لقد قيل الكثير، وكتب الكثير في ظرف الأيام الأربعة الماضية منذ اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، وذلك في شأن الجهات التي من المحتمل التورط في اغتياله، ومصالحها. وأيا ما كانت هذه الجهة، عملاء أميركا، أم عملاء سورية، تلك الجماعة المجهولة التي ادعت مسئوليتها عن حادث تفجير يوم الاثنين الماضي، فإن النتائج التي تلوح إلى الآن لا تقول إلا نتيجة واحدة، بأن هذا الحادث سيقود حتما إلى تدخل في المنطقة تحت مظلة القرار 1559 الذي تحاول الولايات المتحدة اليوم أن تستنسخه لتوزعه في رحلات مسئوليها المكوكية على العواصم التي ستناقش معها كيفية تصفية الملف السوري في لبنان، متخذة من جريمة الاثنين رافعة مهمة للتدخل الدولي، وهي التي لم تتدخل في حوادث اغتيالات سابقة في هذا البلد "لبنان" أو في أي بلد آخر، على اعتبار أن ذاك لا يعدو شأنا محليا.

في هذا السبيل، قد تكون سورية متورطة، أو غير متورطة في حادث الحريري، فهذا لا يهم الآن كثيرا، الأهم منه كيف ستواجه دمشق استحقاق 1559 وهي التي أسهمت في صوغه من حيث لا تدري بممارستها لسياسة "ثقيلة" في لبنان بينما العيون الدولية "الأميركية خصوصا" موجهة إليها وتنتظر منها أي خطأ ترتكبه حتى تنفذ منه إليها؟ وكيف يمكنها قراءة الصوت المتعالي في المعارضة اللبنانية الذي استحال من الهمس إلى المجالس الخاصة، ومنها إلى المطالبة جهرا برحيل قواتها من الأراضي اللبنانية؟

دمشق وهي تواجه محطة اختبار صعبة، عليها أن تقرأ التاريخ القريب لشقها البعثي العراقي، وتدرك الأخطار المحدقة ليس بها وحدها، ولا بنظامها الحاكم، بل وأيضا بالمنطقة، فكما كان النظام العراقي قنطرة الأميركيين إلى المنطقة من حيث كان يخطط لـ "أم المعارك"، فالأمل ألا يقع النظام السوري في "أم المصائب" فيجلب إلى المنطقة القوات التحالفية من هذه البوابة