تتنادى الكتل البرلمانية لكي تقيم تعاون الحكومة معها، وهناك من الكتل والنواب من صعد المطالبات إلى عنان السماء، ومنهم من كان هادئا مترويا، ولكن القضية هي القضية، وملخصها أن الحكومة غير متعاونة بالشكل المطلوب مع المجلس الوطني، وبالأخص الغرفة المنتخبة منه، وهو الأمر الذي يلقي على أعضائها حرجا بالغا.
بالرجوع إلى انتخابات العام ،2002 والبرلمان لم يبدأ عمله بعد، والمقاطعون لم تتغلغل أفكارهم أكثر، ومع الزيارات التشجيعية، والحث المتواصل والدعم الرسمي غير المطلوب أساسا، والاتكاء على المناطق التي ترى أن المشاركة على سلبياتها - أفضل من المقاطعة، وعلى "المتفلتين" من إسار تخوين من رأى أن "المقاطعة هي الحل"، لم تفلح هذه كلها إلا في اصطفاف أقل من 54 في المئة من المواطنين في التصويت، وهي نسبة خجولة جدا بعد نسبة الـ 98,4 في المئة "الميثاقية"، وبعدما كان شعار النصف الثاني من التسعينات "البرلمان هو الحل".
لم تمض سنة على بدء البرلمان أعماله حتى بدأت شرائح متكاثرة من المشاركين تنتقد أداء البرلمان، وأطلق عليه "الظاهرة الصوتية"، وهو الوصف الذي منعت وزارة الإعلام تداوله آنذاك، وتصاعد الانتقاد، وبات "الكفر" بالبرلمان "وليس بالتجربة البرلمانية" أقرب منه إلى الإيمان، عزز ذلك استماتة البعض على المصالح الشخصية، والفشل في الملفات الأوضح من الشمس والأكثر سخونة من أفران الصهر، وحمل الملفات المناطقية إلى المجلس، وروائح الطائفية النتنة التي فاحت من بين أعطافه.
إن أرادت الحكومة أن تفشل "برلمان 2006"، وأن تتدنى نسبة المشاركة في التصويت إلى ما دون الـ 50 في المئة، لكي تخرج بنتيجة أن الناس لا يريدون الديمقراطية وممارسة التشريع؛ فلتستمر فيما هي عليه اليوم من إحراج للمجلس، ولن تفيد معه عندئذ أية زيارات أو تحركات أو حتى أوامر بالتصويت
إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"العدد 900 - الإثنين 21 فبراير 2005م الموافق 12 محرم 1426هـ