بدا مجلس الشورى في جلسته أمس أكثر حرصا على سير العمل الحكومي من الحكومة نفسها، إذ عبر عن خشيته من إقحام موظفيها للسياسة في بيئة العمل، وذلك إثر إقراره تعديل لجنته التشريعية على المادة 58 من مشروع قانون الخدمة المدنية التي تمنع موظفي الحكومة من توزيع منشورات أو جمع إمضاءات داخل مكان العمل، وذلك بغض النظر عن مشروعية أهدافها من عدمها. إذ اعتبر أحد الأعضاء بأن "المنشور منشور سواء كان مشروعا أو غير مشروع"، كما أن "بيئة العمل للعمل، ولا صلة لها بالسياسة حتى ولو كانت مشروعة". وذلك في مقابل تنويه الحكومة ممثلة في وزير شئون مجلسي الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل بان المنع المطلق وفق تعديل اللجنة قد يحرم الموظفين من التظلم، فقد كان النص الحكومي يمنع توزيع المنشورات أو جمع الإمضاءات في حال كانت لأغراض غير مشروعة فقط، والذي أكد الفاضل بأنه يستهدف الحفاظ على طبيعة العمل داخل الجهات الحكومية ليتفرغ الموظفون لخدمة المواطنين، وهو المبرر الذي تمسك به مناصرو المنع المطلق بصورة متشددة أكثر من الحكومة، والذي أقره المجلس فيما بعد رغم وجود بعض الأصوات المعارضة، ولكن لعل عدم الانتباه المعهود من قبل الكثير من أعضاء المجلس يدفع بالأمور إلى سبيل مخالف لما يتم الدفاع عنه باستماتة قبل التصويت.
قد يعتبر البعض ذلك تراجعا أو خطوة إلى الوراء تجاه تقييد أسهم في سحق المرونة التي لا تبديها الحكومة إلا نادرا ربما، وبالتالي قد يكون من الأجدى لو يعيد المجلس رؤيته بهذا الشأن، ويخرج بصيغة توافقية تتواءم وحرص المجلس على دقة سير العمل الحكومي، مستغلا كرم الحكومة في إبداء مرونة قد تنفع الموظفين في بعض الأمور "المشروعة"
العدد 907 - الإثنين 28 فبراير 2005م الموافق 19 محرم 1426هـ