الدعوة الأخيرة التي أطلقتها وزيرة الشئون الاجتماعية فاطمة البلوشي للجمعيات السياسية بالمشاركة في الانتخابات المقبلة لإجراء التعديلات الدستورية من الداخل، والتفاف رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان من التعليق عليها بوضوح تام، وطرحه سؤالا جوهريا "لماذا لا يقوم من هم في مجلس النواب بإجراء التعديلات؟ دعوا هؤلاء الأربعين شخصا يغيرون إذا استطاعوا، فنحن حتى إذا شاركنا لن يزيد عددنا عن أربعين". كل ذلك يعطي مؤشرا واضحا على ازدياد وتيرة التحدي من ناحية الحدة بين المعارضة والمجلس النيابي بأعضائه الأربعين فيما يتعلق بتحريك الملف الدستوري، وذلك على رغم انتهاء اللجنة التنسيقية للتعديلات الدستورية في المجلس حديثا - بعد جهود استثنائية - من إعداد التصور النهائي بتوافق بين كتل "الديمقراطيين"، و"الإسلامية"، و"الاقتصاديين". والتي يؤمل أن تحظى بتوافق حتى مع الكتل النيابية التي لم تسلم مرئياتها، وهي: "المنبر"، "الأصالة"، و"المستقلين"، مستندة إلى حجج ظاهرة وأخرى باطنة.
ولذلك يمكن القول بأنه في حال استمر الوضع راكدا ومتزعزعا فيما يتعلق بالملف الدستوري، ستظل التعديلات الدستورية حبيسة "قفص التحدي"، وما التصريحات الأخيرة من جانب الحكومة والمعارضة إلا شاهدا على ذلك. فها هو رئيس "الوفاق" سلمان يؤكد أن "الدولة تتناقض حينما تقول إن التجربة البرلمانية يمكن من خلالها إجراء تعديلات دستورية، والسؤال هو لماذا لا يقوم من هم في مجلس النواب بإجراء التعديلات، لقد مرت ثلاث سنوات على التجربة، فلماذا لم يتمكن النواب من إنجاز التعديلات المطلوبة"؟. وفيما تصرح الوزيرة بأن "الاعتصامات أو المسيرات بشان التعديلات الدستورية هي آليات غير مجدية"، يؤكد سلمان اقتناعه بها لعلها توصل صوت الشعب المطالب بضرورة اجرائها.
وفيما يقابل خشية المعارضة من ضياع الملف، حلما ورديا للحكومة بتحريكه من الداخل، يطالب النائب الأول لرئيس مجلس النواب عبدالهادي مرهون بعض النواب بعدم الخشية من التعديلات الدستورية، وذلك بعد أن أبدى المتحدث باسم كتلة المستقلين النائب عبدالله الدوسري خشيته من التعاطي مع الملف بصورة ردة الفعل مع تحركات ومطالبات خارج السلطة التشريعية، مطالبا بأن ينبع تحريك الملف وجميع الملفات المهمة من قناعة النواب بعد الدراسة والتمحيص. ولعل في ذلك وغيره ما يبرر التأكيد على استمرار التحضيرات لعقد مؤتمر للحوار الوطني للمسألة الدستورية، تحت دعاوى "استمرار الدولة في التعامل بعدم جدية مع ملف التعديلات"، وبأن "قوى داخل المجلس غير جادة في تحريك الملف ولا يمكن المراهنة عليها"
العدد 976 - الأحد 08 مايو 2005م الموافق 29 ربيع الاول 1426هـ