله يخرج النواب من الغرق في بحر القوانين المحالة عليهم من الحكومة، ولعله أيضا فرصة مواتية لكي يثبت النواب أنهم جديرون بالجلوس تحت قبة المجلس النيابي وبالثقة الشعبية التي حازوا عليها.
في كل بلاد العالم يتم توزيع الأراضي على مواطني البلد ذاتها، أما في البحرين فالوضع مختلف، فإنه في ظل شيوع مصطلح "شح الأراضي والتمدد الرأسي" الذي تحاول وزارة الإسكان ترويجه، واتجاه الدولة فعليا إلى التمدد الرأسي "العمودي" أي بناء الشقق السكنية ليقضي البحرينيون بقية أعمارهم فيها، نجد بعض الأشخاص يملكون المخططات السكنية التي لا تخطر على بال، في حين يزج بالغالبية العظمى من المواطنين ويتم حشرهم في شقق سكنية!
الموضوع يحتاج إلى أكثر من صوت نيابي، وأوسع من تكتل برلماني، الموضوع يحتاج إلى تضافر الجهود ووقف العبث واستعادة الأراضي للملكية العامة، إذ إن الدولة وبحسب التقارير الرسمية لا تملك سوى عشرة في المئة من أراضي البحرين! وتضافر الجهود يتطلب تشكيل لجنة تحقيق في جميع الأراضي التي تم توزيعها في الفترة السابقة والحالية، على السواحل كما في "الهيرات". وضرورة تشكيل لجنة للتحقيق في هذا الموضوع، سواء كانت برلمانية أم استعانت باختصاصيين في المساحة والتسجيل العقاري والجمعيات الحقوقية والنقابات المهنية "كالمهندسين مثلا" وجميع مؤسسات المجتمع المدني، وبالتالي كشف التجاوزات وعودة الأراضي لملكية الدولة.
قد يقول قائل: إن هذا حلم، فنقول: أليس الإصلاح هو شامل في جميع الميادين كما أشار جلالة الملك - حفظه الله - في أول خطاب له بمناسبة توليه مقاليد الحكم في البلاد؟ إذن ووفقا لذلك فإن الإصلاح الزراعي الذي جرى في مصر، ليس ببعيد عنا، ومبدأ توزيع الثروة هو مبدأ يجب أن يضعه النواب نصب أعينهم. وما يعضد ذلك أن شعب البحرين سيكون مع النواب في هذا المطلب، وسينظر الشعب بكثير من التقدير والاحترام لدورهم، ويسجل عبارات الثناء عليهم.
أما إذا مكث النواب عند تقديم السؤال فقط، وأحد الكتاب أشار إلى أن السؤال في حد ذاته إنجاز، وذلك الكلام غير صحيح، فجميع الناس في البحرين يسألون عن أراضي البلد، وأثير الموضوع في أكثر مجالس البحرين، وليس عمل النواب تقديم السؤال فقط والاكتفاء بالإجابة، بل البحث عن حلول للمشكلات الكبرى في البلاد وأصل السبب، والسؤال تتبعه لجنة تحقيق أو استجواب وطرح ثقة... إلخ، والإنجاز هو إعادة ما تم الاستيلاء عليه من الأراضي إلى ملكية الدولة، والإنجاز هو "جرجرة" الفاسدين ومثولهم أمام النيابة العامة.
سيذكر شعب البحرين للنواب جرجرة هؤلاء والكشف عن وجه الفساد القبيح وإماطة اللثام عن الحقيقة، وذلك ما لن ينساه شعب البحرين للعضو عيسى المطوع والنواب جميعا إن هم استطاعوا القيام بذلك الأمر وذلك ما يعتبر إنجازا
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 983 - الأحد 15 مايو 2005م الموافق 06 ربيع الثاني 1426هـ