تعتمد السياسة الخارجية بشكل كبير على مبادئ يطلقها عادة كبار صناع القرار الأميركيين أو الرؤساء تحديدا، وبدأ ارتباط هذه السياسة بالمبادئ منذ عهد الرئيس الأميركي السابق جيمس مونرو عندما أطلق "مبدأ مونرو" خلال العام 1823 وقضى بموجبه أن تعارض السياسة الخارجية الأميركية التدخل الأوروبي في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وفي الوقت نفسه عدم تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية لأوروبا. وعقب ظهور هذا المبدأ وتأثيره الكبير لعقود طويلة على السياسة الخارجية الأميركية ظهرت الكثير من المبادئ، أهمها: مبدأ ترومان ،1947 مبدأ آيزنهاور ،1957 مبدأ نيكسون ،1969 مبدأ كارتر ،1980 مبدأ كيركباترك "السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة" ،1981 مبدأ ريغان ،1985 مبدأ باول ،1990 مبدأ كلنتون ،1999 وأخيرا مبدأ بوش .2001 طبعا أحدثت تلك المبادئ تأثيرا عميقا على العلاقات الدولية وعلى النظام الدولي نفسه، إلا أن حصاد البلدان العربية من هذه المبادئ والخطط الأميركية على صعيد السياسة الخارجية ازداد يوما بعد آخر. وعقب حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول قامت الإدارة الأميركية بانتهاج أسلوب جديد في مواجهة التحديات المختلفة للأمن القومي الأميركي والموجودة في منطقة الشرق الأوسط. ويقوم هذا الأسلوب على إصدار قوانين وطنية تهدف إلى تغيير أنظمة سياسية أو حصار أخرى. وهو ما شهدته البلدان العربية منذ فترة، إذ ظهر قانون تحرير العراق، واستطاعت الولايات المتحدة تنفيذه بسرعة عبر احتلال أراضيه، بعد ذلك أعلن قانون تحرير إيران، والأسبوع الماضي أعلنت تفاصيل قانون تحرير سورية ولبنان. وإلى الآن لم تبد البلدان العربية موقفا صريحا تجاه هذه القوانين، على رغم أنها قوانين غير مطروحة للنقاش من قبل الإدارة الأميركية، لكن من حق الحكومات والشعوب العربية أن تناقش هذه القوانين، ويكون لها موقف صريح إزاءها، بل وتعبر عن رفضها لها. إلا أن الملاحظ استمرار الغياب الرسمي والشعبي عن القوانين الأميركية التي تصدر تباعا. وإذا تمت متابعة القرارات والسياسات الجديدة التي اتخذتها الإدارة الأميركية تجاه منطقة الخليج العربي، ودول مجلس التعاون تحديدا سنجد أن هناك إجراءات قيد التنفيذ، وهي في النهاية تشكل قانون تحرير الخليج، وخصوصا مع وجود مرئيات أميركية متطرفة لإعادة تشكيل النظام الإقليمي الخليجي إلى نظام جديد يهدف إلى تفكيك مجلس التعاون الخليجي، وتفكيك منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك". ومن أبرز أهداف هذه الرؤية جعل منطقة الخليج آمنة عبر تحجيم إيران والعراق وإلغاء وجود المملكة العربية السعودية، ويمكن قراءة هذه الأفكار في كتاب أميركي صدر قبل فترة. وفي ضوء هذا القانون فإنه من الأهمية بمكان أن يتم تحديد كيفية تنفيذ "قانون تحرير الخليج"، وكيفية مواجهة آلياته، لأن أهدافه لاترمي إلى استهداف دولة خليجية بعينها، وإنما تهدف إلى تغيير المنطقة بكاملها، وهذا ما يجب أن يدفع نحو إعادة تقييم السياسات الأميركية تجاه المنطقة، والعلاقات الخليجية - الأميركية
العدد 940 - السبت 02 أبريل 2005م الموافق 22 صفر 1426هـ