العدد 928 - الإثنين 21 مارس 2005م الموافق 10 صفر 1426هـ

ملف التجنيس أفرز مشاعر سلبية وجعل المجنسين يعيشون عزلة نفسية

تمام أبو صافي comments [at] alwasatnews.com

تنشر "الوسط" الحلقة الثانية من موضوع "ملف التجنيس" والملابسات التي رافقت بعض بنوده القانونية، حيث شكل موضوع التجنيس نقطة خلاف أثارت الكثير من الاتهامات ومشاعر الاستياء بين شرائح كبيرة من أبناء البحرين، وأصبح محور انقسام عميق لا يمكن اخفاؤه في المجتمع. هناك من وقف ضد التجنيس وندد به وأطلق عليه "التجنيس السياسي" في الوقت الذي تحفظ آخرون على هذه العبارة وإن كانت تستوقفهم كثيرا. ومع انطلاق المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة ملك البلاد واتساع مساحة الحريات المتاحة، كان موضوع التجنيس أحد الموضوعات التي فرضت نفسها بقوة في الحياة السياسية في البحرين وأصبح حاضرا بقوة حتى بات مرادفا للتطلع للمصلحة الوطنية وربما للقمة العيش.

لم يغب التجنيس عن دعايات الكثير من المترشحين لمجلس النواب، بعضهم حملها لكسب المزيد من الاصوات والمشاعر في قضية أثارت الكثير من الجدل وبعضهم حملها كهم أساسي يعايشه على أرض الواقع.

ملف التجنيس فرض نفسه على جدول اعمال مجلس النواب خلال دوري الانعقاد الثاني والثالث وانتهى بتقرير صدر عن لجنة تشكلت من تطال بحساسيته هذه اللجنة اصطدمت في رحلة بحثها بالمادة "45" من قانون المجلس، ما ضيق دائرة البحث وكشف الحقائق - بحسب تعبير بعضهم - في ملف طال بحساسيته أعضاء المجلس انفسهم ترجمت بعبارات لم ترق للكثيرين.

ولكن لا يمكن تناول التجنيس بمعنى شامل من دون النظر إليه كأحد المصالح الوطنية التي حققت العدالة لجميع فئات الشعب البحريني. فقد اسهم وبشكل فعال في قضية الوحدة الوطنية وتعزيزها عندما حسم ظاهرة طويت إلى غير رجعة هي ظاهرة "البدون" التي ظلت تقلب مواجع المجتمع فترة طويلة. فهل نستطيع أن نغرق برفضنا التجنيس إذا تماشى مع القانون ومبادئ حقوق الإنسان ومبدأ المساواة بين الناس بالكرامة الإنسانية؟ وهل يمكن أن نغلق بابا امام دعامة اساسية من أساسيات المجتمع البحريني بمختلف طوائفه الدينية وأصوله العرقية؟

في التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق التي شكلها مجلس النواب، تبين أن الذين حصلوا على الجنسية البحرينية خلال الفترة من 19 مارس/ اذار 2003 حتى 31 اغسطس/ آب من العام نفسه وصلو إلى 7292 فردا. فهل يمثل هذا العدد لب المشكلة؟ وهل يدور الجدل حول هؤلاء أم غيرهم؟

إن أكثر ما يثير استياء الكثيرين هو أن ملف التجنيس أفرز مشاعر سلبية للغاية في أوساط البحرينيين وجعل الحاصلين على الجنسية يعيشون عزلة نفسية وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية. أما الأمر الأخطر من هذا كله، فقد أشاع الحديث عن التجنيس نوعا من المشاعر العنصرية في أوساط البحرينيين الذين عرفوا على مر تاريخهم بالتسامح والتآخي ومشاعرهم القومية الدافئة.

"الوسط" سلطت الضوء على موضوع التجنيس وحاولت الاقتراب من المشكلة عبر الحوار مع شخصيات تحمل وجهات نظر مختلفة عن الموضوع في مسعى إلى عرض الرأي والرأي الآخر، لكي نتمكن من الوقوف على كل وجهات النظر في هذا الموضوع.

يوسف مشعل مواطن بحريني من أصول عربية وتحديدا من بلاد الشام انتقل مع عائلته المكونة من خمسة أفراد - والتي يحمل أفرادها اليوم الجنسية البحرينية - للعيش في البحرين في مطلع الستينات. تلقى تعليمة المدرسي والجامعي في مدارس البحرين ومن ثم انتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية لإكمال دراسته العليا. حصل على درجة الدكتوراه في تنمية إدارة الأعمال العالمية. عاد بعدها إلى البحرين وعمل في أحد المجالات الحكومية قبل أن يبدأ رحلته الخاصة في مجال الأعمال من خلال تأسيس شركة تختص بالصناعات الكيماوية.

مع تدشين المرحلة الإصلاحية رشح مشعل نفسه في الانتخابات البرلمانية لأنه يؤمن بوطنيته وانتمائه وقدرته على الإسهام في الحياة السياسية في البحرين بحسب تعبيره. لم يوفق في شغل أحد المقاعد البرلمانية، لكنه الآن يشغل عضوية مجلس إدارة إحدى الجمعيات السياسية في البحرين. يبدو مشعل أكثر البحرينيين الذين ينتمون إلى جذور عربية اهتماما باذابة الحديث عن الجذور على اعتبار أن الوطن حق للجميع، لأن 35 عاما لا تختزل من حياة أي إنسان مهما كانت جذوره.

"الوسط" حاورت يوسف مشعل في موضوع التجنيس الذي يشعر بشكل أو بآخر بأنه واحد من الذين يمسهم هذا الحديث أيا كان شكله ومحتواه:

ربما تدرك أن التجنيس قضية حساسة تستمد أهميتها من دوافع وطنية لدى شريحة كبيرة من البحرينين، ألا يبدو الحديث عنه من قبل أحد المجنسين إثارة للمزيد من الحساسية ضدهم؟

- دعينا نتكلم عن التجنيس عموما. يتطلب الموضوع تعريفا لبعض المفردات التي أجد أنها ضرورية أولها لفظ المتجنس. هذا اللفظ أصبح غير دستوري. فالدستور استخدم لفظ المواطن بغض النظر عن أصله ودينه ولغته، في هذة المقابلة سأستخدم لفظ المواطن الذي نال شرف الجنسية البحرينية.

واللفظ الثاني الجنسية. فالجنسية رابطة قانونية تتطلب مكونات ثلاثة "شعب، أرض وسلطة" تقيد اندماج الشخص الحاصل على الجنسية مع المواطنين بوصفه من العناصر المكونة للدولة التابعين لها. وهي قانونية لأن القانون هو الذي يحكم بقاءها أو زوالها عن المواطن. والجنسية حق للدولة وحدها والدولة بطبيعة الحال لها الحق في منح الجنسية أو منعها.

واللفظ الثالث هو تعريف المواطن وهو كل شخص يحمل جواز سفر مملكة البحرين، فالحصول على جواز السفر دليل على تبعية الشخص الإدارية للدولة. والمواطنة حق لجميع المواطنين الصالحين الذين عاشوا وترعرعوا على أرض البحرين الطيبة. وهذا طبعا لا يجعل أحدا أفضل من أحد الا بالمواطنة الأصلح والدستور كفل للجميع حقه في العيش الكريم.

أما التجنيس فهو حق، فلكل دولة في العالم الحق في التجنيس لأي سبب من الأسباب تجده مناسبا وضروريا لاحتياجاتها. ولو أخذنا كندا على وجه المثال نجد أن هناك توجها نحو تجنيس مهاجرين لتلبية احتياجات لديها سواء في المجال التعليمي أو لاستقطاب الاستثمارات أو كوادر طبية، إلخ. كذلك هو الأمر بالنسبة إلى دول أخرى تقوم بالتجنيس وفقا لاحتياجاتها، والبحرين ليست بمعزل عن بقية دول العالم.

لقد كان التجنيس قائما منذ العام 1937 وامتد إلى العام 1958 وكذلك في فترة الستينات إذ كان التجنيس يأتي للتعامل مع هجرات من دول مجاورة أو وفقا لمتطلبات الدولة. وقد وضع القانون المناسب للتجنيس الذي حصل من خلاله الكثير من الناس على شرف الجنسية البحرينية، لكن أن يحدث التفريق بين شخص حصل على الجنسية اليوم وآخر حصل عليها في الستينات على رغم استيفاء الجميع شروط القانون وتساويهم في الحقوق والواجبات فهذا ما يحتاج إلى إعادة النظر.

بلاشك أن الذي حصل على الجنسية منذ فترة الثلاثينات حظي بفترة زمنية طويلة تمكن خلالها من تكوين عائلة وأقارب ومعارف. بحكم العامل الزمني فهو يختلف عن الشخص الذي اتى بعده بثلاثة عقود أو أربعة. أصبح الشخص الجديد دخيلا على البلد ولو كان قد جاء بفترة زمنية طويلة لاختلف الوضع كثيرا بالنسبة إلى نظرة المجتمع إليه وإن استوفى الشروط القانونية.

هل تعتقد أن المجتمع ينفرد بهذه النظرة نحو الأفراد الذين حصلوا على الجنسية في السنوات الأخيرة أم أن التعامل مع جذور الشخص يفرض منحى آخر؟

- لا يمكن التعامل مع الأمر كتوجه عام فلو أخذنا الناس الذين كانوا يعيشون في البحرين منذ أكثر من 70 عاما... التقوا شخصا حصل على وثيقة الحكومة للإقامة والتي بموجبها يصبح مواطنا سينظر إليه كدخيل على البلد في ذلك الوقت بغض النظر عما إذا كان وجوده ضروريا للبلاد.

أما ما يسمى بـ "التجنيس السياسي" أو "العشوائي" فلا يبدو معقولا. لأنه لا يوجد ما يمكن تسميته بالتجنيس السياسي. لو أخذنا بهذا المنطق فهل يعنى بالتجنيس السياسي أن أجلب أشخاصا لخدمة أهداف سياسية كالعملية الانتخابية مثلا؟ قد يبدو الأمر معقولا لو كانت السلطة يتم انتخابها ونحن نعلم أن الانتخابات التشريعية الموجودة في البلاد هي الانتخابات البرلمانية وأعضاء البرلمان ليس لديهم الحق بمنح الجنسية وإنما الحكومة هي التي تمنح الجنسية. ولو كان اختيار الحكومة يتم وفقا لعملية انتخابية يمكننا الأخذ بأن الحكومة تقوم بجلب أفراد من خارج البحرين ليقوموا بالتصويت لها في العملية الانتخابية من خلال سن قانون خاص بالتجنيس. إذا ماذا يعنى بالتجنيس السياسي أو التجنيس العشوائي؟ فكل شخص يحمل الجنسية حصل عليها بموافقة ملكية ووفقا لقانون ينظم عملية التجنيس.

لكن النواب الذين تناولوا التجنيس تحدثوا عن مخالفات قانونية لقانون التجنيس؟

- إذا كانت هناك ثغرات في قانون التجنيس فيمكن التعامل معها كثغرات قانونية لابد من تعديلها. ويمكن لمجلس النواب - كسلطة تشريعية - أن يناقش هذه الثغرات ويطالب بتعديلها. أما بالنسبة إلى ما يسمى بالاستثناء فيمكن المطالبة بوضع ظرف يحدد هذه الاستثناءات وفقا لضوابط معينة مثل أن يكون الفرد مستثمرا أو قضى مدة زمنية محددة أو ما شابه، لكن أن نطلق العنان باعتبار فئة معنية من أفراد المجتمع والتعامل معهم كدخلاء فهذا أمر لا يبدو معقولا. وعندما نقول إن هذا التجنيس خاطئ فهذا يعني أن القانون خاطئ، إذا فلنصلح القانون وليس المفهوم. وخلال الأعوام الثلاثة الماضية لم يتم تدارس قانون التجنيس بدقة والبحث في الثغرات في هذا القانون على رغم أن غالبية أعضاء البرلمان حملوه في برامجهم الانتخابية أثناء الترشح. هنا أتساءل: لماذا لم يتم التعاطي مع القانون وتدارسه وطلب إعادة النظر في جوانبه بدلا من وضع الناس الذين حصلوا على شرف الجنسية البحرينية في سلة واحدة والحكم عليهم بأنهم دخلاء على البحرين؟ كيف يمكن تحديد أحقية الشخص في الحصول على الجنسية الا إذا اعتمد القانون بشكل واضح؟

ألا تعتقد أن إثارة موضوع التجنيس مرتبط بتوقيت ومناخ سياسي أسهم في خلق الحساسية تجاه التجنيس عموما؟

- إثارة هذا الموضوع جاءت متزامن مع مرحلة الإصلاحات السياسية والانفتاح والتعددية إذ أصبحت هناك مساحة من الحرية للأشخاص للتعبير عن آرائهم بالدرجة الأولى، وهذا أمر صحي ولا أحد يمكن أن يرفضه. دعينا نعود إلى الفترة الماضية وتحديدا في فترة التسعينات إذ كانت البلد تمر بفترة عصيبة من الناحية السياسية. حينها كان التعامل الرسمي مع الحوادث يتم على أساس أن هناك جماعات مخربة وليس مناضلين وكان هناك أفراد تم منحهم الجنسية بعدما خدموا في بعض المجالات وقدموا عملا شريفا - من وجهة النظر الرسمية - وفي الوقت ذاته لم يكن ينظر إليهم على هذا الأساس من الطرف الآخر. ولو أخذنا بمنطق أن كل بلد له الحق باتخاذ أي إجراء يراه مناسبا وبدوافع أمنية يراها مناسبة سيبدو هذا الأمر معقولا. إذا اختلاف الأجواء السياسة هو ما خلق الاختلاف بالنظر إلى هؤلاء الناس من المجتمع.

ألا ترى أن الحديث يخص فئات معينة دون الأخرى تثير حساسية الناس على رغم أن المجتمع البحريني تمتاز تركيبته بالتعددية العرقية والطائفية؟

- عندما اتكلم عن المجنسين فلا أقصد فئات معنية تنتمي إلى جنسيات محددة، ولكن اقصد الناس الذين حصلوا على الجنسية البحرينية بغض النظر عن لونهم أو مذهبهم أو معتقداتهم. هناك أكثر من 20 ألف مواطن تم تحسين أوضاعهم وحلت مشكلات معقدة بالنسبة لهم. لقد كان يطلق عليهم "البدون" وهذا تشكل نتيجة لتراكم ملفات مرتبطة بقانون العام 1957 وهو إعطاء الإقامة الدائمة للكثير من المهاجرين من دولة مجاورة إذ كانت تتم معاملتهم كبحرينيين من دون أن يحصلوا على جنسية. وجميعنا نتذكر جوزات "أبوسفرة" التي لم تكن كفيلة بوضع حد لمشكلة معقدة بعض الشيء.

جاء التجنيس ليحل مشكلة حقيقية كان هؤلاء الناس يواجهونها، لكن هناك بعض المشكلات مازال يواجهها البعض، إذ إن بعض أفراد هذه العائلات لم يحصلوا على الجنسية إذ إن الأب والأم لديهما الجنسية اما الابن فلم يحصل على الجنسية، هذه المشكلة أضرت بهؤلاء الناس بشكل كبير.

ما المشكلات الحقيقية التي تواجها الآن بعض العائلات التي حصلت على الجنسية البحرينية وخصوصا أنك ذكرت أن هناك بعض الأسر حصل بعض أفرادها على الجنسية ولم يحصل الآخرون؟

- الولاء. فكيف يمكن دفع ابنائك للولاء للوطن إذا لم يحصلوا على جنسيته على رغم أنهم ولدوا وتربوا فيه؟ هذه واحدة من أهم المشكلات التي خلقت بفعل الفئات التي حاربت التجنيس من دون الأخذ بهذه الاعتبارات. أيضا يجب النظر للبحريني بمنظار واحد سواء حمل الجنسية اليوم أو قبل عام. وطالما أنه حصل عليها وفقا للقانون فيجب أن تتم معاملته بصورة متساوية وعدم التقليل من دوره في بناء هذا المجتمع أو التشكيك بولائه.

هل هناك شعور سائد لدى بعض من نالوا شرف الجنسية البحرينية أن انتقاد حصولهم على الجنسية له دوافع طائفية؟

- بلاشك أن هذا الشعور موجود وهذا ما يجب أن يتم تخطيه. يحب ألا يفصل الناس وفقا لمقاييس مختلفة. هذه المقاييس خلفت شعورا بالعزلة لدى الكثير من الناس الذين حصلوا على الجنسية. نعم يشعرون بالعزلة والغربة في وطنهم في الوقت الذي يفترض أن يشعروا بالفخر والانتماء لهذا البلد وهذا المجتمع. كثيرا ما يتم التعاطي معهم وفقا لأصولهم من دون الأخذ بأنهم بحرينيون. لا أود أن استخدم كلمة "التمييز"، ولكنها تفرض نفسها في هذا التعامل حتى من قبل الجهات الرسمية.

لو أخذنا على سبيل المثال وزارات الدولة فلا نجد أي واحد من هذه الفئة يتقلد منصبا رفيعا. هذا تغريب بل نسيان لهذه الفئة على أساس البحث في أصول الشخص على رغم حصوله على الجنسية وفقا للقانون. لقد تكونت لجنة الميثاق وكانت تشتمل على فئات كثيرة من المجتمع ولم تشمل هذه الفئة من الناس. قمنا بعدها بالدخول إلى الانتخابات البلدية وواجهنا مشكلة هل يجوز للمتجنس أن يدخل الى هذه الانتخابات ام لا يجوز، وتم حل هذه المشكلة مع الانتخابات البرلمانية واثير حولها جدل واسع. هذا الجدل أوضح بشكل أو بآخر هذا الخلل في التعامل مع من حصلوا على الجنسية البحرينية. وقدم هذا الخلل مادة دسمة لأقلام بعض الصحافيين الذين زودوا المجتمع بوقود للتعامل مع هذه الفئة كما لو أنهم غير مواطنين.

للأسف الحكومة شجعت هذه العزلة بتعاملها مع من حصلوا على الجنسية من أصول عربية مختلفة، إذ خلقت إحساسا لدى هذه الفئة بأنهم "مواطنون من الدرجة الثانية" وهذه العزلة تتنامى بشكل أو بآخر وهذا ما قد يؤدي إلى مزيد من التعددية الاجتماعية داخل المجتمع الواحد، لأن الشعور بالعزلة يؤدي إلى التكاثف لدى الفئات على أساس أصولها. لو نظرنا الى هذا على المدى البعيد فسنجده لا يخدم أية تركيبة اجتماعية تسعى إلى خدمة مجتمع بكاملة ولن نجد صعوبة في إثبات هذه المشاهدات من العزلة سواء على مستوى العلاقات الاجتماعية أو التعامل اليومي. لا يبدو أن وضع حد لهذه العزلة أمر قريب المنال من دون أن يتم الاعتراف الضمني من الحكومة بحقوق جميع المواطنين أمام القانون من خلال ممارسات عملية على أرض الواقع.

هل ترى أن المجنسين قادرون على التفاعل مع المجتمع والإسهام في بنائه بشكل كبير؟

- نعم، بالتأكيد لأن الذي حصل على الجنسية حصل عليها بفعل رغبة اكيده نتيجة المعايشة والاستقرار والحصول على الرزق بطرق مشروعة. حصوله على جنسية هذا البلد يولد لديه حرصا متزايدا بالحفاظ على الوضع الاجتماعي فيه والإسهام بشكل مقبول أكثر لأنه اختار العيش في هذا البلد ويشعر بواجباته تجاه هذا الوطن الذي سيصبح وطن ابنائه.

بعد الإصلاح تأسست الكثير من الجمعيات السياسية، هل تعتقد ان هذه الجمعيات قد أسست أيضا مناخا للاندماج في الحياة السياسية بالنسبة إلى المجنسين؟

- للأسف لا. وهذا ما استند فيه إلى خبرتي الشخصية. فمنذ بدء تكوين الجمعيات السياسية والتفاعل مع الحياة السياسية في البلاد، فإن الكثير من الناس وأنا واحد منهم حاولنا الدخول في هذه الجمعيات ووجدنا الأبواب دائما موصدة لأن غالبية هذه الجمعيات أسست على أساس تكتلات لفئات وطوائف معينة.

هذا التعاطي مع تشكيل الجمعيات وضعنا كأفراد ينتمون بأصولهم إلى بلاد الشام أمام تساؤل: إلى أي الفئات يجب أن ننتمي؟ كمواطنين حصلنا على الجنسية البحرينية نحمل في قلوبنا ولاء لهذا الوطن وجلالة الملك قبل أي شيء. ولا يمكن تغليب أي ولاء آخر. حاولنا أن نشكل بأنفسنا جمعية سياسية حقوقية لتحمي حقوق المواطنين من هذه الفئة، ولكن هذا التوجه واقعيا سيسهم في زيادة اتساع الفجوة بيننا وبين مجتمعنا والانعزال عنه. وإذ كنا نؤمن بضرورة الانتماء لهذا المجتمع وخدمته بشكل فعال لذلك توجهنا نحو جمعية تمثل حقوق المواطن وهي جمعية ميثاق العمل الوطني وتم انتخابي كعضو مجلس إدارة في الجمعية وعملنا فيها بشكل فعال

العدد 928 - الإثنين 21 مارس 2005م الموافق 10 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً