ما من مخلوق على وجه الأرض إلا ويسعى إلى تأمين حياة سعيدة له ولمن يعولهم من زوجة وأولاد، فعلى مستوى الحكومات والدول نلاحظ سعي هذه الحكومات إلى تأمين فرص التعليم للشباب، وكذلك توفير الوظائف المناسبة إليهم، فتضع الحكومات الخطط العامة، والخطط الخمسية، ولكل وزارة خطة معينة، أملا في التوصل إلى النتائج المرجوة والتي تصب في خدمة هذا الشعب أو ذاك، وعلى مستوى الأفراد ترى الشخص يسعى ويجد ويسهر من أجل تأمين وظيفة معينة توفر له الحياة الكريمة من خلال الراتب الذي يحصل عليه. وكما يسمع أفراد المجتمع قول الآباء، إنهم يعملون ويخططون من أجل مستقبل أولادهم سواء في حياتهم أو بعد أن يفارقوا الحياة، وهذا يدخل ضمن الحنان الأبوي، فيتابعون الأبناء في دراستهم، ويوفرون لهم السبل الكفيلة لمواصلة تعليمهم. وحسنا فعلت مملكة البحرين بإنشاء صندوق التقاعد لموظفي القطاع العام، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية لموظفي القطاع الخاص. فهذا النظام أمن للموظف راتبا معينا يعيش عليه بكرامة عندما يحال إلى التقاعد، أو عندما يتعرض لأي مكروه يسبب له عجزا عن العمل. فهذا النظام وفر الحياة الكريمة لهذا الموظف ولعائلته، وأبعدهم عن شبح العوز والحاجة. ولكن عندما تقوم بزيارة لأحد الصناديق الخيرية عندنا في البحرين، ترى الأعداد المتزايدة من المحتاجين، الذين فقدوا العائل، ولا دخل لهم، ونحن بدورنا نقدم الشكر إلى هذه الصناديق الخيرية، فقد أخبرني أحد المتطوعين في أحد الصناديق الخيرية، أنه وزملاءه جلسوا بعد صلاة عيد الفطر حتى المساء في مبنى الصندوق الخيري، للقيام بعملية فرز زكاة الفطرة، وتحديد المحتاجين لتوصيل الزكاة إليهم، إنه عمل تطوعي جبار، فجزاهم الله خيرا، وعندما تسأل المسئولين، يخبرونك أن العدد في تزايد، فتسأل ماذا كان يعمل والد هذه الأسرة؟ ويأتيك الجواب: أعمال حرة أو مهنة معينة، فبمجرد أن يتوفى العائل ينقطع دخل هذه الأسرة فتلجأ إلى الصندوق الخيري، فيقوم بعمل الدراسة فيتضح له أن هذه الأسرة فعلا في حاجة إلى المساعدة. والصندوق الخيري دخله غير محدد، إذ لا توجد لديه استثمارات، واعتماده على التبرعات التي تزداد في شهر، وتقل في شهر آخر، إذا ما العمل؟ لا بد من النظر في أمر مثل هذه الأسر والمهن. والحل الصحيح أن تشمل هذه المهن مظلة التأمينات الاجتماعية، فلا رخصة جديدة، ولا تجديد لرخصة إلا بعد أن يقوم صاحب هذه المهنة بفتح حساب خاص في المصرف يدفع إليه المبلغ المحدد من قبل مؤسسة التأمينات الاجتماعية، لتقوم المؤسسة بسحبه وتسجيله في سجله، مثله مثل بقية الموظفين في أية مؤسسة خاصة، حتى يضمن قوته وقوت عياله في حال عجزه عن العمل، أو عندما يصل إلى سن متقدمة في العمر، وكذلك عندما ينتقل إلى جوار ربه، فتضمن أسرته الراتب الذي يوفر لها أساس العيش الكريم، حتى تبقى كرامة هؤلاء البشر محفوظة، فيكمل الأولاد دراستهم، ونبعدهم عن مذلة الحاجة، ونحفظهم لخدمة وطنهم، وبذلك نكون حاربنا التسول والمتسولين الذين تزداد أعدادهم في كل يوم فلابد من أن ينظر أعضاء مجلس النواب إلى هذه القضية ويناقشوها من جميع جوانبها، أليست هذه المسألة جديرة بالنقاش؟
العدد 980 - الخميس 12 مايو 2005م الموافق 03 ربيع الثاني 1426هـ