المادة "45" هي المادة التي تحظر مساءلة أي وزير عما بدر منه قبل انعقاد المجلس، وكان واضحا كيف أعاقت هذه المادة مجلس النواب عندما كان يحقق في تجاوزات هيئتي التأمينات والتقاعد، وكان عذر تشريعية النواب في رفض إلغاء هذه المادة هو أنها تحمل في طياتها تدشين مرحلة جديدة قائمة على المصالحة السياسية، ولست أفهم ما يقصد أعضاء اللجنة التشريعية بالمصالحة السياسية، وما علاقتها بتجاوزات بعض الوزراء قبل انعقاد المجلس.

المصالحة السياسية التي تتحدث عنها اللجنة هي إصلاح الفساد، وليس التغاضي عنه، والمصالحة السياسية هي مكافأة المحسنين من الوزراء ومحاسبة المسيئين الذين استغلوا نفوذهم وسرقوا المال العام، ولما جاء يوم الحساب، وساعة الوقوف بين يدي الشعب لمحاسبتهم ظهر أعضاء اللجنة التشريعية ليدافعوا عن المادة التي تحمي من سرح ومرح عقودا من الزمن ينهب ويسلب ويملأ حساباته في المصارف الأجنبية، حتى لم يعد يعلم مقدار حجم رصيده.

السادة أعضاء اللجنة التشريعية والقانونية، إن المصالحة السياسية التي اتكأتم عليها ليست مبررا لرفض إلغاء المادة ،45 بل على العكس هي مبرر لإلغاء هذه المادة حتى يعرف الناس من كان يتساهل في سرقة أموالهم، ومن كان يستغل كرسي وزارته لينزف من خيرات الناس، والناس لا يجدون لقمة يسدون بها جوع أبنائهم، وما أكثر الفضائح التي فاحت روائحها النتنة، وحاولت الحكومة علاجها بمكافأة أصحابها بالتقاعد المبكر، وإعطائهم مميزات لا يحلمون بها حتى عندما كانوا في مناصبهم.

لا أزال أتذكر كيف كانت المادة 45 من قانون المجلسين سدا منيعا في مساءلة الوزراء المسئولين عن تجاوزات هيئتي التقاعد والـتأمينات، ولاتزال صورة التململ خالدة في ذاكرتي عندما تواجه الحكومة النواب بالمادة ،45 ولذلك تقدم عدد من النواب باقتراح إلغاء هذه التي أشبعت النواب ضربا، وألقمتهم حجرا، وعندما جاء بصيص أمل لإلغائها رفض النواب الأفاضل ذلك، لماذا؟ لأنها تحمل في طياتها مصالحة سياسية، وبذلك تم تأجيل حساب الوزراء إلى يوم الحساب الذي لن يطال الوزراء فقط، بل حتى النواب الذين أجلوا ذلك برفضهم إلغاء المادة "45"