إن حدوث نوبات التشنج بصورة متكررة هو ما يسمى "الصرع". ونوبة التشنج تعني حدوث انتفاضه بكل الجسم أو جزء منه وقد يكون ذلك مصحوبا بفقدان أو اختلال في الوعي وذلك نتيجة حدوث نشاط كهربي غير طبيعي في بعض أو معظم خلايا المخ.

وينبغي لنا أن نعلم أن هناك أنواعا كثيرة من الصرع، وليس الصرع كله بالشكل الذي يتصوره غالبية الناس، فحينما يذكر الصرع تقفز إلى الأذهان صورة الانتفاضات الشديدة المتكررة للجسم والأطراف مع تيبس العضلات والسقوط على الأرض المصحوب بفقدان الوعي وخروج الزبد من الفم. والحقيقة أن ما ذكر هو نوع واحد فقط من الصرع وليس هكذا كل الصرع وهو يسمى "بالصرع الكبير".

والصرع يصنف إلى نوعين رئيسيين هما صرع كلي، وصرع جزئي "أو بؤري" وتندرج تحت كليهما أنواع أخرى عدة وهناك نوعان هما الأكثر شيوعا، الصرع الكبير وهو ما ذكر سالفا والصرع الخفيف "الصغير" وهو يحدث لثوان معدودة إذ يحملق المريض لفترة قصيرة جدا مع حدوث ارتعاش أو انتفاضة خفيفة في الوجه من دون لفت للانتباه وتحدث مثل هذه النوبات الخفيفة أو كما يطلق عليها في بعض الأحيان الاختلاجات الخفيفة تحدث لمرات كثيرة في اليوم الواحد وعادة ما يبدأ هذا النوع في سن الطفولة.

ما العوامل التي تؤدي إلى الصرع، وهل الوراثة أحد هذه العوامل؟

- كما ذكر سابقا فإن الصرع يعود في الأصل إلى وجود نشاط كهربي غير طبيعي في خلايا المخ والتي من المعروف عنها أنها تصدر نبضات كهربية بصورة طبيعية متوازنة لينتج عنها ما يعرف بالإشارات العصبية التي تتحكم بمختلف أعضاء ووظائف الجسم.

وفي معظم حالات الصرع لا توجد لدينا قرائن أو أسباب واضحة تفسر سبب حدوث ذلك الخلل في النشاط الكهربي للخلايا ولكن من المعروف أن هناك عوامل تؤدي إلى الصرع مثل العيوب الخلقية بالمخ، إصابات الرأس، حدوث تشنجات حرارية متكررة، أورام المخ، وفعلا الوراثة عامل مهم وخصوصا في بعض حالات الصرع الخفيف.

كيف يتم تشخيص مرض الصرع؟

- يتم تشخيص الصرع بالتحقق من عده أوجه:

أولا: الاستفسار عن التاريخ المرضي، وصف النوبات، معدل حدوثها وتحليلها ويأتي ذلك من الأهمية بحيث ينبغي على المريض تسجيل الكثير من الحوادث التي تفيد بدرجة كبيرة في التشخيص وتحديد نوع الصرع ومن ثم علاجه.

ثانيا: الفحص الإكلينكي.

ثالثا: بعض الفحوص المهمة مثل:

- فحص الرنين المغناطيسي على المخ ببروتوكول خاص بالصرع.

- تخطيط المخ "قياس النشاط الكهربائي في الدماغ".

- تخطيط المخ المستمر المتزامن مع تصوير الفيديو للنوبات ويتم ذلك بعد تنويم المريض بوحدة الصرع التخصصية.

- وقد تكون هناك حاجة إلى بعض فحوص الدم لقياس مستوى أدوية علاج الصرع أو الاطمئنان على وظائف الكبد وصورة الدم.

ماذا يجب عمله للمريض أثناء النوبة... وما العلاج؟

- بداية يجب أن يكون أفراد الاسرة والأصدقاء المقربون على علم بأن الشخص المعني يعاني من الصرع ليتمكنوا من عمل الإسعافات الأولية المتعلقة بنوبة الصرع مثل:

- إرخاء الملابس حول عنق المريض.

- السماح للمريض بحرية الحركة وعدم محاولة تقييد حركته أو الإمساك بأطرافه.

- تجنب وضع أي شيء بالفم.

- التأكد من تنفس المريض وقد يكون من المفيد إمالته على جانبه بعد النوبة لتجنب سد الممرات الهوائية بلسانه أو أية إفرازات أو قيء مصاحب.

- إبعاد الأشياء الحادة أو التي قد تصيبه ومن حوله اثناء النوبة.

- من المهم جدا تغيير طبيعة عمل المريض إذا كانت تعرض حياته أو حياة الآخرين للخطر، مثل العمل بالأماكن المرتفعة، الغوص، قيادة الطائرات، العمل بجوار خطوط الكهرباء.

- إذا استمرت نوبه التشنج لمدة تزيد على 3 - 5 دقائق ينبغي الاتصال على الفور بالطوارئ لأقرب مستشفى أو نقل المريض. وخصوصا إذا بدا أنه غير قادر على التنفس.

أما عن علاج الصرع فهذا يتوقف على نوع الصرع وسببه ومعدل تكرار النوبات وغيره والعلاج قد يكون دوائيا وهناك الكثير من الأدوية المضادة للصرع مثل الفينوتين والفالبوريت، الكربامازيبن، الفينوباربيتال وغيرها وكذلك توجد جراحات الصرع إذ يتم استئصال البؤرة الصرعية مثل: استئصال الجزء المعني من القشرة المخية أو استئصال جزئي للفص الصدغي أو الفص الأمامي وشق الجسم الجاسئ "الاتصال بين نصفي المخ" وغيرها من العمليات الجراحية التي قد تغني المريض عن الدواء وتحقق نسبة شفاء تصل إلى 70 في المئة.

* استشاري جراحة المخ والأعصاب في مستشفى البحرين الدولي