إذا تناولنا الفرص المتاحة لإقامة اتحاد بين البحرين وقطر، فإنه من الأهمية بمكان رصد أبرز التحديات التي يمكن أن يواجهها هذا المشروع، وخصوصا أن هذه التحديات لن تمس هذا المشروع الحيوي، ولكنها ستؤثر أيضا على العلاقات البحرينية - القطرية إذا لم يتحقق المشروع خلال المستقبل المنظور.
هناك جملة من التحديات قد لا يسمح المجال بتناولها جميعا، ويمكن الاكتفاء بتناول تحديين أساسيين سيلعبان دورا مهما في العلاقات الخليجية - الخليجية خلال الفترة المقبلة، فضلا عن تأثيرهما على مشروع الاتحاد البحريني - القطري أو حتى على العلاقات البحرينية - القطرية.
يبرز التحدي الأول في مواقف القوى الكبرى في النظام الإقليمي الخليجي، وهنا يمكن الإشارة إلى موقفين:
الأول يتعلق بموقف المملكة العربية السعودية باعتبارها إحدى القوتين الأعظم في النظام الإقليمي الخليجي، ولديها نفوذ هائل في منظومة مجلس التعاون. وبالتالي فإن قيام اتحاد كياني بين البحرين وقطر من شأنه أن يهدد مصالح السياسة الخارجية السعودية، وخصوصا أن الرياض لا تملك علاقات جيدة مع الدوحة، فضلا عن تحفظاتها على توقيع اتفاق التجارة الحرة بين البحرين والولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول 4002. وقيام اتحاد بحريني - قطري سيزيد من إحساس السعودية بتراجع دورها في المنطقة، واحتمال بروز مشروع قوة إقليمية جديدة "مشروع الاتحاد التساعي القديم الذي ظهرت محاولاته في نهاية الستينات من القرن الماضي بين الإمارات السبع، والبحرين وقطر"، ومن أبرز مؤشرات هذا الاحتمال التطور المهم في العلاقات القطرية الإماراتية بعد تبادل زيارات كبار المسئولين في البلدين أخيرا، والإعلان عن التخطيط لمشروع جسر قطري - إماراتي. وفي مثل هذه الأحوال فإن الرياض ستبذل جهودا للحيلولة دون قيام مشروع الاتحاد. إلا أن هذا الموقف من الممكن أن يرتبط بتحسن العلاقات القطرية - السعودية خلال الفترة المقبلة.
الموقف الثاني يرتبط بموقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ تمتلك طهران علاقات ممتازة مع الرياض منذ تولي الرئيس الحالي محمد خاتمي مقاليد السلطة. ووصل التقارب السعودي - الإيراني إلى مراحل متقدمة تضمنت إنشاء مشروعات مشتركة وتوقيع اتفاقات أمنية مهمة، ولذلك فإنه إذا حصل مشروع الاتحاد البحريني - القطري على دعم أميركي قد يواجه برفض إيراني يحظى بمساندة سعودية كامنة نتيجة تقاطع المصالح بين طهران والرياض، ونتيجة للعلاقات الإيرانية - الأميركية المتعارضة. ومن الأدوات التي يمكن أن تستخدمها طهران في هذه الحال تجديد المطالب الإيرانية القديمة بأرخبيل البحرين، وقيامها بدعم تنظيمات سياسية حليفة في البحرين وقطر.
أما التحدي الثاني الذي يمكن أن يواجهه الاتحاد البحريني - القطري فهو العامل الشعبي، الذي يقصد به دور القوى التقليدية ومؤسسات المجتمع المدني وجماعات الضغط المختلفة. فالملاحظ في السياق التاريخي أن المطالبات الوحدوية تأتي عادة من النخب السياسية أو من الحكومات، وإن جاءت من القواعد فإنها تقتصر على المطالبة من دون أن تصاحبها برامج عملية.
ولذلك فإنه من المهم أن يكون للقوى التقليدية ومؤسسات المجتمع المدني وجماعات الضغط دور رئيسي في عملية تأسيس البنية التحتية لمشروع الاتحاد المشترك بين البحرين وقطر مستقبلا. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 1002 ظهرت مبادرة بحرينية بإنشاء الجمعية الشعبية للتكامل البحريني - القطري، إلا أنها إلى اليوم لم تمارس دورا فاعلا في تحقيق أهدافها على الأقل.
خلاصة القول إن مشروع الاتحاد يبقى طموحا، ولكن هناك فرصا وتحديات موجودة حاليا يجب دراستها وتحليلها وبحث إمكان قيام هذا الاتحاد في المستقبل
العدد 982 - السبت 14 مايو 2005م الموافق 05 ربيع الثاني 1426هـ