المتمعن في مواد مشروع قانون مكافحة الإرهاب الذي أحالته الحكومة حديثا إلى مجلس النواب وبدوره أحاله إلى لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بصفة أصلية، وإلى لجنة الشئون التشريعية والقانونية لإبداء الملاحظات، يلحظ تطعيمه بنفس يخشى أن يكون إرهاب دولة موجها إلى مواطنين، دولة تحاول المضي نحو تعزيز الأطر العامة للقنوات الديمقراطية في عهد الإصلاح. إلا أنها قد تقع في مطب يجعل الحال شبيها بحال "أميركا" حينما تنهج النهج ذاته وتعلن الحرب على الإرهاب - مع الفارق في عمق المعنى - ناهيك عن إغفال الأخذ بالاعتبار قدر حاجة دولة صغيرة إلى مشروع كبير في حجم خطورته، إذ يصور الدولة بأنها مليئة بالهيئات والمنظمات الإرهابية والإرهابيين.
مواد المشروع تضمنت مصطلحات مطاطة أولها مصطلح الإرهاب، إضافة إلى مصطلحات أخرى كالأمن العام والنظام العام والسلام الاجتماعي والوحدة الوطنية والاعتداء على الحريات وغيرها. وهنايمكننا الإشارة إلى تنويه السيدمحمد حسين فضل الله في حديث صحافي له أخيرا بظاهرة "فوضى المصطلحات"، وتركيزه على القول إن مصطلح الإرهاب نفسه بات يستخدم بطريقة إرهابية. فحديثه يبدو مطابقا لواقع حال مشروع مكافحة الإرهاب، الذي يبدو أيضا أن الحكومة مهدت إليه "نسبيا"، منذ أن أبدت استياءها العارم من "تسييس المناسبات الدينية" ورفع الصور والملصقات والشعارات "الخارجية"، وهو الأمر الذي تم تفصيله بوضوح في المادة 10 من القانون التي تنص على أنه "يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استغل الدين أو دور العبادة أو الأماكن العامة أو المناسبات الدينية في بث دعايات مثيرة أو أفكار متطرفة أو رفع لافتات أو وضع رسوم أو ملصقات أو صور أو شعارات أو رموز من شأنها إثارة الفتنة أو التحقير من الأديان السماوية أو رموزها أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو اضطراب الأمن أو النظام العام"، وفيما عدا المادة العاشرة فلا مناسبة ملحة لطرح القانون المذكور بصفة الاستعجال.
من جهة أخرى، الحال ذلك بات معروفا، إذ هو مشابه لتمهيدات الحكومة لطرح قانون التجمعات العامة إثر تعاقب المسيرات المطالبة بالإفراج عن مدير مركز البحرين لحقوق الإنسان المنحل، إذ بدأت بالأخذ بأصول اللعبة ذاتها حينما أبدت استياءها منها واعتبرتها مخالفة للقانون.
قانون "الإرهاب" اليوم في يد اللجنة الخارجية بمجلس النواب، والمواطنون ينتظرون منها ومن المجلس موقفا "حاسما" بعدم تمريره أو الاستعجال فيه كما تود الحكومة، لا مجرد تصريحات تطلق بين الفينة والأخرى تفيد بالتروي والتريث في دراسته كما حدث مع قانون التجمعات، والذي حسمت اللجنة التشريعية أمر عدم دستوريته
العدد 934 - الأحد 27 مارس 2005م الموافق 16 صفر 1426هـ