في الوقت الذي أشاد فيه أستاذ جامعي مصري في محاضرة له بالولايات المتحدة الأميركية بتجربة المغرب الديمقراطية، اعتبر عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إن مجلس إدارة المعهد "استطاع أن يقوم بعدة منجزات في مجالات التعليم والاتصال والإعلام". أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كمال السيد قال إن المغرب يقدم النموذج الأفضل في مجال الانتقال السياسي والتجربة الديمقراطية بالعالم العربي منذ اعتماده غداة الاستقلال العام 1955 لدستور يحظر الحزب الوحيد ويكرس التعددية الحزبية. وأوضح السيد في محاضرة ألقاها بمقر مؤسسة "كارنيجي" للسلم الدولي بواشنطن عن "الإصلاحات السياسية في العالم العربي: حقائق وأوهام" أن المغرب بنظامه الملكي الدستوري منع الحزب الوحيد وأرسى التعددية السياسية وفتح الباب منذ التسعينات أمام أحزاب المعارضة لقيادة حكومة التناوب. وأضاف: من جهة أخرى أن جلسات الاستماع العمومية لضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان خلال العقود التي تلت الاستقلال وصولا إلى تسعينيات القرن الماضي تشكل "مبادرة فريدة من نوعها في العالم العربي"، مشيرا إلى أن هذه العوامل تسمح باعتبار المغرب "النموذج الأفضل في مجال الانتقال السياسي بالعالم العربي". وعن آفاق الديمقراطية بالشرق الأوسط، اعتبر كمال السيد أن "الديمقراطية في العالم العربي مسألة تطور تاريخي"، مشددا على أن الديمقراطية تستدعي بيئة ملائمة لتطورها، خصوصا من حيث الرفع من نسبة التعليم وتحسين دخل المواطن العربي. وفيما يتعلق بإدماج الجماعات الإسلامية في الحياة السياسية العربية، قال السيد إن الحكومات العربية مدعوة إلى تفعيل مبدأ الحوار مع هذه الحركات، مضيفا أن توسيع العملية السياسية لتشمل هذه الجماعات الدينية هو السبيل الوحيد لتعزيز التطور الديمقراطي في إطار آمن وسلمي. واستدل في ذلك بما أقدم عليه المغرب من منح حزب العدالة والتنمية الإسلامي شرعية العمل السياسي، ما كان سببا رئيسيا في احتواء الإسلاميين، وتضييق الخناق على التطرف. وأكد من جانب آخر على ضرورة أن تنبع الديمقراطية من الإرادة الحرة للقوى السياسية الداخلية في كل بلد، ولا يمكن أبدا فرضها من طرف قوة أو ضغوط أجنبية. على صعيد آخر، وارتباطا بالتحول الذي يشهده المغرب خصوصا من جانب إقرار الحقوق الثقافية لمواطنيه الأمازيغ، أحمد بوكوس قال، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي أعطى إشارة تأسيسه الملك المغربي "أن مجلس إدارة المعهد "استطاع بتشكيلته الحالية أن يقوم بعدة منجزات منها بلورة الاستراتيجية العامة للمؤسسة في مجالات التعليم والاتصال والإعلام، وتنظيم عدد من الندوات العلمية في بعض جهات المغرب وإصدار أكثر من20 مؤلفا في اللغة والتربية والتاريخ والأدب والانتروبولوجيا والترجمة وجميع المجالات التي تدخل ضمن اختصاصات المعهد". وأضاف بوكوس: "أن المعهد قام بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، بإعداد الكتاب المدرسي ودليل المدرس للسنتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي"، مشيرا إلى أن المعهد استطاع أيضا أن يخرج إلى الآن ما يزيد عن ألف أستاذ و200 مفتش. وقال عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية "أن تأسيس المعهد أسس لسياسة ثقافية جديدة في بلادنا، باعتباره محطة تاريخية بامتياز" مشيرا إلى أن هذه الخطوة "شكلت قطيعة لا رجعة فيها مع السياسة الاقصائية التي عرفتها الامازيغية قبل هذا التاريخ". وأوضح أن من معالم هذه النقلة النوعية هناك بالخصوص الوعي باستيعاب الرافد الأمازيغي كمكون أساسي لثقافة المغاربة وانخراط المجتمع المدني في بلورة المفهوم الجديد للثقافة الوطنية والشروع في إدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، فضلا عن الشروع في تحسين أسلوب التعامل مع الأمازيغية في محطات الإذاعة وقنوات التلفزيون بالمغرب كثقافة حيوية". يذكر أن الفترة الأخيرة شهدت سلسلة استقالات من مجلس إدارة المعهد احتجاجا على ما اعتبروه إقصاء ممنهجا لـ "اللغة" والثقافة الأمازيغية، ولعمل المعهد
العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ