يروي أحد الأصدقاء أنه ذهب في زيارة لتركيا، وأنه فوجئ هناك بالحياة المتناقضة. ففي الوقت الذي وجد فيه أن العاصمة التركية تضج بالحياة إلى الدرجة التي يكره الإنسان فيها الخروج إلى الشارع، وجد في المدن الساحلية شيئا آخر، حين داعبته نسمات البحر العليلة وامتص جسمه حرارة الشمس الجميلة، ولعبت بعينيه مناظر خلابة للبحر والطبيعة في أبهى صورها.
جلس صاحبنا طويلا يتأمل ويلاحظ ويقارن بين معيشة هؤلاء الناس بصحة وعافية وبين حياة البحريني وهو يقاسي الأمرين بفعل الرطوبة والجو الكئيب، فعجب كيف أن فلانا التركي يصل إلى سن العشرين، فيقف الموت صاغرا أمامه وكأنه وإن تقدم به السن لا يكبر فهو ابن عشرين بينما ما إن يتخطى البحريني سن العشرين حتى لا تفارقه الأمراض فإن لم يمت بفعل مرض جسدي فهو لا شك قاض بسبب التفكير في بيت يعيش فيه ويؤمن به - ولو بشكل نسبي- حياة أبنائه.
وتلك قصة أخرى وجد فيها صاحبنا مدعاة لأن يلطم على وجهه وأن يفتح عينيه من الدهشة. إذ إنه لا يخفى على أحد من الناس أن أسعار الأراضي في البحرين وصلت إلى الدرجة التي لا تجوز معها زيادة وإلا فسيخرج الناس عراة في الشوارع يقتاتون من نبات الأرض كالأغنام.
فحين وجد صاحبنا كل هذا الجمال ولمس الحياة الصحية الناعمة، سأل دلالا فقال له ناصحا: املك بيتا أجمل بك، فرد: فليكن، فقال الدلال: وليكن لك محل تقتات منه، فرد صاحبنا: فليكن، فقال الدلال: ولتكن عندك سيارة تتنقل بها، فرد: فليكن، فقال الدلال تستطيع أن تملك كل هذا بعشرين ألف دينار بحريني، أي أن سعر البيت الذي تود شراءه لا يتجاوز 3 آلاف دينار
العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ