سواء في الدستور أو بعض القوانين، فإن رأس الدولة يمنح سلطات "استثنائية" يمكن أن يستخدمها لتحقيق مصلحة عامة، واستخدامها في غير محلها أو جعلها وضعا طبيعيا يخل بجوهر النص وروحه، ولعل بعض المستشارين غير الحسنين يلعبون هنا أدوارا غير حسنة حين يزينون ما هو مخالف للقانون بنصوص قانونية.
في الأصل، فإن مجلسي الشورى والنواب يشكلان المؤسسة التشريعية ويصدران القوانين، لكن يمكن للملك أن يصدر مراسيم بقوانين وقت الضرورة بحسب المادة "38" من دستور 2002 التي تنص على انه: "إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو في فترة حل مجلس النواب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للملك أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على ألا تكون مخالفة للدستور. ويجب عرض هذه المراسيم على كل من مجلس الشورى ومجلس النواب "..." فإذا لم تعرض زال ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. وإذا عرضت ولم يقرها المجلسان زال كذلك ما كان لها من قوة القانون".
النص واضح في إن إصدار الملك للقانون من جانب واحد هو استثناء أعطي لتفادي الوقوع في فراغ ما. وهو افتراض قد يحصل وقد لا يحصل ويجب ألا يكون القاعدة، وإلا فإن فكرة الدستور وتقليص صلاحيات رأس الدولة وتشكيل هيئة تشريعية لا معنى لها إذا استخدم النص لإصدار قوانين في أي وقت. أيضا تعطي المادة "90" "للملك أن يؤجل، بأمر ملكي، اجتماع المجلس الوطني مدة لا تجاوز شهرين ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد أكثر من مرة واحدة. ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد المنصوص عليها في المادة "72" من هذا الدستور"، وهذا أيضا إجراء استثنائي، يجب أن يحاصر. كما يعطي الدستور للملك الحق في "أن يحل مجلس النواب بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، ولا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى"، كما ورد في المادة "42/ ج".
ومن دون شك فإن الحل أمر شاذ، إذا تكرر فإنه يخل بما هو طبيعي: استمرار البرلمان لفصل كامل، ينتخب بعده برلمان آخر، وهكذا دواليك، ولهذا فإن فترات استمرار عمل مجلس الأمة الكويتية لا تذكر بقدر ما يذكر عدد مرات الحل وسنواته، ذلك أن الشاذ يبقى عالقا في الذهن.
وقد نقل عن جلالة الملك مرات أن خيار الحل مستبعد تماما.
تؤكد الفقرة "أ" من المادة "64" ذلك، وهي تنص على انه "إذا حل مجلس النواب وجب إجراء الانتخابات للمجلس الجديد في ميعاد لا يجاوز أربعة أشهر على الأكثر من تاريخ الحل. فإن لم تجر الانتخابات خلال تلك المدة يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فورا كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد". مع إن الفقرة "ب" تعطي "للملك، على رغم ما ورد في البند السابق، أن يؤجل إجراء انتخاب المجلس الجديد إذا كانت هناك ظروف قاهرة يرى معها مجلس الوزراء أن إجراء الانتخاب أمر متعذر"، فيما تعطي الفقرة "ج" للملك "إذا استمرت الظروف المنصوص عليها في البند السابق، فللملك، بناء على رأي مجلس الوزراء، إعادة المجلس المنحل ودعوته إلى الانعقاد، ويعتبر هذا المجلس قائما من تاريخ صدور المرسوم الملكي بإعادته ويمارس كامل صلاحياته الدستورية، وتنطبق عليه أحكام هذا الدستور بما في ذلك المتعلق منها باستكمال مدة المجلس وحله، وتعتبر الدورة التي يعقدها في هذه الحال أول دورة عادية له بغض النظر عن تاريخ بدئها".
تأجيل الانعقاد المجلس أو حله أو تأجيل الانتخابات أو التمديد للمجلس الحالي يفترض أن تكون استثناءات، إذا حدثت فإنها ستعتبر إخلالا بالدستور وباللعبة الديمقراطية على رغم أن النصوص تعطي صلاحيات لذلك.
وبعض هذه الإجراءات قد تواجه بحملة انتقادات داخلية وخارجية شرسة، مع الإشارة إلى أن بعض النواب يتمنى التمديد للمجلس الحالي، كما سبق أن طلبوا ذلك، كما نقلت مصادر مطلعة، ما فسر على أن خيار التمديد للمجلس النيابي الحالي قائم، وإن استبعده آخرون، كون صورة الديمقراطية البحرينية الناشئة ستضرب في العمق، ولعل السلطات تختار انتخابات بمشاركة أقل على ألا تجري انتخابات. المغزى من إيجاد مؤسسة تشريعية في العالم هو الحد من صلاحيات الحكام وتقنينها. وتتعزز دولة المؤسسات بوجود قضاء مستقل "السلطة الثالثة"، وصحافة حرة "السلطة الرابعة"، ومؤسسات مجتمع مدني فاعلة "السلطة الخامسة"، عل ذلك يقود إلى قدر أكبر من تحقيق مصالح الأمة
العدد 929 - الثلثاء 22 مارس 2005م الموافق 11 صفر 1426هـ