العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ

ثلاث سيدات متميزات

منيرة أحمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

نشرت مجلة "تايم" في الأسبوع الماضي قائمتها السنوية لمئة شخص تعتبرهم الأكثر تأثيرا وشهرة في العالم للعام ،2005 إذ قسمتهم إلى خمس قوائم، هي قائمة: القياديين والثوريين، البنائين والعظماء، الأبطال والمعبودين، العلماء والمفكرين، والفنانين والمرفهين. طبعا كان من ضمنهم مشاهير نعرفهم ونراهم على صفحات الصحف يوميا أمثال جورج بوش وكوندليزا رايس ومحمود عباس وبيل كلنتون والبابا الجديد بندكس السادس عشر وشارون وبيل غيتس وغيرهم.

القائمة طويلة ولكني سأعلق على هذا الاختيار من خلال ثلاث سيدات متميزات إحداهن من منطقتنا... من الخليج والثانية من أصل عربي أما الثالثة فهي أوروبية غربية وكلهن تم وضعهن ضمن قائمة الأبطال والمعبودين. الأولى هي السعودية لبنى العليان "49 عاما" التي تبرر مجلة "تايم" اختيارها بأنها واصلت خطابها في منتدى جدة الاقتصادي عندما انحسر غطاء رأسها ما خلق ردة فعل واسعة وهوجمت بشدة في الصحافة والإعلام والمؤسسة الدينية. ولبنى العليان ليست امرأة عادية فهي تدير مع إخوتها امبراطورية والدها المالية التي تقدر بعدة بلايين وقادت إدارتها بنجاح وكفاءة، كما اختيرت أول سيدة سعودية في البنك السعودي الهولندي العام ،2004 وأيضا ترأست بعض جلسات منتدى دافوس الاقتصادي العام .2005 ولا أنكر هنا سعادتي باختيار سيدة خليجية ضمن هذه القائمة، إلا أنني أود إضافة أخريات ليست لديهن ثروة لبنى العليان الهائلة ولكنهن تحدين واقعهن الصعب وخرجن العام ،1990 إبان الاحتلال العراقي للكويت، في مظاهرة احتجاج للفت النظر إلى قضيتهن وأقصد هنا مجموعة السيدات السعوديات اللاتي خرجن إلى الشارع العام وسقن سياراتهن في شوارع الرياض احتجاجا على حرمانهن من السياقة وتحملن نتيجة عملهن من طرد من العمل وتجريد من جواز السفر. كما تحملن السباب والقذف من بعض خطباء المساجد. تلك التجربة تستحق، في رأيي، وقفة وتحية حارة ولو أنها تأخرت 15 عاما. فهؤلاء النسوة هن من مهدن الدرب لمن جاء بعدهن ولمن سيأتي في المستقبل.

أما السيدة العربية الثانية التي كانت من ضمن قائمة مجلة "التايم" فهي هانيا مفتي "47 عاما"، سيدة من الأردن كرست حياتها للدفاع عن الشعب العراقي. وهي تعمل مع المنظمة الدولية لحقوق الإنسان "هيومن رايتس واتش" مقرها الرئيسي في واشنطن ولها عدة فروع في مناطق مختلفة من العالم. قضت نحو عقدين من الزمن تجمع الدليل تلو الآخر على اختراقات نظام صدام حسين ضد الأكراد وغيرهم من العراقيين وخصوصا في مناطق العراق الشمالية. وبعد الغزو الأميركي للعراق أخذت تجمع الأدلة على اختراقات وتعسف القوى الأمنية العراقية التي تعمل تحت إمرة القوات الأميركية.

وتعترف هانيا بأنها ستواصل مساعدة العراقيين لتطوير علاقة إيجابية بين السلطة والمواطنين العراقيين، كما أنها تناشد الشعوب الغربية المساعدة في إصلاح نظام القضاء والشرطة. وهي تؤكد "أننا لانزال في بداية الطريق ونحتاج إلى الكثير من التصميم والإيمان للسير في هذا الطريق".

والسيدة الثالثة والأخيرة هي الإيرلندية ميري روبنسون، وهي كما تصفها المجلة، تتميز باستقامة القاضي وحماسة من يدير حملة انتخابية ودفء صديق قديم وإحساس حاد في كيفية تركيز الأضواء العالمية على قضية محددة. وقد بدأت ميري روبنسون حياتها المهنية محامية لحقوق الإنسان في إيرلندا تحارب من أجل التغيير في قضايا خلافية مثيرة للجدل في ذلك الوقت مثل إدخال المرأة في هيئة المحلفين أو استعمال موانع الحمل. وهي الآن ترأس "المبادرة الأخلاقية الدولية" ومقرها نيويورك، محاولة أن تجعل من فكرة راديكالية قيد التحقيق: بمعنى أن الأمن الدائم في عصر الإرهاب سينبثق من نشر العدالة في العالم كله.

وتعتبر ميري روبنسون "60 سنة" أول سيدة تتولى رئاسة الجمهورية في بلدها إيرلندا، وأول ليبرالية تنادي بالمساواة بين الجنسين. وقد تولت العام 1997 رئاسة المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة وكانت تناهض دولا قوية مثل الصين وروسيا. كما نددت بسياسة الولايات المتحدة تجاه سجناء غوانتنامو وزيادة القتلى في أفغانستان ما جعل أميركا تقف ضد ترشيحها لفترة ثانية. وهي حاليا تدير حملة للمساواة التجارية مع الدول النامية لحث الشركات العالمية على متابعة قوانين حقوق الإنسان وإبطال الفكرة التي تنادي بتقليص الحقوق المدنية وسيلة لمحاربة الإرهاب.

ثلاث سيدات متميزات كل واحدة في اختصاصها، الأولى أثبتت على المستوى المحلي تفوق المرأة وتصميمها على النجاح في بلد محافظ كالسعودية. وعلى رغم ثروتها الطائلة فانها تواظب على عملها داخل بلدها. والثانية كرست نفسها ووقتها لإحلال العدالة والحق في بلد عربي آخر غير بلدها عانى الكثير ولايزال يعاني من الاحتلال وعدم استتباب الأمن والفقر. أما الثالثة فقد انطلقت إلى العالمية وإلى البشر جميعهم فتدرجت من رئاسة بلدها واحتضنت العالم كله عندما تولت منصبها الأخير للدفاع عن قضايا تهم العالم كله ونشر العدالة في ربوعه. إن أي مشروع ناجح يبدأ بشخص واحد يقرر العمل على تنفيذ فكرة يؤمن بها ويصر على إنجازها حتى تكتمل وهذا ما قامت به أولئك السيدات المتميزات

العدد 968 - السبت 30 أبريل 2005م الموافق 21 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً