يشغل الصحف الأميركية الملف اللبناني - السوري فأوردت آخر التطورات على المستوى الحكومي وأبرزت تأكيدات دمشق بأن الخروج السوري من لبنان سيتم قبل الانتخابات اللبنانية. وواصلت هذه الصحف البناء على الاتهامات الأميركية لسورية بالوقوف وراء جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري كجزء من الدعاية الأميركية ضد دمشق. وإلى جانب الضغوط بدأت التحليلات تشدد على ضرورة إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لأنه يشكل نقطة الارتكاز في "محور الشر" الجديد أي إيران، سورية، حزب الله، حماس، والجهاد الإسلاميين. وهدف هذا المحور بحسب أحدهم، هو زعزعة الاستقرار في الدول المجاورة لسورية أي العراق ولبنان و"إسرائيل" والسلطة الفلسطينية فضلا عن تخريب السلام الفلسطيني الإسرائيلي! وكتبت صحيفة "واشنطن بوست" خبرا افتتاحيا تحت عنوان "سورية: الانسحاب سيتم قبل الانتخابات... ورئيس الوزراء اللبناني المكلف عمر كرامي سيعتذر مرة أخرى". فأشارت إلى أن سورية أبلغت الأمم المتحدة أنها ستقوم بسحب قواتها من لبنان قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو/ أيار المقبل. وأوضحت أن القرار السوري جاء في رسالة بعث بها وزير الخارجية فاروق الشرع إلى مجلس الأمن. واعتبرت الصحيفة أن القرار جاء نتيجة الضغوط التي تمارس على سورية من جانب المعارضة اللبنانية ومن العواصم الغربية من أجل سحب قواتها. من جهة أخرى، أوردت الصحيفة أن كرامي أعلن انه سيعتذر عن تشكيل الحكومة لعدم قدرته على إقناع المعارضة بالمشاركة فيها. وأوضحت أن المعارضة اللبنانية ترفض المشاركة إلى أن تتم الموافقة على مطالبها والتي تتضمن تشكيل لجنة تحقيق دولية في اغتيال الحريري واستقالة رؤساء الأجهزة الأمنية. ونشرت "نيويورك تايمز" تحقيقا بشأن صناعة الأعلام في لبنان في ظل ارتفاع الطلب عليها بسبب التظاهرات الشعبية التي أعقبت اغتيال الحريري. واعتبرت أن رفع اللبنانيين للعلم اللبناني في التظاهرات هو دليل على أن الشعور الوطني في لبنان أزهر من جديد. وأشارت إلى انه لم يسبق أن بلغ الطلب على العلم اللبناني هذا المستوى. إذ انه خلال التاريخ اللبناني القصير والمضطرب لم يكن هذا العلم سوى رمزا "حزينا" و"منبوذا" فالميليشيات اللبنانية كانت تملك أعلامها الخاصة. وأضافت أن هذه الحقيقة اختلفت اليوم بعد اغتيال الحريري وولادة الشعور الوطني اللبناني. واتهم "أستاذ زائر في العلوم السياسية" روبرت رابيل سورية بالوقوف وراء التفجيرات التي حصلت في بعض المناطق المسيحية في بيروت، وذلك بهدف تقويض "انتفاضة الاستقلال" في لبنان. وذكر رابيل، بأن سورية لطالما استخدمت العنف لتحقيق أهدافها في هذا البلد. فقد قامت دمشق بتصفية الشخصيات اللبنانية التي كانت ترى أنها تشكل عوائق في وجه تدخلها في الشئون اللبنانية. وأشار على سبيل المثال إلى أن سورية اغتالت الزعيم الدرزي كمال جنبلاط لتدمير الحركة الوطنية والتقرب من الحركات الإسلامية السياسية. وتابع أن سورية قامت أيضا بتصفية الشخصيات التي كانت ترى أن لديها علاقات مع جهات خارجية مثل الرئيس الراحل بشير الجميل الذي اغتالته في العام .1982 وإذ ذكار رابيل بأن تفجير السيارات كان حدثا يوميا خلال الحرب الأهلية اللبنانية، اعتبر أن الموجة تذكار بالاستراتيجية السورية الماضية التي ترتكز على استخدام العنف. من جهة أخرى ذكر رابيل، بأن سورية لطالما استخدمت سياسة "فراق تسد" في لبنان من أجل الحفاظ على هيمنتها. ورجح أن تعمل دمشق على إثارة الفتنة الطائفية من جديد في جبل لبنان بين الدروز والموارنة الذين يشكلون صلب المعارضة. وأضاف انه من الممكن أن تلجأ سورية إلى استغلال نقاط الاختلاف بين الجهتين بين المشاعر العروبية الدرزية ومشاعر الموارنة المؤيدة لأميركا. وختم بالقول إن سلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدها لبنان ليست مجرد مؤشر على أن سورية ومناصريها في لبنان ينوون تعزيز التوتر المذهبي فحسب بل أنها دليل على بداية جولة جديدة من الترهيب التي تستهدف المعارضة اللبنانية. وكتب شارل كروثامر في "واشنطن بوست " قائلا "سورية ومحور الشر الجديد" اعتبر خلالها أن سورية تشكل مع إيران وحزب الله وحركتي "حماس" و"الجهاد" محورا جديدا للشر في المنطقة. فكتب انه منذ بدء المظاهرات في لبنان هزت هذا البلد ثلاثة انفجارات إرهابية استهدفت أحياء مسيحية معارضة.. وانتقد التظاهرة الضخمة التي نظمها حزب الله، الذي وصفه بأنه عميل سورية، وتلك التي نظمت في دمشق دعما للرئيس بشار الأسد.، مشيرا إلى اعتراف أحد ناشطي حركة "حماس" بأنه خضع للتدريب في سورية. ورأى أن هذا الاعتراف هو الدليل المباشر الأول على تورط سورية الفاعل في نشاطات المنظمات الفلسطينية. واتهم سورية أيضا بأنها تغذي التمرد في العراق. ورأى أن سورية أكدت نواياها عندما أرسل الأسد رئيس وزرائه إلى طهران لإعلان التحالف معها وذلك بالتزامن مع مباشرة المجتمع الدولي الضغط على دمشق. ورأى أن الأذى الذي تمارسه سورية خطير جدا لأنه يشير إلى ظهور عدو جديد في المنطقة يتمثل بمحور شر جديد تشكل سورية نقطة ارتكازه خصوصا أننا على مشارف ربيع عربي. وأوضح كروثامر أن هذا المحور يبدأ من إيران الدولة مرورا بسورية وصولا إلى المنظمات "الإرهابية"، التي تستهدف الاستقرار في لبنان. وأشار كروثامر، إلى أن التحالف السوري الإيراني يعود إلى زمن بعيد فسورية في ظل حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد كانت الدولة التي دعمت إيران ضد دولة عربية أخرى هي العراق خلال الحرب الإيرانية العراقية... وأضاف أن الهدف الاستراتيجي لهذا المحور هو تدمير "الربيع العربي" الذي يهدد بعزل عناصر هذا المحور. أما من حيث كيفية مواجهة هذا المحور، فقال كروثامر إن إيران كبيرة جدا وغنية بالنفط لذلك فمن الصعب مواجهتها مباشرة كما أن المنظمات "الإرهابية" لا تملك عنوانا محددا على حد تعبيره على عكس سورية التي تملك "عنوانا ثابتا" والتي لا تملك كميات مهمة من النفط والتي يعاني نظامها من الضعف. من هنا استنتج كروثامر، أن سورية هي جائزة سهلة فهي هشة وتشكل في الوقت نفسه النقطة المركزية جغرافيا لمحور الشر ومركز نقل الأسلحة والملجأ الآمن "للإرهابيين" الإيرانيين والمحليين... أما الوسيلة فهي أن تواصل أميركا والمجتمع الدولي الضغط على النظام السوري للخروج نهائيا من لبنان ومن ثم إطلاق حملة من الضغوط الاقتصادية والسياسية والعسكرية على نظام الأسد
العدد 942 - الإثنين 04 أبريل 2005م الموافق 24 صفر 1426هـ