لا أحد يعرف لأي سبب يلازم الحظ السيئ الحكومات التي يشكلها رئيس الوزراء اللبناني عمر كرامي. فـ "دولة الرئيس" له مع رئاسة الوزراء حكاية، تبدأ في ظروف معروفة، وتكاد تصبح الظروف التي تنتهي بها معروفة أيضا.
فسيناريو كرامي ورئاسة الوزراء يكاد يعيد نفسه مجددا هذا العام، إذ إنه اضطر في ديسمبر/ كانون الأول 1990 لمواجهة تحديات كبيرة لإعمار البلد الذي دمرته 15 سنة من الحرب الأهلية، فشكل حكومة ملأت "فراغ" ما بعد الحرب، إلا أنه أجبر على الاستقالة في مايو/ أيار 1992 عندما تحول لبنان ساحة للتظاهرات المنددة بغلاء المعيشة. هذه الفترة لم يخف اسم الحريري عنها، إذ كانت استقالة حكومة كرامي "بوابة المليونير" لرئاسة الوزراء، فبعد ستة أشهر فقط من الإطاحة بالحكومة تولى الحريري رئاسة حكومة جديدة. كما اتهم معارضو الحريري بأنه رشى مسئولين كبار في الحكومة وبأنه "أهدى" منزلا فخما للرئيس إلياس الهراوي. غريبة هي الدنيا فعلا "دواره"، إذ إن سيناريو تسلم كرامي الحكومة مطلع التسعينات في ظروف حالكة، وتركه لها في ظروف أكثر حلاكة من دخان يعود للدوران مرة أخرى. ففي كل مرة جاء منقذا من فراغ، وفي كل مرة كانت الطاولة تنقلب عليه، فلا يصل إلى موعد الانتخابات إلا وهو مثخن بجروح معركة لم تكن معركته، ولم يكن له علاقة بها، سوى كونه في موقع رئاسة الحكومة... ويكون بالتالي مجبرا على تقديم استقالته، مع حكومته.
ولكن هل يفعل الرئيس كرامي هذه المرة ما فعله في المرة الماضية، فيخرج من المعركة من دون مواجهة، ويرضخ لقرار الشارع الذي لا أحد يدري لماذا تحرك فجأة في هذا الوقت؟ أم أنه سيرمي الكرة في مرمى من وجهها نحوه؟ هل يبقى مصرا على أن يسقط في مجلس النواب، إذ ينبغي أن تكون النهاية الدستورية للحكومات، أو يكون له من هناك انطلاقة جديدة؟ لننتظر الاثنين فهو من سيعلمنا بالخبر اليقين؟
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ