ربما تشهد البحرين في الوقت القريب أولى التجارب العملية لبدائل الطاقة الكهربائية المتاحة في البحرين، وستقام أول دواليب الهواء الكهربائية و مولدات الطاقة التي تعمل بقوة الرياح نتاج تعاون الحكومة مع شركة أجنبية على هامش معرض المياه في الشرق الأوسط، إذ ستقوم هذه الشركة ببناء هذا الدولاب بغرض التجربة ولعل أن يكتب لها النجاح - من دون مقابل مادي - ويدرس حاليا مكان إقامتها ومن المناطق المرشحة جزر حوار، وهذه التجربة تستحق الملاحظة والاهتمام حقا وخصوصا أننا مقبلين على فصل الصيف وما يعنيه للمواطن وللشركات بل والمؤسسات الحكومية من معاناة الانقطاعات المستمرة والمتكررة للتيار الكهربائي.
لم لا؟ فقد نستطيع حقا تحويل هذه الطاقة الجبارة ونطوعها للقضاء على قصتنا الحزينة مع الكهرباء، فالصينيون المزارعون تعبوا من حمل المياه إلى الحقول فكانوا أول من نظم الري الميكانيكي باستخدام الهواء في ضخ المياه عبر الطواحين المعدة لذلك وكيف أن الفراعنة على زمانهم سيروا السفن العملاقة على أجنحة الرياح، فالتاريخ لا يخلو من الفائدة والتطبيق.
لكن هل تعي الحكومة أن الطاقة خيار استراتيجي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وخصوصا أن بلادنا لم تعد تلك البلاد النفطية التي حباها الله بوافر من الذهب الأسود يقيها شر الزمن، يجب أن يكون الخيار الحكومي في مجال الطاقة يصب في اتجاه تسخير ما تنعم به البحرين من إمكانات طبيعية تجعلها تستفيد من الطبيعة خير استفادة، وربما كان إنشاء مركز وطني يتولى وضع الدراسات بالتعاون مع الجهات الخاصة والعامة بشأن بدائل الطاقة هو أول خطوة على طريق التحرر الكهربائي، ويناط بهذا المركز أيضا عمل التجارب العملية المختلفة التي تستشف من خلالها بدائل الطاقة ذات الإنتاجية الأعلى والممكنة التحقيق بأقل التكاليف، ربما هذا التوجه قد يحمل معه كلفة مادية مرتفعة إلا أنه يرفع الكثير من التكاليف عن كاهل أجيال المستقبل اللذين سيبنون هذا الوطن. فالنظرة الاستراتيجية يجب أن تنظر إلى الأفق البعيد مبتعدا عن النظرة الضيقة التي ترى أن هذا التوجه نحو الطاقة البديلة نوع من العبث وتضيع الوقت والمال وأنه استمرار فيما فشل فيه الآخرون، فهذا الكلام يبعد عن الواقع بكثير فالدول تختلف في مقوماتها وفي حاجاتها وما فشل فيه الآخرون فشلوا فيه لاسباب ربما لا تتوافر في البحرين، نشد على يد مركز البحرين للدراسات والبحوث لتخصيص جهد أكبر في هذا الجانب إلى ان نشهد هيئة مستقلة تبحث هذا الأمر بجدية وبفاعلية أكبر تقودنا إلى الاستغناء عن النفط والشعور بأمن الطاقة الذي نفقده حاليا، ولكي نقوم ببنى تحتية مستقبلية يقوم عليها الاقتصاد.
وإلى ذلك هل نشهد توقف الانقطاعات؟ وهل يكون الذهب الأسود ذهبا يشعر الناس بالسعادة أم ذهبا منتقصا من شأنه؟ إلى أن نشهد دواليب الهواء السحرية قد نملك حينها الاجابة
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 920 - الأحد 13 مارس 2005م الموافق 02 صفر 1426هـ